مؤرخ يكشف عن كارثة لبيع آثار مصرية بالمزاد العلني ويصف الأمر بالمؤامرة
كشف بسام الشماع المؤرخ المعروف، عن مفاجأة حول عرض عدد من الآثار المصرية القديمة للبيع بمزاد علني عبر الإنترنت، حيث قال إننا أمام حلقة جديدة من حلقات العار العالمي الذي يحدث بين الحين والآخر، وسط صمت تام من المؤسسات الدولية والثقافية المعنية.
كارثة محققة
وأضاف الشماع ما يحدث هو كارثة محققة يجب أن يتم التعامل معها خاصة وأن المزادات العلنية كانت بالاتصال المباشر، أما الآن فالأمر كله افتراضي وأصبح أكثر غموضًا ولا نعلم من سيستحوذ على القطع الأثرية المعروضة، حتى أن أغلب الآثار المشهورة مثل تمثال سخم كا، الذي كان نقطة تحول، لا نعلم حتى الآن أين ذهب ولا من اشتراه.
وأضاف لابد أن أشيد بالدكتور شعبان عبد الجواد وكتيبة عمل إدارة الآثار المستردة التي نجحت خلال الفترة الأخيرة في استعادة الكثير من الآثار المسروقة في كثير من دول العالم، وقد بذلوا جهودا لا يتخيلها أحد، وأتمنى أن يتم تكريم العاملين بهذه الإدارة بالشكل اللائق، وكانت آخر خبطاتهم استعادة ١١٤ أثرا مهما من فرنسا غير مسجلين.
مافيا عالمية لسرقة الآثار المصرية القديم
وأكمل: لقد وصلت إلى يقين بوجود مافيا عالمية لسرقة الآثار المصرية القديمة، فقد تعدى الأمر كونه عشوائيا، يتم بأيدي الباحثين عن المكسب السريع، وإنما يتم بتخطيط محكم من الخارج، تتحكم في تهريب الآثار عبر المنافذ الحدودية، ويساعد في ذلك النظام العالمي في التعامل مع آثارنا، فمثلا هذا المزاد يتقاضى ٩% من الثمن الأخير لبيع الآثار، وهو ثمن زهيد، ويطرح عدد من علامات الاستفهام، ولو نظرت جيدًا ستجدهم يستعينون بعلماء آثار متخصصين لتقديم معلومات دقيقة عن كل قطعة أثرية، بينما تصوير الأثر يتم بمنتهى الدقة والاحترافية والإبهار.
التابوت المعروض في المزاد
وحول التابوت المعروض في المزاد، قال الشماع، هذا التابوت طوله ١٩٤ سم، وألوانه زاهية ودقيقة وكأنه مرسوم اليوم، ينتمي للعصر الوسيط الثالث، ومكتوب عليه العصر البطلمي، وأهميته ترجع إلى حالة الانهيار الذي يحيط بالعصور الوسيطة، خاصة أن رسوماته تشبه رسوم طفل مصري قديم، وأرى أن المعانة تفرز العبقرية.
وحول المرآة المعروضة بالمزاد، فقال: هي مصنوعة من البرونز ويد من العظام، ٢١ سم، ينتمي للدولة الوسطى، تاريخها يعود لأكثر من ٤٠٠٠ عام، وأهميتها تكمن في أنها تعود للدولة الوسطى، حالة حفظها رائعة.
وفجر الشماع مفاجأة من العيار الثقيل، حول هذه المرآة، قائلًا، لقد عرض المزاد شجرة نسب هذه القطعة الفريدة، بالبنط العريض، وهي تعني خريطة بيع الأثر منذ خروجه من مصر الى الآن، وهو يعود وفق ما ذكر الموقع إلى ديفيد آرن، وترجمته بالعربية داوود هارون.
وأضاف، من أكثر المفاجآت، في الأمر، أن هذه المرآة والمتبقي على إقامة المزاد ٩ أيام فقط، تقدم لها المزايد رقم ١٣٦٥، يوم ١٤ سبتمبر الجاري، ووضع قيمة مزايدته ٥٥ يورو فقط، وهي إهانة كبيرة لعظمة الحضارة المصرية، هل يمكن أن يكون هذا الأمر اعتباطي، في الوقت الذي ثمنها الخبير ب١٤ ألف يورو، وإذا نظرنا لعدد من القطع المهمة في مزادات سابقة بيعت بمبالغ زهيدة أحدها قطعة من تل العمارنة ب ١٩٩، وهو أمر يطرح العشرات من الأسئلة.
وأكمل، بيع الآثار المصرية جهارًا نهارًا مؤامرة عالمية، وسط صمت مطبق من منظمة اليونسكو والمتاحف الأثرية العالمية، حتى مجرد الإدانة لا يقومون بها، وعلينا أن نعلم أن هذه المزادات تستعين بعلماء آثار على أعلى مستوى ومثمنين من علماء الآثار أيضًا، والمزاد أكد أن المشتري إذا أراد أن ينقله فإن عليه أن يتكفل بتكاليف السفر، أي أن المزاد يضمن سلامة الإجراءات القانونية لامتلاك الأثر.
وحول حل هذه الأزمة قال الشماع، لقد ولى زمن السياسة المخملية الناعمة مع هذه الأحداث، وعلى مصر أن تكشر عن أنيابها، خاصة أن القانون لا يحمي ما قبل اتفاقية ١٩٧٠ باليونسكو، ولذا فإنه يجب البحث عن أصل هذه المزادات في كل الدول ويتم التواصل مع الرئيس أو الملك أو رئيس وزراء الدولة المستضيفة للمزاد، على أن يتم وقف جميع هذه المزادات واسترداد آثارنا، وإلا يتم إيقاف جميع البعثات الأثرية لهذه الدولة في مصر، وإيقاف جميع التعامل بين متاحفي وجميع متاحف هذه الدولة، وهي ورقة ضغط رهيبة ولن يطيقوا أن يبتعدوا عن رمال مصر.
وأضاف الشماع، علينا بعد ذلك أن نتجه إلى محكمة العدل الدولية، وهو خطوة تصعيدية يجب استغلالها في الوقت المناسب، وأرى أن تتبنى القيادة السياسية إضافة جملة واحدة في أحاديث اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة مفادها "الآثار المصرية محلها الأراضي المصرية"، وبالتالي على مصر أن تقود حملة عالمية لاستعادة آثارها تضم دول العالم المتحضر والبلاد التي نهبت آثارها وأغلبها دول عربية مثل العراق والهند ولبنان واليمن وسوريا وفلسطين، وغيرها، وعلينا أن نستغل ٢٠٢٢، في تدشين هذه الحملة لأن أنظار العالم كله ستتجه إلى مصر، بسبب مرور ٢٠٠ عام على فك طلاسم الهيروغليفية، و١٠٠ عام على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، ويجب إقامة تدشين حملة عالمية ضخمة من أمام أبوالهول، ودعوة جميع المعنيين لحضورها لوقف المزادات العلنية أو على شبكة الإنترنت.
من جانبه أكد الدكتور شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة في وزارة السياحة والآثار، أن الإدارة تتابع جميع صالات المزادات ومنها صالة مزادات كاتوىيكي التي تنظم هذا المزاد ويتم إتخاذ الإجراءات اللازمة مع السفارة المصرية بفرنسا.
وأضاف عبدالجواد: إذا تم التأكد من خروج بعض القطع الأثرية بشكل غير شرعي، فإن مكتب النائب العام يتواصل مع الجهة المختصة في الدولة الأجنبية، بالتعاون مع وزارة الخارجية المصرية، ونحن نتابع على مدار الساعة مستجدات الموقف لاتخاذ الموقف اللازم.