لماذا غابت شمس البطولات عن منتخب مصر ؟ "أسباب وحقائق"

الفجر الرياضي

منتخب مصر
منتخب مصر


 

 

 

يخوض المنتخب المصري مواجهة هامة أمام نظيره جزر القمر، الاثنين المقبل، ضمن منافسات الجولة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الإفريقية 2022، على ملعب ستاد القاهرة الدولي.

 

ورغم حجز منتخب مصر مقعدًا بالبطولة الإفريقية المقبلة، بعد التعادل مع منتخب كينيا في اللقاء الذي جمعهما منذ أيام، إلا أن أداء نجوم الفراعنة أثار غضب وقلق الجمهور المصري، وسط شكوك على قدرة هذا الجيل في استعادة اللقب الإفريقي، الذي أبتعد عن مصر منذ عام 2010، عندما نجح آنذاك منتخب مصر في حصد البطولة 3 مرات على التوالي، لتكون مصر أكثر منتخب حقق اللقب برصيد 7 بطولات وبفارق بطولتين عن أقرب المنافسين الكاميرون.

 

لكن يبقى السؤال الأهم: ما الذي ينقص الجيل الحالي لمنتخب مصر ليحقق مسيرة ناجحة؟

 

جيل أقل من منتخب الساجدين

 

يقول الناقد الرياضي محمد بدوي إن الجيل الحالي لمنتخب مصر أعاد الجمهور إلى أرض الواقع، حيث أنه جيل عادي، بعدما كان جيل "الحضري ووائل جمعة" يكسر كل التوقعات، ويحقق أكثر مما يتوقعه المشجعون.

 

ويضيف بدوي لموقع "الفجر الرياضي": "الجمهور المصري كانت لديه قناعة ثابتة بأن المنتخب يمكنه تقديم أداء قوي بجانب النتيجة، وتلك الثقة بُنيت عبر السنين والمباريات، حصد 3 بطولات إفريقية على التوالي، بالإضافة إلى تقديم عروض قوية أمام المنتخبات الأقوى في العالم، مثل: البرازيل وإيطاليا وإنجلترا كان كافيًا لكسب ثقة الجمهور، وبعد اعتزال عناصر الجيل الذهبي للمنتخب، كان الجمهور على موعد للرجوع إلى أرض الواقع، مع جيل يقدم الطبيعي، وربما أقل من الطبيعي في كثير من المناسبات مثل بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة، التي أقيمت على الأراضي المصرية، وشهدت خروج نجوم الفراعنة من الدور الـ16".

 

كما يتابع: "الفريق في المستوى الفني والإنجازات، قلل من دعم الجمهور المصري للاعبين الجيل الحالي، ومن إخفاق إلى آخر، أصبحت مباريات المنتخب بلا روح، المشجعون يعلمون جيدًا أنه بنسبة كبيرة ما سيشاهدونه لا يليق بقيمة منتخب الفراعنة، وأنه حتى لو تحقق الفوز، سيكون بأداء ضعيف، وعبر لقطة واحدة مضيئة وسط شريط متواصل من المحاولات منزوعة الخطورة".

 

ويرى الناقد الرياضي أن متوسط أعمار الجيل الحالي للمنتخب المصري الذي يقترب من الـ28 عامًا، وهو العمر الأقرب لأفضل مستوى قد يصل إليه أي لاعب، فإذا كانت تلك الفترة تشهد إخفاقات، فما الذي سيحدث بالأعوام المقبلة؟!

 

وفي السياق ذاته، يردف بدوي: "هناك مصطلحات لا يمكن التعبير عنها كرويًا بشكلٍ مباشر، لأنها تتكون من أكثر من جانب، لكن بلغتنا البسيطة نطلق عليها "الروح داخل الملعب" والاستماتة على حصد الفوز، التي تعكسها خلق فرص حقيقية على مرمى الخصم، وإيقاف خطورة المنافس، والفوز في الالتحامات الهوائية والأرضية، وغيرها من التفاصيل التي تؤكد استحقاق أي فريق لحصد البطولة على حساب الآخرين".

 

الأرقام لا تكذب

 

نجح المنتخب المصري أمام منتخب كينيا في اللقاء الأخير، في خلق ثلاث فرص حقيقية فقط على مرمى الخصم، نجح في تحويل واحدة فقط إلى هدف، بينما تمكن المنتخب الكيني من خلق 16 فرصة على مرمى المنتخب المصري، وأحرز هدفا وحيدا، مما يؤكد أن منتخب الفراعنة ضعيف على المستوى الهجومي والدفاعي معًا، وأن مستوى الفريق الحالي لا يضمن حظوظ فوزه على كبار القارة الإفريقية ولا حتى صغارها.

 

وعلى مستوى استخلاص الكرة، نجح المنتخب المصري في 96 محاولة، بينما تمكن المنتخب الكيني في 90، مما يشير إلى عدم قدرة المنتخب على الاستحواذ على كرة بشكلٍ جيد، وأن الفراعنة لا يستطيعون فرض سيطرتهم على المنافس، الذي كان في تلك المباراة المنتخب الكيني، والذي يعد أضعف بكثير من نظيره المصري من حيث التاريخ ومستوى جودة عناصر الفريق.

 

ويختم بدوي: "الجيل الحالي يضيع عديد من الفرص من أجل العودة إلى الطريق الصحيح، وكسب ثقة الجمهور من جديد، لذا نأمل أن تكون البطولات المقبلة هي خطوة البداية لمشروع منتخب تأخر وقوفه على منصات التتويج كثيرًا".

 

منتخب بلا قائد

 

في الأشهر القليلة الماضية، كشف اللاعب الدولي أحمد فتحي، آخر من تبقى من لاعبي الجيل الذهبي للمنتخب المصري داخل الملاعب، عبر لقاء تلفزيوني، طلب أحد أفراد الجهاز الفني المنتخب المصري منه بالتخلي عن شارة قيادة المنتخب لصالح لاعب آخر، وأكد فتحي أنه رفض ذلك، وأن بقية "كبار الفريق" الذين يأتون بعده في قائمة ترتيب "قادة المنتخب" رفضوا أيضًا، موضحًا أنه جعل شارة القيادة شرطًا أساسيًا لبقائه في المنتخب.

 

ورغم تجديد الحديث حول تلك الأزمة في كل معسكر للمنتخب المصري، أوضح أحد أفراد الجهاز الفني للمنتخب –رفض ذكر اسمه- أنه منعًا لحدوث أي مشكلات داخل الفريق، تم الاعتماد على معيار "الأقدمية" لاختيار قائد الفريق.

 

لكن مع كل تلك الصراعات حول شارة القيادة، من اللاعب الذي يستطيع القيام بمهام "كابتن المنتخب"؟

 

يقول اللاعب الدولي السابق شادي محمد، أحد القادة التاريخيين للنادي الأهلي المصري، إن الجيل الحالي خسر وجود قائد داخل أرض الملعب، مؤكدًا على أهمية دور "كابتن الفريق"، لأنه بمثابة نسخة مصغرة من المدير الفني في المستطيل الأخضر.

 

ويضيف محمد لموقع "الفجر الرياضي": شارة القيادة مسؤولية، والعُرف داخل المنتخب أن يحملها أكثر لاعبي الفريق خبرة، لأنه يستطيع من خلال خبرته السيطرة على المنتخب داخل غرف الملابس، وعلى أرض الملعب، ولأنه تعامل قبل ذلك مع "كباتن" آخرين، تعرف من خلالهم على الأسلوب الأمثل للحفاظ على النظام داخل المنتخب.

 

ويشير محمد إلى أن الإحلال والتجديد داخل المنتخب حاليًا وراء عدم منح شارة القيادة للاعب ثابت، لذا سيكون من المهم أن يتم الاستقرار على أحد اللاعبين الكبار داخل المنتخب، على أن يكون ركيزة أساسية من ركائز "الفراعنة"، لضمان وجوده بشكلٍ ثابت داخل المعسكرات المختلفة.

 

مهام القيادة

 

وللتعرف إلى مهام القائد الأساسية، يوضح شادي محمد أن الكابتن هو حلقة الوصل بين الجهاز الفني والفريق، كما أنه يوجه اللاعبين للحفاظ على تعليمات المدرب، وفي حالة حدوث أي مشكلة، يتواصل اللاعبون معه أولًا، وهو الذي يتواصل مع الجهاز الفني للتعبير عن مطالب زملائه، والقائد هو الذي يمنع بقية عناصر الفريق من الوقوع في "معارك كروية" داخل المستطيل الأخضر، خاصةً إذا كان اللقاء أمام فريق جماهيري منافس أو نهائي بطولة، لأن تلك المناسبات هي التي تشهد عديد من المناوشات بين اللاعبين.

 

ويختتم اللاعب الدولي السابق تصريحاته ناصحًا قائد المنتخب المصري في الفترة القادمة: عليك أن تبث في اللاعبين روح المنافسة من جديد، وأن تساعدهم على بذل كل نقطة عرق من أجل الوصول إلى منصات التتويج مجددًا، وحصد بطولة تثبت أقدام الجيل الحالي.

 

مشروع بلا خطة

 

"نحن في زمن انتهت به المعجزات، من لا يملك خطة لن يصل إلى النجاح، لأن الحظ ربما يقف في صفك مرة، لكنه لن يساعدك في كل مرة" هكذا استهل الناقد الرياضي علي نصير حديثه حول سبب فشل الجيل الحالي للمنتخب المصري في الفوز ببطولة حتى الآن.

 

ويضيف علاء لموقع "الفجر الرياضي": هناك أسس ترسخت من خلال التجارب العالمية، لبناء منتخب قوي، أهمها أن تكون هناك طريقة لعب موحدة للمنتخب الأول والمنتخبات الخاصة بالمراحل العمرية الأخرى، وعلى رأسها المنتخب الأولمبي.

 

كما يتابع: أثناء ولاية حسن شحاتة مع المنتخب المصري، كان أسلوب لعب المنتخب المصري يقترب من أسلوب لعب قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك، وهذا سهل مهمة شحاتة نسبيًا، لأن اللاعبين كانوا لديهم فرصة لإتقان أدوارهم في كل مركز، خاصةً أن قطاعا كبيرا من اللاعبين المصريين لا يجيد التأقلم مع أساليب لعب مختلفة سريعًا، فكيف يستطيع مدرب المنتخب الوطني أن يخرج من كل لاعب أفضل ما لديه داخل منظومة لعب لا يجيد دوره بداخلها؟!

 

توحيد منظومة اللعب

 

"هناك بعض الدول تطلب من مدربين فرق الدوري المحلي، المساهمة في الحفاظ على طريقة لعب المنتخب الوطني، من خلال فرقهم، وهذا يحدث في ألمانيا مثلًا، والنتيجة كانت فوز المنتخب بكأس العالم وكأس القارات، وأحد أعظم مدربي كرة القدم، بيب غوارديولا، تلقى العديد من الانتقادات من الجمهور أثناء قيادته لبايرن ميونيخ بدعوى عدم الحفاظ على هوية الفريق التي ورثها من المنتخب الوطني".

 

ويردف: المنتخب الأولمبي يملك طريقة لعب مختلفة عن المنتخب الأول، وهذا أكبر دليل على عدم وجود مشروع حقيقي لدى المنتخب المصري، فأغلب المنتخبات الكبيرة تضع طريقة لعب موحدة لمختلف الفئات العمرية، ليتم تجهيز اللاعب منذ خطواته الأولى بالملاعب ليؤدي مهام مركزه بأفضل شكل ممكن داخل منظومة لعب مستقرة.