تفاصيل وأبعاد محاولة الانقلاب بالسودان
على غرار تولي عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان، زمام أمور الحكم مؤقتًا نتيجة تقاسم السلطة الذي تم التوصل إليه عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام ٢٠١٩، وحكومته الإنتقالية تتعرض لضغوط لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وسط تنافس الحزب الليبرالي وقطاع العسكر المؤيد للنظام السابق.
أعلنت الحكومة السودانية، اليوم، أنها أحبطت محاولة انقلاب عسكري من قبل أنصار الرئيس السابق المعزول عمر البشير.
وأفادت وسائل إعلام رسمية، أن عسكريين دخلوا فجر اليوم، الثلاثاء، مقر الإذاعة واستولوا على مباني التلفزيون في محاولة منهم لبث بيان الإنقلاب والاستيلاء على السلطة، لكن هذه المحاولة أجهضت فورًا حيث كانت الحكومة على علم بالحركة، وتوافرت لها معلومات، مساء أمس الإثنين، عن خط سيرها الأمر الذي ساعد على إحباطها.
وتقول تقارير واردة من العاصمة الخرطوم وأم درمان، أحبطت الحكومة، فجر اليوم، انقلابًا عسكريًا كان يحاول الإستيلاء على السلطة، وتم اعتقال أربعين ضابطًا وجميع المتهمين بالمشاركة في الإنقلاب اعتقلوا كذلك وجاري التحقيق معهم
وأضافت، هناك احتمالات مؤكدة من أنهم من ضباط سلاح المدرعات بمنطقتي وادي سيدنا وأم درمان العسكريتين وأنهم ينتمون إلى تنظيم الإخوان.
الأمر مستتب:
من جهته قال محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة السوداني، كانت محاولة فاشلة وعلى السودانيين أن يهبوا للدفاع عن بلادهم وحماية الإنتقال، وأضاف الفكي، " الأمور تحت السيطرة"
وعلى إثر ذلك تم نشر قوات آليات العسكر السوداني بشكل مكثف في شوارع الخرطوم وتم إغلاق الجسر الرئيسي عبر نهر النيل.
احتجاجات مدنية:
وكانت الحكومة وجهت للتنظيم الإرهابي ضربات موجعة عبر لجنة التفكيك السودانية التي صادرت أملاك رموز بارزين واقتحمت فساد الأمن الشعبي والجهاز السري للحركة الإسلامية السياسية وطردت نحو ١٠٠٠ من منسوبي الجماعة الإرهابية من مؤسسات الدولة.
و نتيجة ضربات الحكومة المتلاحقة على رأس تنظيم الإخوان في السودان، كانت هناك احتجاجات مدنية، توالت لأيام منذ الجمعة الماضية، يطالب فيها سكان شرق السودان بقيادة سيد محمد الأمين تِرك ناظر قبائل الهدندوة ورئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا ( الناظر هو رئيس إداري تعينه الدولة لقبيلة أو عشيرة وفقًا لنظام الإدارة الأهلية في السودان وسيد أمين وغيره من الكيانات الثورية شغلوا تلك المناصب في حكم نظام الإخوان المعزول )، بإلغاء مسار شرق السودان وهو جزء من اتفاق جوبا للسلام ٢٠٢٠ ويدعو الحكومة لاعتماد منصة تفاوضية جديدة لشرق السودان بعد قيامه وأنصاره بقطع شريان الحياة عن الخرطوم في أكبر عملية إغلاق لشرق السودان
وأكد المتحدث باسم مجلس بجا نظير، عبد الله أبشر، في حديث لراديو دبنقا، أمس، إن شرق السودان ينظم أعمال عصيان مدني بإغلاق ميناء بشاير للبترول، وميناء سواكن، والأسواق الحرة بولاية البحر الأحمر، ووقف عائدات الموانئ لبنك السودان، بعد أن تم إغلاقه في أيام سابقة، الطريق القومي عند ست نقاط في ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف والزيرو حيث مجمع سد أعالي عطبرة وستيت وامتد الإغلاق للموانئ والمطار الدولي في بورتسودان الأمر الذي أعاق الحياة بشكل لافت إذ يعتمد السودان على الاستيراد عبر ميناء بورتسودان لكافة السلع الحيوية وهو ما يهدد الإمداد الغذائي للبلاد
موقف الحكومة:
قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، تدير الحكومة المركزية الملف بحكمة وتحاول فتح نوافذ للحوار مع المجموعات المحتجة برغم المماطلة ولم تستجيب بالعنف حتى الآن ويظهر ذلك بردها سلميًا على إعاقة وصول الوفد المبعوث للتفاوض برئاسة وزيرة الخارجية مريم الصادق، والذي كان من المقرر أن يصل إلى بورتسودان الأحد الماضي.
ولكن تأجل بسبب رفض رئيس المجلس الأعلى لبجا نظير لقاء الوفد الحكومي بحجة أنه مكون من أعضاء مدنيين وطالب بأن يضم الوفد المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي، ووزير الداخلية الفريق عزالدين الشيخ، ووزير الدفاع اللواء ياسين إبراهيم، ومدير المخابرات العامة جمال عبد المجيد، ونائب قائد قوات الدعم السريعة الفريق عبد الرحيم دقلو شقيق.
وأضاف في تصريحات خاصة " للفجر "، "لا زال هناك تواجد للحركات الإسلامية في مفاصل السودان باعتبار ثلاثون عامًا تغلغلت فيها الحركة في نظام البشير فليس من السهل أن يتم تسوية الخلافات والتوصل إلى حل سياسي وجذري يضمن تحقيق المطالب المعروضة في فترة وجيزة".
وتابع السفير: "تعامل الحكومة السلمي مع أحداث شرق السودان هو الحل الأمثل حتى لا ينجح مخططهم الفوضوي، فهي تعي سياستهم جيدًا في نشر الفوضى ولن تساعدهم على ذلك وإنما تحتوي الأمور".
واختتم تصريحاته قائلًا: "سيطرة الحكومة السودانية على حركة الإنقلاب، فجر اليوم، بمثابة صفعة قوية للإخوان وإنذار بأنهم تحت المراقبة الأمر الذي يمثل في الوقت ذاته نصرًا للهياكل الإنتقالية وتصريح بأنهم متيقظين حتى لا تتم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء".