خبراء يحذرون.. كيف تسبب الألعاب الإلكترونية تشويه عقلي للأطفال؟
انتشرت خلال الفترة الأخيرة، ألعاب الأطفال الإلكترونية بكثرة وأصبحت طريقة سهلة تلجأ اليها الأمهات لإلهاء الصغار دون العلم بأن هذه الألعاب تشوه عقول الأطفال وتسبب العديد من الأضرار النفسية والجسدية.
وفي التقرير التالي سيعرض لكم "الفجر" تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال وصحتهم.
أصبحت ألعاب الفيديو خلال السنوات الأخيرة أحد أشهر أشكال التسلية بالنسبة للأطفال والمراهقين في شتى أنحاء العالم، وهي تشكل الآن خطرًا على الكثير من الأطفال.
وتشير الدراسات والتقديرات إلى أنه ما بين 5 و8% من الأطفال والمراهقين مدمنون على هذا الشكل من التسلية، كما صنفت منظمة الصحة العالمية الإدمان على ألعاب الفيديو سببًا لحدوث تشويش على الصحة النفسية.
وفي تصريح للدكتور "جمال فرويز" استشاري الطب النفسي، أن هذه الألعاب سببت حالة من الإدمان للأطفال والمراهقين كما أنها تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية، حيث أدت إلى زيادة حالات التوتر والقلق والاكتئاب وقلة الثقة بالنفس، بالإضافة إلى فقدان مهارة التواصل مع الآخرين، والميل إلى الوحدة، وضعف الانتباه والتركيز، وقلة التحصيل الدراسي.
كما أوضح "فرويز" أن هناك آثار سلبية على الناحية الجسدية، ومنها آلام الظهر ومشاكل العمود الفقري، وضعف البصر نتيجة الجلوس لساعات طويلة أمام الحاسوب أو الهاتف المحمول، بالإضافة إلى السمنة بسبب تناول كميات كبيرة من الطعام دون الانتباه، والإصابة بالتشنجات العضلية والعصبية نتيجة التركيز الزائد في هذه الألعاب،؟كما أنها تزيد من احتمالية حدوث نوبات الصرع لدى الأشخاص الذين لديهم استعدادًا لذلك.
يصبح الأطفال المدمنون على ألعاب الفيديو قلقين ويعانون الكآبة، وهو الأمر الذي يدفعهم إلى الانعزال الاجتماعي، وضعف احترام الذات، ورفض تقبل الذهاب إلى المدرسة، وضعف الدرجات التي يحققها الطالب، وعلى الرغم من أن الإفراط في هذه الألعاب يمكن أن يؤدي إلى مشكلات أخرى بصورة منفردة، إلا أنه يمكن أن يمثل استجابة الطفل إلى أوضاع محددة مثل الاتصال الضعيف مع الآباء أو مع الأطفال والقلق والكآبة.
وإحدى الحالات التي تجعل استخدام هذه الألعاب جذابًا للأطفال أنه يمكن ممارستها بعناصر قليلة، بخلاف الألعاب التقليدية، وفي الوقت ذاته، فإنها تسمح للأطفال بالهروب من صعوبات ومطالب العالم الحقيقي.
ويمكن أن تسفر ألعاب الفيديو عن آثار صحية خطرة على الأطفال، مثل المشكلات البصرية، والجسدية، وضعف الشهية للأكل والانعزال الاجتماعي، والغضب والسلوك العدواني الذي يمكن أن يكون له مخاطر على الآخرين عندما يطلبون منهم التوقف عن اللعب، ويمكن أن يفقد الأطفال أصدقاءهم الذين لا يشاطرونهم هذا النوع من اللعب.
وأشار الطب النفسي إلى أن الطفل ينظر لهذه الألعاب بأنها وسيلة للترفيه وقضاء وقت الفراغ، ويرجع ذلك إلى ما تحتويه هذه الألعاب من وسائل تجذب الطفل لها، والتي تجعله يفقد إدراكه للواقع المحيط به، مثل الإثارة والتشويق وتواجد المنافسة بين اللاعبين.
حيث يندمج المراهقون مع مراحل الألعاب ويصبح هدفهم الأساسي هو تحقيق المطلوب في كل مستوى للانتقال للمستوى التالي، خاصة أن كل مرحلة تكون أصعب من السابقة مما يحفز لديهم شعور التحدي والمنافسة، بالإضافة إلى تصميم اللعبة الذي يعتمد على ألوان ومؤثرات تجذب الانتباه.
ومن جانب أخر يفرح الأهالي بتفاعل صغارهم مع تكنولوجيا العصر بسهولة، وتعلمهم بعض مفردات اللغة الإنجليزية، غافلين عن كارثة تواصل أطفالهم مع أشخاص غرباء بعيدون كل البعد عن ثقافتهم وعاداتهم وافكارهم، مما يشكل خطرًا عليهم مع إمكانية استغلال صغر سنهم.
كما تقوم الألعاب الإلكترونية على مبدأ "دس السم في العسل"، حيث يتعلم الأطفال منها ثقافة العنف والقتل وتدمير المنشآت ومواجهة رجال الشرطة، بالإضافة إلى الجماعات الارهابية التي أصبحت تستغل انخراط المراهقين في عالم هذه الألعاب وتقوم بتجنيدهم وإقناعهم بإنضمامهم لهم.
وللحد من الآثار السلبية لألعاب الفيديو يمكن أن يضع الآباء مجموعة من القواعد، مثل: تحديد الزمن الذي يسمح للأطفال اللعب فيه، ومنعهم من اللعب حتى ينتهوا من تنفيذ مسؤولياتهم وواجباتهم في المدرسة والبيت، والتأكد من أن الأطفال يدركون أن استخدام ألعاب الفيديو ليس حقًا يتمتعون به، وإنما هو امتياز تمكنوا من اكتسابه، وحظر الألعاب التي يعتبرها الآباء خطرة على صحة أطفالهم باستخدام إعدادات "الرقابة الأبوية" التي يتم تضمينها الآن في جميع أجهزة ألعاب الفيديو تقريبًا، والاحتفاظ بهذه الألعاب خارج غرف نوم الأطفال، حيث يمكن للوالدين التحكم في استخدامها بسهولة أكبر، ومنع الأطفال من مشاهدة الألعاب العنيفة المثيرة للقلق.
وبالطبع فإن مسؤولية الآباء تكمن في تقييد وصول الأطفال إلى ألعاب الفيديو وألعاب الكمبيوتر، كما أن النصائح التي يقدمها الآباء في كيفية استخدام هذا النوع من الألعاب يجب فرضها على نحو قسري، لأن صحة أطفالنا أصبحت على المحك.
وأشارت دكتورة "سامية خضر" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الأسرة هي التي تتحمل مسئولية المشكلات الناتجة عن كثرة استخدام الأطفال والمراهقين للألعاب الإلكترونية، وبالتحديد الأم لأنها بمثابة القائد، ويجب أن تهتم بكل ما يخص الأبناء من خلال معرفة التطبيقات التي يستخدمها على الهاتف المحمول، والأنشطة التي يقوم بها.
واستكملت سامية خضر أن أسهل طريقة تتخلص بها الأم من كثرة مطالب الأولاد هي إعطائهم هاتف المحمول لاستخدام الألعاب الإلكترونية لأنها كافية لإسكاتهم، حيث تقوم هذه الألعاب بإدخالهم في عالم افتراضي ينفصلوا فيه عن الواقع لساعات طويلة مما ينتج عنه إدمان الأطفال لهذه الألعاب دون اكتراث الأهل عن تأثيرها النفسي والاجتماعي والعقلي على الأطفال، والتي تصل في النهاية إلى حد الانتحار.
وأسوأ خطأ يرتكبه الآباء هو ترك الحبل على الغارب لأطفالهم باستخدام هذه الألعاب ساعات طويلة، بذريعة أنها تشغلهم عن الشجار مع بعضهم بعضًا أو العبث بالمنزل ومحتوياته.