بعد محاولة الانقلاب في السودان.. "الفجر" يحاور اللواء أمين مجذوب الخبير الاستراتيجي والعسكري
يشهد السودان العديد من محاولات الانقلاب منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، في ظل مساعي جماعة الإخوان والعناصر الموالية لنظام البشير لاستعادة مقاليد الحكم وإرباك الحكومة ومجلس السيادة، عبر افتعال أعمال شغب وفوضى مستغلين حالة الاحتقان بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية جراء تراكم الأزمات التي تجاهلها نظام البشير خلال 30 عامًا من حكمه للبلاد.
ومنذ أيام قليلة، نظم عدد من الضباط بالقوات المسلحة السودانية محاولة انقلاب جديدة، ولكن نجحت السلطات السودانية في السيطرة عليها، ولذا أجرت "الفجر" حوارًا صحفيًا مع اللواء دكتور أمين إسماعيل مجذوب الخبير الاستراتيجي والعسكري السوداني للوقوف على آخر التطورات.
وإلى نص الحوار...
- كيف ترى محاولة الانقلاب الأخيرة؟، وهل هناك جهات خارجية تقف خلف تلك المحاولة؟
إن محاولة الانقلاب الأخيرة قام بها عدد من الضباط بالقوات المسلحة الغاضبون من الأوضاع المعيشية والاقتصادية خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها السودان، حيث كانت تهدف تلك المحاولة لتقويض المرحلة الانتقالية والاستيلاء على السلطة.
ولا يوجد تورط لجهات خارجية في محاولة الانقلاب الأخيرة، وهناك بعض المكونات السياسية الداخلية التي تحاول استغلال الأوضاع الحالية وحالة الاحتقان الاقتصادي والسياسي؛ من أجل إرجاع نظام البشير لما كان عليه سابقًا، خاصة في ظل تضرر تلك الجهات من ثورة ديسمبر المجيدة بشكل كبير.
- وماذا بشأن محاولات الانقلاب الكثيرة التي تضرب السودان؟
السودان مر بـ3 محاولات انقلابية منذ قيام الثورة من قبل القيادات العسكرية الموالية للإخوان داخل المؤسسة العسكرية، أحدها نفذها رئيس الأركان السابق الفريق أول هاشم عبد المطلب، وهم الآن جميعا تحت المحاكمة، وهذا لا يعني أن هناك تساهل من المؤسسة العسكرية.
- لماذا لم تطهر القوات المسلحة السودانية صفوفها من العناصر الموالية للبشير؟
عملية الإصلاح وتطهير صفوف القوات المسلحة من العناصر التابعة للنظام السابق هي عملية فنية معقدة، وهناك بعض العناصر الذين تم استيعابهم داخل القوات المسلحة بطريقة غير معروفة عقب الإطاحة بـ"البشير" مثل الفنيين.
- هل تستغل بعض الأحزاب السياسية حالة الاحتقان لنشر الفتنة بين المواطنين؟
بعض الجهات الداخلية تحاول الاستفادة من السلبيات والأخطاء الموجودة في الفترة الانتقالية، وتراجع الأوضاع الاقتصادية والسياسية، من أجل عودة الأمور لما كانت عليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير، وقطع الطريق أمام الحل السياسي بين قيادة الجيش وقوى الحرية والتغيير.
- هل يشهد السودان انقسامًا جديدًا بعد أحداث شرق السودان؟
الأوضاع في شرق السودان بدأت تتأزم عقب اعتراض بعض القبائل مثل قبيلة الهدندوة أحد فرع قبائل البجا، على المجموعة التي تفاوضت باسم شرق السودان خلال مفاوضات السلام التي أسفرت عن توقيع اتفاق في أكتوبر 2020.
والتأني في التعامل مع الاضطرابات الأولى والتأخير في تلبية مطالب الاحتجاجات، ساهم في تصعيد سقف المطالب لتشمل إلغاء الوثيقة الدستورية وحل الحكومة ولجنة التمكين بعدما كانت محصورة على مطالب محلية تتعلق بالخلافات حول ممثلي المنطقة في اتفاق السلام.
وإن الاحتجاجات في الإقليم الشرقي تأزمت عقب ظهور اضطرابات عرقية بين قبائل وأخرى سواء في كسلا أو بورتسودان، ثم تطورت لتخرج من وضعها ومهامها الاجتماعية إلى السياسية، مما تسبب في تعقيد المشهد، والذي يتمثل في إغلاق الميناء الرئيسي في بورتسودان ومطار المدينة وخط أنبوب النفط الناقل للمشتقات البترولية لمدن السودان الأخرى.
- ما تعليقكم على البيان الذي أصدره المجلس الأعلى لنظارات البجا؟ وهل هناك انقسام داخل المجلس؟
إن بيان مجلس نظارات البجا هو بيان تعسفي، والمطالب التي وضعها غير منطقة، حيث لا يوجد حكومة بالعالم تحل نفسها من أجل مجموعة قبلية مهما كان عددها أو تأثيرها.
ومازال لصوت العقل الكلمة العليا في التعامل مع هذه الأزمة، عبر محاولات حلها بطرق سلمية عن طريق التفاوض وتلبية ما يمكن تطبيقه من المطالب دون الانتباه إلى المطالب التعجيزية، وأن هذا العمل وراؤه جهات سياسية تعمل على تأجيج الأوضاع خلال الفترة الانتقالية.