في دراسة تحليلية.. نائب رئيس مجلس الدولة: السيسي يحرص على استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه
أجرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بمناسبة عيد القضاء دراسة تحليلية حديثة بعنوان "الواقعات الخمس فى فكر الرئيس السيسى شكلت منهج الدولة للقضاة فى عيدهم" حيث عرض القاضى المصرى للواقعات الخمس بترتيبها الزمنى منذ عام 2015 حتى عام 2021 محللًا دلالتها فى كل مرحلة تضمنتها ثم تحدث القاضى الفقيه عن الدلالات الموضوعية للواقعات الخمس فى فكر السيد الرئيس ومنهج الدولة تجاه القضاة بحرص الرئيس على استقلال القضاء وعدم التدخل فى شئونه وأن الرئيس يحارب الإرهاب ويعمر بالتنمية ويرسى دعائم القانون الناجز، ويؤمن أن القضاء فى كل أمة من أعز المقدسات وسياج الحقوق والحريات وحصن الحرمات وأن ثقة الرئيس فى القضاء تؤكد عبء المسئولية وعظمها على السلطة القضائية فى مكافحة جذور الإرهاب وبراثن الفساد وإقامة العدالة لطمأنينة نفوس الشعب، وهو ما نعرضه فى ست نقاط تالية:
أولا: الواقعة الأولى 11 يناير 2015 بمقر محكمة النقض أكد الرئيس فى عيد القضاء على استقلاله وبالنأى عن أى شبهة للتأثير على أحكامه أو التدخل فى شئونه:
يقول الدكتور محمد خفاجى إن الواقعة الأولى فى 11 يناير 2015 بمقر محكمة النقض أكد الرئيس السيسى فى كلمته التى ألقاها فى عيد القضاء، بقاعة عبدالعزيز باشا فهمى بدار القضاء العالى فى عيد القضاء على استقلال القضاء وعلو مكانته وبالنأى عن أى شبهة للتأثير على أحكامه أو التدخل فى شئونه، وأن الرئيس السيسى أشار إلى نقطة دقيقة عن فكرة تحسين العدالة بتنقية القوانين حينما حرص على أن تكون أول القرارات الجمهورية التى أصدرها هو قرار بتشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعى التى تهتم بدراسة وبحث مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية وقرارات رئيس الوزراء اللازم إصدارها أو تعديلها تنفيذًا لأحكام الدستور.مؤكدا حرصه على استقلال القضاء وعلى مبدأ سيادة القانون وأهمية القضاء القائم على تطبيقه.
ثانيًا: الواقعة الثانية 29 يونيه 2015 فى ليلة اغتيال النائب العام ودعوة الرئيس للقضاة بالقانون الناجز فى مواجهة الإرهاب:
يقول الدكتور محمد خفاجى إن الواقعة الثانية فى فكر السيد الرئيس تجاه القضاة يظهر بكل حزم فى 29 يونيه 2015 ليلة اغتيال النائب العام، ودعوته لهم بإعمال القانون الناجز فى مواجهة الإرهاب، موجهًا حديثه إلى القضاة قائلًا لهم: ( هؤلاء الناس مينفهمش معاهم إلا القانون الناجز ) ثم قال جملة تنم عن تقديره العميق لرجال القضاء مخصصًا حديثه عن ماذا يعنى النائب العام فى مصر ؟ فقال: ( أنتم عارفين يعنى إيه النائب العام، أنا أقولكم بالنسبة لى النائب العام هو صوت مصر، يعنى إللى ضرب بيسكت مصر، مش هو الادعاء-- مصر محدش يقدر يسكتنا لكن منقدرش نعمل دة إلا بالقانون) وهو تعبير ينم عن مدى احترام الرئيس لسيادة القانون حماية لمصر والمصريين.
ثالثًا: الواقعة الثالثة 23 أبريل 2016 حرص الرئيس على تأكيد استقلال القضاء، ومصر لا تعرف شبهة التأثير على أحكام القضاء أو التدخل في شئونه.
يقول الدكتور محمد خفاجى إن الواقعة الثالثة فى 23 أبريل 2016 حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي للمرة الثانية على التأكيد على استقلال القضاء، ومصر لا تعرف شبهة التأثير على أحكام القضاء أو التدخل في شئونه. حيث ألقى كلمته بمناسبة الاحتفال بـيوم القضاء في دار القضاء العالي، أكد خلالها على استقلال القضاء في مصر، وقال إنه ينأى بنفسه وبجميع المسئولين عن أي شبهة للتأثير على أحكام القضاء أو التدخل في شئونه.
وأضاف الدكتور خفاجى أن الرئيس أكد على علاقة الأمان بالبناء والتنمية ودور القضاء فى طمأنة الشعب وبيان الحق والواجب وعلاقتهما بسيادة القانون والنأى بنفسه وبكافة المسئولين عن أى شبهة للتأثير على أحكام القضاء أو التدخل في شئونه بقوله: ( إن استقلال القضاء ركيزة أساسية من ركائز دستورنا ومجتمعنا ومنهج في الحكم ألتزم به وسألتزم به دائمًا عن إيمان ويقين، ولقد حرصت منذ تحملى المسؤولية على التأكيد على استقلال القضاء، واليوم أؤكد مرة أخرى تمسكي بأن أنأى بنفسى وبكافة المسئولين عن أى شبهة للتأثير على أحكام القضاء أو التدخل في شئونه.)
ويضيف د خفاجى أن الرئيس عرض لنقطة دقيقة فاصلة لأهمية دور القضاء الوطنى تجاه قضايا مجتمعه وتحرره من أى نزعات عقائدية أو سياسية بقوله (أن القضاء المصرى بتراثه القانونى الراسخ وخبرات شيوخه وإيمان شبابه بقيمه ومبادئه قادر على التفاعل مع معطيات مجتمعنا وحركة تاريخه وأحداثه المصيرية وكل ما يهدد كيانه الوطنى بعيدا عن أي انحيازات عقائدية أو سياسية.)
رابعًا: الواقعة الرابعة فى 2 يونيه 2021 بإصدار الرئيس السيسى (7) قرارات تاريخية على قمتها تحديد موعد الأول من اكتوبر عيدًا للقضاء المصرى وتعيين المرأة بالنيابة العامة ومجلس الدولة.
يقول الدكتور محمد خفاجى أن الواقعة الرابعة فى 2 يونيه 2021 فى عقل الرئيس عبد الفتاح السيسى تتمثل فى إصداره (7) قرارات تاريخية على قمتها تحديد موعد الأول من اكتوبر عيدًا للاحتفاء بالقضاء المصرى، حيث وضع الرئيس السيسي تاريخ الأول من أكتوبر كل عام ليكون عيدًا سنويًا للقضاء المصرى، وذلك فى أول اجتماع ترأسه بصفته رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية، بعد التعديلات الدستورية ليكون ذلك التاريخ عيدًا ثابتًا على مر الزمن للقضاء المصرى بعد أن توقف من عدة سنوات باستثناء الاحتفال الذى حضره الرئيس السيسي، وألقى فيه كلمة للقضاة بمناسبة الاحتفال بعيدهم بدار القضاء العالى فى يوم السبت 10 يناير 2015 عقب أن تحمل عبء المسئولية فى منتصف عام 2014، ثم كان الاحتفال الثانى يوم السبت 23 أبريل 2016 بدار القضاء العالى أيضًا.
وقد أصدر الرئيس سبعة قرارات تاريخية تشكل علامة مضيئة على طريق العدالة وهي: بدء عمل العنصر النسائي في مجلس الدولة والنيابة العامة اعتبارًا من 1102021 واعتبار يوم الأول من أكتوبر من كل عام يومًا للقضاء المصري ،توحيد المستحقات المالية بين الدرجات المناظرة في الجهات والهيئات القضائية الأربعة (القضاء العادى – مجلس الدولة –النيابة الإدارية – قضايا الدولة) وعدم تكرار أسماء المقبولين للتعيين في الجهات والهيئات القضائية اعتبارًا من خريجي دفعة عام 2018 بالنسبة لمجلس الدولة والنيابة العامة، ومن خريجي دفعة 2013 بالنسبة لهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة. وإمداد هيئة قضايا الدولة بأسباب عدم قبول طالب التعيين في الوظائف القضائية لتقديمها إلى جهة القضاء في الدعاوي المنظورة. وعدم تكرار ندب العضو القضائي الواحد في أكثر من جهة – عدا وزارة العدل – مع وضع سقف زمني لمدة الندب. والموافقة على إنشاء مدينة العدالة بالعاصمة الإدارية وعلى كل جهة وهيئة قضائية موافاة وزارة العدل بطلباتها.
وعند التدقيق فى القرارات السبعة المذكورة نجد أن الرئيس قصد تحقيق عدة أهداف منها تحقيق التنسيق والتعاون بين الجهات والهيئات القضائية بالتوازى مع النهوض بالشأن القضائى، وتحقيق أكبر قدر من المساواة بين الرجل والمرأة في تولى الوظائف القضائية في جميع الجهات والهيئات القضائية، والمساواة فيما بين النظراء في كل جهة وهيئة قضائية فى المعاملة المالية بحيث لا تكون هناك حاجة لرفع الدعاوى للوصول إلى هذه المساواة، كما أنها تفعل مبدأ تكافؤ الفرص وتعزز من فرص الالتحاق بالوظائف القضائية بمنع التكرار في التعيين، وتتيح الشفافية لمعرفة أسباب استبعاد بعض طالبي التعيين. فضلا عن أن النقل إلى العاصمة الإدارية حدث يؤكد أن القضاء فى قلب وعقل السيد الرئيس.
خامسًا: الواقعة الخامسة 12 يونيه 2021 بمقر المحكمة الدستورية العليا أكد الرئيس على أهمية المؤسسات القضائية في مواجهة ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف والأطر القانونية المستجدة وعرض للتجربة المصرية فى محاربة الإرهاب بالتوازي مع جهود التنمية الشاملة:
يقول الدكتور محمد خفاجى أن الواقعة الخامسة فى عقل السيد الرئيس فى 12 يونيه 2021 بمقر المحكمة الدستورية العليا حيث أكد الرئيس على أهمية المؤسسات القضائية في مواجهة ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف واستحداث الأطر القانونية المستجدة ويبين التجربة المصرية فى محاربة الإرهاب بالتوازي مع جهود التنمية الشاملة، حيث يصل للفكر العالمى عن شئون العدالة أخذًا في الاعتبار التأثير المدمر لظاهرة الإرهاب على مقدرات الدولة ومكتسباتها.
ويضيف د خفاجى أن الرئيس أكد على التجربة المصرية بأن مصر حاربت الإرهاب بالتوازي مع جهود التنمية الشاملة، وأن الجهود القضائية أصبحت تكتسب أهمية خاصة في ضوء التحديات التنموية التقليدية، وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب، وكذلك التحديات ذات الطبيعة الخاصة، التي تواجهها الدول النامية، وفي مقدمتها الدول الأفريقية، في عالم ما بعد جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن وجود استراتيجية قضائية متناغمة في هذا الإطار من شأنه إرساء توافق قانوني يسهم في الارتقاء بدور الدول والمجتمعات الأفريقية في التعامل مع تلك التحديات.
سادسًا: الدلالات الموضوعية للواقعات الخمس فى فكر السيد الرئيس ومنهج الدولة تجاه القضاة:
يقول الدكتور محمد خفاجى أن التعمق فى الواقعات الخمس فى فكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى (2015-2021) يجعلنا نقنع بأن الرئيس قام بواجبه وأرسى بقراراته العتيدة الحجر الأساس فى استقلال القضاء المصرى وتعزيز مفاهيم الشفافية وتوكيد معانى المساواة والتصون للقيم ذات التراث القضائى على أرفع مستوى، كما أن التمعن فى تلك الواقعات الخمس فى عقل الرئيس السيسى يجعله من الرؤساء الذين أدركوا بيقين أن القضاء فى كل أمة من أعز المقدسات وسياج الحقوق والحريات وحصن الحرمات فهو يوقر قضاتها ويصون استقلالهم فى أداء واجبهم، فالعدل أساس الملك، والرئيس ينتهج نهجا رشيدا يتمثل فى أن القضاء الصالح القوى هو الذى يسير من داخله وبين رجاله على مبدأ سيادة القانون ولا يرتكن فى تصرفاته إلا على جناحين من القانون والعدالة، والرئيس يحمل أكبر قسط من المسئولية فى التمكين لمبدأ سيادة القانون، ويؤمن أن سيادة القانون هى الضمان الأخير لحرية المواطن وأن القانون فى المجتمع يجب أن يكون تجسيدا لما استقر فى ضمير المجتمع من القيم الإنسانية والحضارية.
والرأى عندى أن القضاء هو الدرع الواقى للوطن وملجأه الأمين ضد المظالم، وأن نهج السيد الرئيس يقوم على مراعاة حقوق المواطن تجاه المسئولين وأثبت عهده أنه ليس فى مأمن من المسئولية من الوزراء والمحافظين تطيش منه السهام مهما علا وتتحكم فيه النزق فى بعض الرؤوس ليفرح بعضهم بالسلطة العامة ممن لا تتسع نفسه لتقديرها فيركب مركب الشطط ويطبق القوانين واللوائح بما يخرجها عما وضعت له من وجوب حماية الناس وصون حقوقهم بشرط جوهرى لا يمس الأمن القومى للبلاد.
ولا ريب أن هذه الواقعات الخمس فى فكر السيد الرئيس تشكل منهج الدولة للقضاة فى عيدهم، وهى أمور لها دلالاتها الموضوعية شاهدة على تقرير مبدأ عالمى هو مبدأ استقلال القضاء وعدم التدخل فى إدارة شئون العدالة، وكما يقول الأديب الفرنسي المعروف " أورنوريه دى بلزاك " أحد أهم رواد الأدب الفرنسى فى القرن التاسع: (أنه ليس في الوجود من قوة بشرية مَلِكًا كان أو رئيس وزراء أو وزيرًا يمكن أن تجور على سلطة القاضي--- القاضي الذي لا يحكمه شيء إلا ضميره والقانون.) ومن ثم فإن فلسفة فكر الرئيس السيسى تقوم على نهج فلسفة سيادة القانون، فالحاكم والمحكوم ينصاع كلاهما لحكم القانون فلا سلطان يعلو على سلطان القانون مادام القانون لحماية المجتمع وأمنه القومى.
ويختتم الدكتور محمد خفاجى إن الواقعات الخمس فى فكر السيد الرئيس تؤكد عبء المسئولية وعظمها على السلطة القضائية بمختلف مكنوناتها ومفرادتها، ذلك أن قضاة مصر لهم دور كبير فى مكافحة جذور الإرهاب وبراثن الفساد، متسلحين بتقاليد عريقة وقيم نبيلة هديًا لهم على طريق الحق والعدل بصدد مسئولية إقامة العدالة بما يشيع الطمأنينة فى نفوس المتقاضين، وهم بذلك يرسون القيم ويقرون المبادئ الرفيعة فى محراب العدالة لتحقيق المساواة بين الناس، كما أن للقضاة لهم دور كبير وعظيم في التصدي للإرهاب الواقع من الجماعات التكفيرية الذين يستغلون الدين لتحقيق ماَرب سياسية ويريدون هدم البلاد من أجل مصالحهم وأفكارهم المتطرفة والمنحرفة عن صحيح الدين، وسجلت عدسة الزمن لنا فى ذلك أحكام قضائية عديدة أصدرناها رسخت لمفاهيم الوطن وحمايته من أدعياء الدين ومنع استغلاله فى السياسة فى جميع الفترات العصيبة التى مرت على بلادنا منذ ثورة يناير 2011 ومرورًا بفترة حكم الجماعة الإرهابية وبعد ثورة 30 يونيه 2013 وحتى اليوم، كنا فيها ثابتين على منهج الوطنية لم نهب فيها أحدًا إلا الله، ولم نبغ منها سوى رضاء الضمير القضائى العلمى والضمير الوطنى، إن رضاءهما من توفيق ورضا الله وهو أثمن وأسمى ما فى الوجود.