55 عاما من العمل بدون غياب ولا إجازة.. "الفجر" يحاور أم محمد (شخصية العام) بجدارة وتكشف أغرب وصية لها

محافظات

محافظ بور سعيد يقبل
محافظ بور سعيد يقبل رأس أم محمد


كرم اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، اليوم السبت، أقدم حارسة بإحدى مدارس بورسعيد الخاصة منذ 55 عاما.

التقت "الفجر" بأم محمد لتبدأ حوارها: "لم أخذ يوما إجازة خلال فترة عملي بالمدرسة 55 عاما.. اسمي عوضة مسعد وينادونني بـ "أم محمد"، وأكملت: بحس ببلاط المدرسة وطلبت من ولادي جنازتي تمر عليها".

وعند سؤال الفجر لها عن سر ابتسامتها التي لا تغادر وجهها قالت: "لا تغب الابتسامة عن وجهي فى وجه الأطفال طلاب ومدرسين المدرسة وأولياء الأمور، يحبني أطفال المدرسة ويأتى إلي الرجال والنساء ممن تخرجوا من المدرسة يذكرونني بأنني أول من استقبلهم فى المدرسة، وآخر من كانت أعينهم تقع عليها وهم ذاهبون لمنازلهم".


واسترسلت فى حوارها قائلة: "تم تهجير أهالى بورسعيد لكنى لم أترك المدينة وكنت أفتح المدرسة وأجلس بأطفال المستبقين فى بورسعيد وعندما توفي زوجي وعمري أقل من 30 عاما تحملت المسؤلية كلها وكنت الأب والأم لابنتى وابنى".

وقالت أم محمد: "أستيقظ من النوم فجرا فأصلي ويأتي سائق "الأبونية" يأخذنى إلى المدرسة وتدق يدي أبواب المدرسة فى الساعة الخامسة صباحا وأقوم بفتح الأبواب وتنظيف المكاتب وأستعد لبدء يوم جديد أستقبل أبنائي من الطلبة والطالبات، وأضافت أم محمد: "هناك عشق متبادل بينى وبين كل شىء فى المدرسة حتى أصبحت كالهواء الذى أتنفسه لا أستطيع العيش بدونها فالجدران والفصول و"التخت" والكراسي حتى البلاط أشعر بهم ويشعرون بى هذا إحساسي فلو بلاطة واحدة تخلخلت من مكانها لشعرت بأن هناك وجع فى جسدي بأكمله، وكأنه ميرات لكن بمسؤلية وهكذا كنت الحارس الأمين على المدرسة".

تابعت أم محمد: "زوجي كان يعمل سباكا فى إحدى المدارس وتوفي وعمري أقل من 30 عاما وترك لي طفلة وطفل " وكانت المسؤلية كبيرة بالنسبة لى فقلت لنفسى أن أنزل للعمل والشغل "مش عيب" وبالفعل عملت حارسة بإحدى المدارس الخاصة وحتى الآن مر على شغلي فيها 55 عاما لم أغب يوما واحدا عن المدرسة فهي "حتة" مني، وقالت: "عمر عدى" لم أشعر به، لكن الدنيا زمان كانت جميلة.

وأردفت: "أولادي كبروا وطلبوا مني أن أترك العمل ولكني رفضت فالحمد لله أنا ربيتهم أحسن تربية وتزوجوا لكن ما زال هناك أولاد صغار يحتاجونني فى المدرسة فارتباطي بالمدرسة لم يكن بمكان فقط بل ومشاعر لا أفقدها أبدا.. يذهب جيل ويأتي جيل وهكذا أستقبل كل الأجيال فأولادي ممن تخرجوا من المدرسة منهم الطبيب والمهندس والمحامي والضابط والمدرس، ومازالوا يتذكروني ويأتون لزيارتى فى المدرسة وأكون سعيدة جدا بهم بل ويلحقون أبنائهم بالمدرسة".

واختتمت أم محمد: "وصيتي هي عندما أموت يمرون بنعشي من أمام المدرسة، لأنه سيكون اليوم الوحيد الذي غبته عن المدرسة فأنا لم آخذ ولا يوم إجازة منذ أن عملت بها ولا في أيام الدراسة ولا في الصيف فترة الإجازة قلت لأولادي: "لما أموت مشوا نعشي من أمام المدرسة وسوف تشعر روحي بذلك، فأنا سألت مدير المدرسة هل من الممكن أن يتم دفني في المدرسة، ابتسم وقال لي بعيد الشر عليكي.. وطبعا لا".