خبير أثري يكشف سرقة فرنسا لأهم أثر مصري وعرضه باللوفر.. ويطالب بعودته
رصدت دراسة أثرية للباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية الدكتور حسين دقيل حقيقة خروج القبة السماوية من مصر والمعروضة في متحف اللوفر بفرنسا حتى اليوم.
وأشار دقيل إلى أشهر السرقات التي حدثت في الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر، وهي القضية التي كان بطلها اثنين من محترفي سرقة الآثار المصرية؛ الفرنسي المدعو "سباستيان لويس سولينيه" ووكيله المدعو "جين بابتيست ليلوريان" حيث قام الأخير بنزع نقشٍ من أهم نقوش الآثار المصرية.
وهذا النقشٌ كان موجودًا بسقف معبد دندرة جنوبي مصر، وهو النقش الذي كان يمثل دائرة الأبراج السماوية، حيث يصور النقش القبة السماوية بأبراجها المتعددة، ويعود تاريخه إلى أواخر العصر البطلمي، وترجع أهميته إلى أنه كان يصور "مصر السماوية" التي آمن المصريون القدماء بأنها طبق الأصل لـ "مصر الأرضية" بما فيها من أقاليم وتفاصيل أخرى بما يوضح مدى معرفة المصري القديم بعلم الفلك منذ القدم.
القبة السماوية كانت في معبد دندرة
وألقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن القبة السماوية كانت في معبد دندرة واكتشفت أثناء الحملة الفرنسية على مصر بواسطة الجنرال "ديزيه"، ولذلك اعتبرها الفرنسيان "سولينيه وليلوريان" أثرًا قوميًا فرنسيًا، يجب نقله إلى باريس، وسعيًا نحو ذلك.
وحضر "ليلوريان" من فرنسا خصيصًا إلى الإسكندرية في أكتوبر 1820م لشحن القبة السماوية إلى باريس بأي طريقة، ومن أجل أن يخفي غرضه -خوفًا من القنصل الإنجليزي في مصر "هنري سولت" الذي كان يتنافس مع الفرنسيين في نهب آثار مصر- أعلن أنه ينوي القيام بعمل حفائر في طيبة، وبالفعل توجه إلى الأقصر التي تقع جنوب "دندرة" بأكثر من خمسين كيلومترًا ثم عاد إلى دندرة حاملًا العديد من المومياوات والتماثيل النادرة، وهناك في دندرة وجد الجو خاليًا فبدأ في تنفيذ مخططه.
ونوه ريحان من خلال الدراسة إلى أن القبة السماوية، كانت محفورة في سقف الغرفة الوسطى من الغرف الثلاث الموجودة في مبنى صغير مجاور للمعبد الأصلي بدندرة، وكانت منقوشة على حجرين في منتهى الضخامة والسمك، فقد كان سمك كل منهما 90 سنتيمترًا، ولم يكن مع "ليلوريان" إلا بعض الأدوات البسيطة كالأزاميل والمناشير، فاستخدم البارود في عمل فتحات في السقف حول القبة، ولحسن الحظ؛ ولأنه كان ماهرًا في استخدام البارود لم يتأثر السقف أو يسقط.
وقام بنشر القبة من خلال رجال أشداء واستمر العمل فيها ثلاثة أسابيع، تم بعدها نقل القبة إلى النيل من خلال روافع حيث وضعت هناك في مركبٍ كبير واتجه بها شمالًا نحو الإسكندرية، وعندما علم القنصل الإنجليزي "هنري سولت" بالعملية جن جنونه وحاول أن يُفشها ويستولى على القبة بكل الطرق، واستخدم في ذلك العديد من الخدع ومنها أنه أصدر أمرًا من أحد وزراء "محمد علي" ليتمكن من أخذ القبة من ليلوريان ولكن ليلوريان لم يكن بالرجل السهل فقد كان أيضا ماكرًا وداهية.
وتابع ريحان أن القبة السماوية وصلت إلى باريس، وكانت في استقبالها حشود غفيرة، ولم تبق جريدة فرنسية لم تنشر خبر وصولها، فالتف الناس حول القبة كل منهم يريد أن يتعرف على مدى العِلم والفن الذي وصل إليه المصريون القدماء، لدرجة أن تجمهر الناس حول القبة مما أثار رجال الكنيسة الذين انزعجوا من شغف الفرنسيين بها، وهم يتسابقون لرؤيتها وهي تخترق شوارع باريس في موكب مهيب وحافل جمع الكبار والعظماء من الساسة والعلماء، وربح سولونيه وليلوريان من ورائها 150 ألف فرانك دفعها لهما الملك "لويس الثامن عشر".
وهكذا انتقل أثر من أهم آثار مصر إلى باريس في عملية نهب محكمة. ولا تزال القبة السماوية تُعرض في متحف اللوفر بفرنسا حتى اللحظة، أما زوار المكان الأصلي بدندرة فليس أمامهم إلا أن يقتنعوا بالنسخة المصورة هناك!
عودة القبة السماوية من فرنسا
ويؤكد الدكتور ريحان أحقية مصر فى عودة القبة السماوية من فرنسا لخروجها بشكل غير شرعى فى عملية نهب محكمة.