منها ضباب للدماغ.. خبراء يكشفون الآثار السلبية لإدمان التكنولوجيا

تقارير وحوارات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


بات استخدام الهاتف بمثابة شريان حياة للكثيرين خاصةً في ظل اجتياح وباء كورونا للبشرية، فلقد أبقانا على اتصال ببعضنا البعض، وساعدنا على البقاء على اطلاع بآخر الأخبار، ووفر لنا بعض الراحة عن طريق الإبتعاد عن الواقع بالإعلام الترفيهي.

وبشكل عام سمح الهاتف المتنقل "المحمول"، بالتنظيم بسهولة أكبر حول القضايا الاجتماعية، لكن لا يعني أيًا من هذا أن السلبيات المحتملة للهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي على الصحة قد تبددت فجأة.

بل كلما زاد التعرض للعالم الافتراضي زادت احتمالية التعرض لمجموعة من الآثار السلبية وفي مقدمتها الإدمان الحديث أو ما يعرف بإدمان التكنولوجيا والذي يعادل كثير من أنواع الإدمان الأخرى في الخطورة، ومن هنا تستعرض " الفجر" مفهوم إدمان التكنولوجيا، أسبابه، وطرق الوقاية وأكثر من ذلك

إدمان التكنولوجيا هو نوع من أنواع الإدمان يتسم بارتباط قهري بمحفزات نظام المكافأة في الدماغ، التي يسببها التعرض المتكرر لمحفزات معينة مثل رؤية الإخطار أو سماع الإشعارات ورنين الهاتف.

ميكانيزم إدمان التكنولوجيا ( كيف يحدث):

ويرى الدكتور محمد صبره استشاري الصحة والإرشاد النفسي، أن التكنولوجيا عالم مثير يضع الإنسان في بيئة افتراضية غنية بالمؤثرات السمعية والبصرية التي تؤثر على خلايا المخ بشكل عام وعلى الناقلات العصبية بشكل خاص ومنها الدوبامين (الهرمون المسؤول عن تعزيز الشعور بالسعادة، يتم إفرازه من الجهاز العصبى المركزى، ويعمل على وظائف المخ التنفيذية كالإنتباه والتركيز والذاكرة).

وأضاف صبره، في تصريحات خاصة لـ"للفجر"، أن التعامل المستمر السلبي مع تلك التكنولوجيا يزيد من إفراز ذلك الهرمون والذي بدوره يعطي الشعور بالسعادة ويجعل الشخص في حالة رغبة مستمرة ونهم وتطلع لقضاء مزيد من الأوقات أمامها.

وفي نفس السياق قال الدكتورجمال فرويز استشاري الطب النفسي، الجلوس أمام الإنترنت ومن ثم زيادة معدلات إفراز الدوبامين بالتالي زيادة الرغبة في المتابعة، هذه الدورة تعطي شعور مزيف بالرضا وتجعل من الصعب علينا أن نكون بدون هواتفنا أثناء المشي أو التحدث أو النوم.

وأضاف جمال في تصريحات خاصة "للفجر"، "الإدمان غالبًا ما يحدث بدون وعي أو إدراك ومعظم المدمنين عند إخبارهم بحقيقة إدمانهم ينكرون ذلك، لذلك لا بد من الحذر عند استخدام تلك التكنولوجيا، وشيئ آخر هرمون الدوبامين زيادة معدلات إفرازه تزيد نسبة التركيز والإنتباه إلى حد معين بعد هذا الحد يتحول لمرض تظهر أعراضه على المريض في هيئة ضلالات وهلاوس واضطرابات في التفكير، كما تمنح الشعور بالرضا وبعد ذلك يفقد ويدخل الشخص في نوبات اكتئاب".

ضباب الدماغ:

واستطرد استشاري الطب النفسي، الجلوس لفترات طويلة أمام تلك التكنولوجيا بطرق غير محسوبة بمثابة مرفق يفصلنا عن بقية العالم، فالنوم يتعرض للخطر، التقلبات المزاجية أثناء العمل، كما أن الكم الكبير من الأخبار التي تصل إلى الدماغ عبر تلك التكنولوجيا يصيب المتعرض لها بالعديد من المشكلات والتي عرفت بمصطلح "ضباب الدماغ"، وتأتي بين أهم أعراضها التشتت وفقدان الذاكرة وعدم القدرة على التركيز.

الأعراض:

وأوضح الدكتور محمد صبره خلال حديثه مع " الفجر" أن أعراض إدمان التكنولوجيا لا تخرج في الغالب عن التالي:

- اكتئاب

- أعراض سلوكية مثل الإنسحاب الإجتماعي، وتعطيل المهام

- أعراض فسيولوجية مثل اصفرار الوجه، وضعف التركيز بشكل عام، وهزيان

طرق الوقاية:

وتابع الدكتور، صيام الدوبامين هو طريق الوقاية والدفاع الحقيقي لمواجهة إدمان التكنولوجيا ويقصد به، الامتناع مؤقتًا عن التقنيات المسببة للإدمان مثل وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدة مقاطع الفيديو على المنصات التكنولوجية، وألعاب الإنترنت، ويمكن أن يمتد إلى الحرمان المؤقت من التفاعل الاجتماعي وتناول الطعام، وتكمن الفكرة وراء ذلك في أخذ استراحة من الأنماط المكررة للإثارة والتحفيز الذي يحدث عن طريق التفاعل مع التكنولوجيا الرقمية.

وأضاف، والهدف منه ليس تجنب الدوبامين ذلك الناقل العصبي الذي يعمل داخل الدماغ لمكافأة السلوك، بل تقليل السلوكيات الاندفاعية التي يكافأها الدوبامين والتي هنا تكمن في الإستخدام السلبي للتكنولوجيا، لذلك من المرجح إطلاق مصطلح " الصيام الإلكتروني" بدلًا من صيام الدوبامين.

طرق التعامل الصحيحة مع التكنولوجيا – كيفية تطبيق الصيام الإلكتروني

- حذف تطبيقات الوسائط الإجتماعية (مثل فيسبوك)، واستخدام المواقع الإلكترونية عند الحاجة إلى الوصول إليهم، حيث تمنحك هذه الطريقة وقتًا كافيًا للتفكير فيما إذا كنت تستخدم التطبيق تلقائيًا أو عن قصد.

- الانتقال إلى إعدادات التطبيقات الأخرى (مثل واتس آب) وإيقاف إشعاراتها، حيث تمكنك هذه الطريقة من التحقق من التطبيق فقط عندما تريد ذلك وليس عندما يريدك التطبيق.

- إغلاق الهاتف وإخفائه لمدة ثلاث ساعات وزيادة هذه المدة تدريجيًا حتى تصل إلى يوم ويومين وأكثر.

- استخدام وقت الفراغ، الناتج عن قطع الإتصال بالهاتف، في التحدث الفعلي مع الأشخاص أو ممارسة رياضة خفيفة أو تعلم شيئ ( خلق هواية) أو الذهاب لأخذ قيلولة.

- تخصيص عطلة نهاية الأسبوع للسفر إلى مكان قريب، حيث تمنح هذه الطريقة السلام والاستقرار.