عبدالحفيظ سعد يكتب: آبى أحمد يتسول الدعم الخارجى لمواجهة شعب إثيوبيا

مقالات الرأي



تصاعد الحروب الداخلية والاتهامات بجرائم حرب يضع أديس أبابا فى مأزق

نشاط دبلوماسى كثيف وتحركات سياسة جديدة تحاول تغيير أوراق اللعبة وخريطة التحالفات تشهدها منطقة الجوار العربى بداية من تركيا وإيران وإسرائيل وصولا لإثيوبيا، والتى تحاول أن تخرج من الأزمة السياسية الداخلية المتصاعدة بين الأقاليم الفيدرالية داخلها، خاصة أنها ربما تفتح لهيب حرب أهلية فى البلد الذى يضم عشرات القوميات ويتحدث سكانه بأكثر من ١٠٠ لغة، مما يضعه على مخاطر الصراع والانقسام.

وتشكل هذه الصراعات تهديدا قويا لنظام آبى أحمد بعد دخوله فى حروب مع مختلف مكونات الشعب الإثيوبى. ولذلك تكشف التحركات الخارجية التى يقوم بها آبى أحمد، عن محاولة تسول المساعدة الخارجية للعمل على التغطية على الأزمة الداخلية، خاصة بعد فشل نظام أديس أبابا فى إلهاء الشعب الإثيوبى بورقة سد النهضة مع مصر والترويج أن بناء السد سوف يحل مشاكل إثيوبيا، وذلك فى محاولة لكبح جماح الأزمة الداخلية، والعمل على طريقة لتبرير وجوده فى السلطة، وتصدير الأزمة الداخلية للخارج، فى محاولة منه لضرب أى معارضة له.

ونجد أن فشل أديس أبابا فى تنفيذ ما كانت تطمح إليه من الملء الثانى لسد النهضة وعدم نجاح التعلية المطلوبة فى جسم السد، طبقا لتأكيدات الخبراء، دفع نظام آبى أحمد لمحاولة القفز للأمام بتحركات خارجية كان أبرزها زيارته لتركيا ولقاء رئيسها رجب أردوغان ومحاولة التواصل مع دول خليجية وعربية، فى محاولة منه لتوصيل رسالة للداخل الإثيوبى أن نظامه مازال قويا وله علاقات دولية، ستوقف أى تحرك ضده من المجتمع الدولى فى ظل اتهامات ضده بارتكاب مذابح وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد شعوب الأقاليم المتنازعة معه.

وتأتى تحركات آبى أحمد فى ظل الانتصارات التى حققتها جبهة تحريرالتيجراى على الجيش الفيدرالى والميليشيات المتحالفة معه، وكذلك التحركات التى بدأتها جبهة تحرير شعب الأورومو، بالإضافة لدخول الحكومة المركزية الفيدرالية فى أديس أبابا فى مواجهات مسلحة فى باقى الأقاليم مثل بنى شنقول جوموز، ونشوب موجة من الاشتباكات العنيفة بين إقليمى العفر والصوماليين، وداخل إقليم الجماعات الجنوبية.

ولكن يعد أكثر ما يقلق نظام آبى أحمد، التسريبات التى تتحدث أن مجلس الأمن الدولى بصدد اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد نظامه فى ظل استمرار واتساع نطاق الحرب الأهلية فى الأقاليم الإثيوبية، خاصة بعد إحراج الاتحاد الإفريقى ومطالبة بالتدخل لوقف ارتكاب الجيش الفيدرالى والميليشيات التابعة جرائم إنسانية ضد شعوب الأقاليم المتنازع معها.

عقوبات اقتصادية

ويضاف لذلك خطر آخر ضد نظام آبى أحمد فى ظل التسريبات أن الإدارة الأمريكية بصدد اتخاد قرارات بعقوبات ضد مؤسسات اقتصادية إثيوبية، تتهم بأنها تساعد الجيش الفيدرالى فى الحرب، وهو ما كشفت عنه «وورلد بولتيكس ريفيو»، والتى ذكرت فى تقرير لها مؤخرا أن هناك توجها لدى الإدارة الأمريكية فى فرض عقوبات مشددة على شركة الخطوط الجوية الإثيوبية والبنك التجارى الإثيوبى كبرى شركات المملوكة للدولة الإثيوبية.

وذكرت المجلة أن الخارجية الأمريكية لم تجد استجابة من حكومة آبى أحمد وعدم تحركها لوقف الحرب فى إقليم تيجراى ومع الجماعات المتمردة الأخرى، وترجح المجلة السياسية أن هناك وجهة نظر تتحدث عن فرض عقوبات مشددة على شركتين حكوميتين إثيوبيتين ضخمتين تبلغ أصولهما المالية مليارات الدولارات، خاصة أن هذه الشركات ساهمت فى انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجنسية وقتل الأبرياء وتهجير الملايين من الإثيوبيين.

ويأتى الحديث عن شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، التى تعد من أكبر شركة طيران فى إفريقيا وهى واحدة من المصادر الرئيسية للعملات للحكومة الإثيوبية وبلغ ربحها السنوى فى عام ٢٠٢٠ ما يقدر بحوالى ٣.٣ مليار دولار يأتى الكثير من ذلك الربح من الرحلات الجوية من وإلى الولايات المتحدة وأوروبا وأى قرار بعقوبات ضدها يهدد بوقف رحلات الشركة الإثيوبية إلى أمريكا والدول الحليفة من شأنه أن يدمر إيرادات الشركة بالكامل.

أما الشركة الثانية المستهدفة بالعقوبات، فهى البنك التجارى الإثيوبى، المملوك من قبل الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ويعد أكبر البنوك فى البلاد.

وتمثل الودائع والقروض والممتلكات الأجنبية للبنك ٦٠٪ من إجمالى أصوله المالية والتى يحتفظ بها البنك لدى الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بنيويورك.

زيارة تركيا

ومن هنا تأتى التحركات الخارجية لنظام آبى أحمد ومحاولة إيجاد دعم دولى أو إقليمى لمحاولة تهدئة المشاكل الداخلية، والغريب أن آبى أحمد بعد فشله فى استغلال أزمة سد النهضة وخلافه مع مصر والسودان خارجيا، يحاول أن يستغلها خارجيا، وهو ما يفسر زياراته لتركيا ومقابلة أردوغان، ومحاولة استغلال الخلاف المصرى التركى فى جذب تركيا لدعم نظامه، ويدور حديث أنه يسعى لشراء أسلحة تركية خاصة الطائرة بدون تيار لمواجهة الحركات المتمردة.

لكن ربما جاء تحرك آبى أحمد متأخرا، خاصة أن تركيا فى حالة تقارب حاليا مع مصر فى عدة أصعدة، كما أن دعمها لنظام آبى أحد بالأسلحة قد يضع أنقرة فى انتقاد خاصة فى ظل الاتهامات للجيش الإثيوبى بارتكاب جرائم إنسانية.

إحراج الاتحاد الإفريقي

ولا تقتصر الأزمة لنظام آبى أحمد على الوضع الداخلى فحسب بل إن الأمر يتطور فى ظل انتقاد الاتحاد الإفريقى بعدم تحركه لمواجهة المذابح التى تحدث داخل إثيوبيا، رغم تعيين ممثل للاتحاد للقرن الإفريقى، وهو رئيس نيجيريا الأسبق أولوسيجون أوباسانجو، والذى تعد الأزمة الإنسانية داخل إثيوبيا على رأس مهامه، لكن يبدو أن وجود مقر الاتحاد الإفريقى فى العاصمة الإثيوبية، يجعل من الصعب هنا التحرك ضد إدانة النظام والذى يؤمن مقر الاتحاد وتربطه علاقات جيدة بالمسئولين فيه.

ويدفع الموقف المتخاذل للاتحاد الإفريقى تجاه نظام آبى أحمد، بتحركات دولية أخرى لوقف نزيف الحرب داخل إثيوبيا وإمكانية امتداد الصراع لمناطق أخرى فى القرن الإفريقى، وهو ما يفسر محاولة آبى أحمد لتسول الدعم الخارجى لمواجهة شعبه.