هل يواصل الإخوان استخدام "الذئاب المنفردة" لإعادة مشاهد الفوضى في المنطقة؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


الذئاب المنفردة استراتيجية إخوانية اتخذتها الجماعات الإرهابية في مصر والعالم بأكمله لنشر العنف وتشتيت كيان العالم من خلال أفراد مجهولين غير متعارف عليهم، "الذئب المنفرد" مصطلح يطلق على الشخص المرتكب لأعمال عنف لدعم مجموعة، حركة، أو أيديولوجيا، ولكنه يعمل وحيدًا، خارج عن هيكل القيادة ودون مساعدة مادية من أي مجموعة.

- بداية مصطلح "الذئاب المنفردة"
عام 1990 دعا العنصران الأميركيان ألكس كيرتس وتوم متذغر، الخلايا الفردية والصغيرة، إلى العمل تحت الأرض وبسرية تامة، بدلًا من العمل كمنظمات كبيرة فوق الأرض تعمل وتنشر الإرهاب وبالفعل انتشرت الذئاب المنفردة في امريكا وارتكبوا العديد والعديد من الجرائم وعند القبض عليهم كان لديهم اجابة واحدة وهي"ليس لدي ما اقوله"، هذا حسب ما ذكر الباحث السوري "محمود البازي" في دراسة تحمل عنوان "الذئاب المنفردة الملاذ الأخير لداعش".

-شبكة الذئاب المنفردة
يتساءل الجميع كيف تتواصل الذئاب المنفردة مع بعضهم رغم بعد المسافات واتساعها ولكنها لم تعد قضية كبرى، أو عقبة في طريق التواصل، فقد تكفلت وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجي الحديثة، بالمسافات الجغرافية، لا سيما الهواتف الفضائية المتصلة بالأقمار الاصطناعية، وهذا ييسر على تلك الخلايا الهروب من الرقابة الصارمة من قبل الحكومات والمؤسسات الاستخباراتية.

وتشير الدراسات إلى أن تنظيم داعش يمتلك على شبكة الإنترنت في حاضرات أيامنا ما يزيد على 90 ألف صفحة موزعة بين "فيسبوك" و"تويتر" باللغة العربية، بالإضافة الي 40 ألف صفحة بلغات أخرى بما يوسع من قدرات الارهاب على شن هجمات دون أن تتمكن الأجهزة الغربية من تتبع حركتهم.

-الذئاب المنفردة الداعشية في الدول الأوروبية
لم يقتصر الارهاب على الدول النامية فحسب بل شق طريقه ليغزو العالم بأكمله وأصبح يهدد الدول الأوروبية، ورغم انهيار التنظيم بشكل شبه كلي إلا أن هناك مخاوف كبير جدا من الأفراد الذين يحملون أفكار التنظيم وبدخلهم استعدادات لتنفيذ عمليات إرهابية بشكل منفرد وبأقل الإمكانيات.
 
وفي هذا الصدد صدرت العديد من الدراسات عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في "المانيا و هولندا" تحذر الأجهزة الأمنية الاستخبارية والأوروبية من التهديدات المتزايدة التي يشكلها الذئاب المنفردة للعمليات الإرهابية ولا بد ان نؤكد أن التهديد الإرهابي في أوروبا يتسم بالتعقيد والتنوع والتطور، وتستخدم السلطات الأوروبية مجموعة واسعة من التكتيكات والإجراءات الاستباقية من أجل ملاحقة الخلايا  المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية.

ويقول "جيفري دي سيمون" أهم منظري دراسة الإرهاب، في كتابه "إرهاب الذئاب المنفردة: حيث ذكر أنّ "الذئاب المنفردة" أثبتوا أنّهم أكثر خطورة من إرهابيين الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وأنهم أكثر إبداعًا في تنفيذ عملياتهم من الجماعات والتنظيمات، وأنّهم لا ينتمون إلى دين بعينه؛ بل إلى مختلف الديانات والعقائد والأيديولوجيات. كما استعرض "سيمون" في كتابه كل أهداف "الذئاب المنفردة"، ودوافعهم، والبيئات الخاصَّة بهم، والتي خرجوا منها.

وعند البحث عن العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم الذئاب المنفردة نجد أنها محدودة وتتمثل في هجمات الطعن بالسكين ورغم ذلك فإن الذئاب ورقة مهمة لتنظيم داعش لمحاولة إثبات وجوده، لذلك ينبغى اعتماد الجهد الإستخباري في تتبع العناصر الخطرة، اعتماد عمليات إستباقية ووقائية بتفكيك الخلايا قبل وقوعها، ومحاربة التطرف والارهاب مجتمعيا.

-أهم العمليات الإرهابية التي نفذتها الذئاب المنفردة

في عام 2011، وضح "باراك أوباما" الرئيس الأمريكي الأسبق مدى ما حققته الولايات المتحدة من نجاحات في حربها ضد تنظيم القاعدة، وقال بأن الأمريكيين مضطرون إلى حماية أنفسهم ضد أنشطة "الذئاب المنفردة" التي هي أخطر من الهجمات الإرهابيّة ذات الطابع التنظيمي؛ لأنه من الصعب جدًا تعقب شخص فقد توازنه أو شخص يتحرك بينهم بأيديولوجيته المفعمة بالكراهية، مؤكدا أن الخطر الأكبر الذي تواجهه أمريكا ليس في التنظيمات الإرهابيّة، وإنما هو "الذئاب المنفردة".
 
ويُذكر أنه في اليوم الذي قال فيه "أوباما" هذا الكلام تم القبض على شاب في السابعة عشرة من عمره، كان يقوم بتصنيع قنابل في بيته في ولاية "فلوريدا".

-في فبراير 1994 مذبحة الحرم الإبراهيمي، حيث قام طبيب يهودي أمريكي يُدعى "جولدشتاين" بإطلاق النار على المصلين أثناء صلاة الفجر، وراح ضحيتها 29 شخصًا، وأصيب 250 آخرون.

-عام 1995 تم تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما وقام بهذه العملية الأمريكيّ "ماكفي" وقتل أكثر من 160 فردًا من بينهم أطفال.

-أحداث باريس 2015 حيث تعرض عدد من المواقع في باريس إلى سلسلة من الهجمات الإرهابيّة، كان أشدها هجوم استهدف مسرح "باتاكلان" في 13 نوفمبر 2015، الذي راح ضحيته 137 قتيلًا، وقد شن هذا الهجوم 3 أشخاص، وأعلن تنظيم "داعش" الإرهابي فيما بعد مسئوليته عن هذا الهجوم.

-أحداث مانشستر: في 22 مايو 2017، حيث قام شخص من مواليد بريطانيا بهجوم انتحاري في إستاد "مانشيستر أرينا" أثناء أحد الاحتفالات الموسيقية. ونتج عن هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم "داعش" الإرهابي مقتل 23 شخصًا، وإصابة 250 آخرين.

-مجزرة مسجدي نيوزيلندا: في يوم الجمعة الموافق 15 مارس 2019 نفذ اليميني المتطرف "برينتون تارنت" هجومًا على مسجدين في "كرايست تشرش"؛ مما تسبب في مقتل 49 مسلمًا وإصابة العشرات في هجوم وصف بأنه إرهابي عنصري ضد المسلمين.


-أغسطس 2021 حذر رئيس هيئة حماية الدستور في هامبورج الألمانية "تورستن فوس"، من ارتفاع خطر الإرهاب في ألمانيا بعد تطورات أفغانستان الأخيرة.

ويعتقد العالم بأكمله أن الذئاب المنفردة تعود مرة أخرى لتغزو العالم وأن حادث تفجير مطار كابول كان أولها.

وختامًا وبعد كل ما ذُكر ينبغي على الحكومات والسلطات العليا تجاوز الاستراتيجيات الحاليَّة في مواجهة ظاهرة "الذئاب المنفردة"، واستحداث إجراءات على كافة المستويات التعليميّة والثقافيّة والتشريعيّة والقانونيّة الصارمة المتعلقة بمكافحة التطرّف، وكذلك إجراءات متعلقة بالسجون التي ثبت أنها أحد الأماكن التي يسهل استقطاب الشباب فيها وتحويلهم إلى "ذئاب منفردة".