غرام الفيمنست.. قصص حب «مشتعلة» لسيدات اعتبرهن المجتمع بلا قلب

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


«التلاوى» كانت تقدم الطعام لزوجها على السرير.. ونهاد أبوالقمصان تدون حكايات حبها مع «أبوسعدة» فى كتاب جديد

زوج عزة سليمان ترك عمله بأمريكا وغير ديانته من أجلها


وضع المجتمع النساء اللاتى يدافعن عن حقوق المرأة داخل قالب محدد، فهن دائما قويات صعب التعامل معهن، يحركهن عقلهن بل ويعيشن أحيانا بلا قلب، كما أن البعض جعل من مصطلح «فيمنست» سُبه لكل من تحمل شعار الولاء والدفاع عن حقوق النساء، فى حين أن أشهر الناشطات الحقوقيات سجلن أعظم قصص الحب والمودة والرحمة.

السفيرة ميرفت التالوى والدكتور على رحمى

جلست على كرسيها تداعب بأصابعها شعرها وكأن طيف رقيق قد لمس ذاكرتها، تذكرت أول لقاء قائلة: «أول يوم كان اتقابلنا كان بميدان التحرير، وكانت سيارتى معطلة، فتوقفت خلفى سيارة وأصدرت أصوات «كلاكس» فنزلت من السيارة غاضبة لأجد شابين يعرضان المساعدة واكتشفنا أن البنزين قد نفد من السيارة، فأسرع الدكتور رحمى بإحضار البنزين ووضعه فى سيارتى وغادرت المكان».

وأضافت: «المقابلة الثانية كانت بالجامعة الأمريكية وقتها د.على رحمي  كان ضابطا بالجيش وكنت أنا طالبة بالجامعة وعضوة بفريق نسائى لكرة اليد، حضر «رحمى» المباراة وبدأت قصة الحب التى انتهت بالزواج بعد عامين من التعارف».

وتابعت: «خلال العامين كنا حرصين على معرفة كل منا للآخر بشكل أفضل، نتقابل باستمرار، وكان يأتى للجامعة خصيصا لرؤيتى، نتحدث فى الهاتف، وظل يساعدنى على تحقيق أحلامى، التى من بينها الالتحاق بوزارة الخارجية، فكان يرسل لى الآلة الكاتبة إلى المنيا، فهو متعاون إلى أقصى حد كما أنه يتميز بكونه إنسانًا طيبًا جدا وراقيًا ووطنيًا ويعشق سماع الموسيقى، وكان مثالا للزوج المتفهم والداعم، ظلت حياتنا تواجه الصدمات والصعوبات التى تزيد من تشابكنا وإصرارنا على الاستمرار، وبعدما تزوجنا وأنجبنا ابنتنا سافر زوجى لليمن وقت حرب اليمن وظل هناك لمدة ٥ أعوام».

واستكملت حديثها: «أتذكر أنه فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، تم إنشاء لجنة الإقطاع وهى المسئولة عن مصادرة ممتلكات ما أطلق عليهم الإقطاعيين، واعتبرت هذه اللجنة عائلة التلاوى إحدى العائلات الإقطاعية، وتم وضعنا تحت الحراسة، كما تم فصلى من وزارة الخارجية وفصل د.على من الجيش باعتباره متزوجًا من أسرة إقطاعية، وقتها لم يغضب ولم يتحدث بسوء إطلاقا ولم يتلفظ بلفظ يسىء لى ولا لأسرتى، كان متفهما ودودا يقدر الموقف رغم صعوبته عليه، على الرغم أنه كان حلمه الأول منذ الطفولة أن يلتحق بالكلية الحربية ويكون ضابطا فى الجيش المصرى، ورغم أن الأحداث جاءت لإفساد الحلم وتم فصله، إلا أنه وقتها كنت غاضبة أكثر منه وكان بيهون على الأمر ويطيب خاطري فكان إنسانًا رائعًا وخلوقًا، وقتها حاولت أن أوصل صوتى للرئاسة، وكان البوليس الحربى متواجدًا تحت منزلى يراقبنى، وأصررت أن أدافع عن أحلامنا التى ضاعت فى مهب الريح، وذهبت للرئاسة وقابلت الرئيس جمال عبد الناصر».

مقابلة الرئيس عبد الناصر

مضيفة: «قابلت الرئيس عبد الناصر وقلت له تم اتهامنا أننا إقطاعيون، لدينا أراض لكننا أيضا لدينا أسرة كبيرة تتكون من ١٠ أشقاء أنا أكبرهم والأراضى الزراعية مسجلة بالشهر العقارى، وإننى أشفق على أشقائى من ضياع حقوقهم، فرد عبد الناصر قائلا: «ماتزعليش كل حاجة هتتصلح، فعرفت وقتها أن المعلومات التى لدى الرئيس عكس الحقيقة، وبالفعل بعد ٤ أيام فقط تم رفع الحراسة عنى، ورجعت لوزارة الخارجية، ورجع زوجى إلى الجيش، وتزامن رجوعنا مع حرب ٦٧ وخاض زوجى عدة حروب، لكن الحظ السيئ مع تولى وزير جديد للحربية أعتقد أن رجوع دكتور على للخدمة جاء بناءً عن قرار الوزير السابق ولم يكن قرارا رئاسيا من الرئيس جمال عبد الناصر، وفى زحمة الأحداث لم نستطع حل الموقف، وأصيبت بحالة نفسية سيئة وشعرت بالذنب بأننى السبب فى هدم حلم زوجى للمرة الثانية».

واستطردت: «وقتها قرر زوجى تغيير المسار حيث كان حاصلا على ليسانس آداب إعلام، وتم تعيينه مستشارا صحفيا للسفارة المصرية بنيويورك، ثم ٤ سنوات مستشارا صحفيا للسفارة المصرية بلندن، وخلال هذه المدة التفت للكتابة وأصدر كتبا عن مصر والأمم المتحدة وكتبا أخرى عن اليمن وحقق نجاحا فى حياته المدنية».

 متابعة: «يوم أن توليت منصب أمين عام المجلس القومى للمرأة عام ٢٠٠٠ عقب إصدار الرئيس محمد حسنى مبارك قرارا بإنشاء المجلس القومى للمرأة، بعد مطالبات استغرقت ١٨ عاما من الناشطات والحقوقيات بإنشاء المجلس، وكانت رئيسة المجلس الشرفية السيدة سوزان مبارك، كلفت أنا وزكريا عزمى بالبحث عن مقر للمجلس وتم اختيار الدور الـ١٢ من مقر الحزب الوطنى بالتحرير، وهذا الدور كان محل مكتب الرئيس جمال عبد الناصر، فوجدت ترحيبا كبيرا من د. على بحصولى على هذا المنصب فهو دائما شخص داعم ومعطاء، وعندما جاء دورى فى رد الجميل لم أتردد لحظة حين مرض زوجى أنا أتنازل عن الاستمرار فى العمل وظللت بجواره عام ونصف العام قبل ما يتوفاه الله، فكنت أسعى دائما لخلق جو مريح له وأجعله يستمع للموسيقى التى يحبها وأحضر له الطعام وأضعه له على السرير وهناك من يستغرب ويقول لى معقول وزيرة تقدم الأكل على السرير فكنت أرد هنا أنا مش وزيرة هنا هو زوجى».

الحياة المدنية

وأردفت: «دكتور على شخص هادئ كان يتحمل غضبى الناتج كونى فى الأساس صعيدية، فكنت أتعصب من العمل وأصدر قرارات صادمة كان يواجهها، وعندما سافر لنيويورك طلبت إجازة وسافرت معه ٥ سنوات، ثم سافرت أنا إلى جنيف للعمل بالمجلس الدولى لحقوق الانسان «الأمم المتحدة» وقتها قرر الدكتور على أن يسافر معى، وناقش الدكتوراه فى أحد المراكز الكبرى، وتعايشنا سويا لمدة ٥ سنوات أخرى من أحلى أيام حياتنا، فكان دائما يدعمنى وعندما أشعر بالكسل أو الإحباط كان مصدر الدفع والقوة لى أن أكمل المسيرة، كما كان دائما شخص ينفى نفسه فلم أجده مرة يقول أنا عملت كذا، وكنت أحاول دائما أن أجعله ينسب أعماله الخاصة لنفسه لكنه لم يقبل، والآن أفكر جديا أن أجمع أعماله وأنشرها تخليدا لاسمه لأنه يستحق ذلك».

نهاد أبو القمصان والحقوقى حافظ أبو سعدة

قررت نهاد أبو القمصان أن توثق المواقف والحكايات التى جمعتها بالدكتور حافظ أبو سعدة رحمه الله فى كتاب تحت اسم حكايات الحب،هذه القصة الذى اطلع عليها الكثيرون عقب وفاة زوجها بتدوين وحكى مواقف على صفحتها عبر موقع «الفيسبوك»، فتابعها الكثيرون بشغف وعرف الجميع كيف تم اللقاء الأول فى الجامعة، وكيف تحدت التقاليد وكتبت قصة حبها بحروف من نور، وكيف تغلبت على القلق بداخل «أبو سعدة» عندما قالت له «أنا هتجوزك»، ليرد عليها: «عندى قضية أمن دولة»، فبادرته قائلة: «وماله  يا أبقى مراتك يا أبقى أرملتك وهيكون لك ولاد يبقوا شبهك ويكملوا من بعدك»، ورأت «أبو القمصان» أن قصتها تشبه قصة سمير غانم ودلال عبد العزيز فى بدايتها.

وقالت: «الست لما بتختار بتبقى عارفة أنه راجل محترم، وحافظ أبو سعدة سكن قلبى وادفى واديته ولاد ملو حياته وسلمنى حياته عن طيب خاطر ،وعمره ما بص برا، عاش فى بيت استقر وعرف دفا البيوت والأولاد، كنت عارفاه أكثر من نفسه كان حبيبى وصديقى وزميل عمل ورفيق عمر». 

وتحكى «أبو القمصان» عن تحديها للعادات والتقاليد، ورغم عدم قدرة «أبو سعدة» المالية وقتها قالت فى هذا الشأن جملة غاية فى الأهمية وهى: «الفلوس ليس لها قيمة فى ذاتها بس امتحان بتكشف وتعرى البشر وقنبلة تدمر الإحساس بالأمان لو طرف شعر أنه الثانى بيستغله».

وأضافت: «لما أتجوزت كنت لسة محامية تحت التمرين المكافأة متكفيش مواصلات أسبوع  ومع ذلك أقبض مكافأة التمرين أجيب حاجات فى البيت لأن دا بيتى، حافظ كان بيشتغل ويحط كل فلوسه فى درج لا عارف صرفنا إيه ولا فاض كام كان فى أمان مطلق بينا، وحافظ كان أساسى عنده أنى اشتغل، شايف إن شغل الست مظلة أمان وسند  للراجل حتى لو مش معايا فلوس أصرف بس لازم أبنى خبرة والفلوس تيجى بعدين، لأن الأمان أهم، لو حصل أزمة أعرف أسنده وأسند ولاده وفعلا فى فترات حصلت أزمات وردها حافظ أضعاف أضعاف وأثبت أن الأمان والعدل تصرفات».

وتابعت: «كل يوم جمعة كنت أنا وحافظ لينا برنامج لو صحينا بدرى نخرج نتمشى ونشرب قهوة لحد صلاة الجمعة نتفرج على الناس المبسوطة وناخد طاقة حلوة ونرجع، ومرات وقفنا قدام كشك نشرب حاجة ساقعة زى المراهقين بتوع إعدادى.. حكايات الحب بتحتاج لمرأة قوية ورجل حنون».

عزة سليمان و زوجها الهولندى رينيه

 يبدو أن عزة سليمان رئيس مركز قضايا المرأة المصرية، تعيش دائما فى تحديات فتجدها تصارع الحياة العملية ومشاريع القوانين، كما أنه معروف عنها بالوسط الحقوقى أنها شخص محارب، وكانت أيضا قصة حبها وزوجها مليئة بالتحديات، تقول عزة سليمان : «تزوجت مرتين وكانوا عن حب و اقتناع المرة الأولى تم الطلاق بالمعروف، لكن قصتى الثانية بدأت بعد الطلاق بسبع سنوات، أتذكر أول لقاء جيدا كان بأمريكا خلال زيارة لابنى هناك، وكان «رينيه» يعطى محاضرات بولاية «إيواه» الأمريكية وهو هولندى الجنسية، ويشاء القدر أن يحدث التناغم بيننا واستمرينا فى التواصل والمحادثات، ثم قرر رينيه زيارة مصر، وطوال فترة تواجده كنا نتواصل بشكل دائم ، فزرت أمريكا للمرة الثانية، وكل مرة نتقابل نشعر أن لغة التفاهم والتناغم بيننا كبيرة، وبعد عامين من التعارف، كنا على موعد للقاء بأمريكا، لكن أصدر قراراً سيادياً بمنعى من السفر، وكان هذا التحدى الأول فى قصتنا، فلم أعد استطيع السفر لكن هذا القرار هو ما أثبت لى نبل رينيه ومشاعره الصادقة، ففوجئت أنه قرر زيارة مصر قائلا لي: «كدة مش هينفع لازم نكون جنب بعض إحنا بنكبر ولازم نتزوج»، وكان التحدى الثانى الذى أثبت فيه رينيه قوة مشاعره عندما قرر ترك عمله والحياة بأمريكا والعيش معى بمصر.

وأضافت: «أما التحدى الأكبر فكانت الديانة، فلابد أن يكون مسلما حتى يتم الزواج وطبعا بالنسبة لأهله كان الموضوع به صعوبة أن يتزوج من بلد أخرى، وعلى غير ديانته فقال لهم نصا: أرى أن الحب واهتمام الأشخاص ببعضهما يحتاج أن يقدم كل طرف ما فى وسعه ليكون بجوار الطرف الآخر، وأنه اختار طريقه، ورغم كل هذه التحديات فكنا نمررها مرور الكرام، لا ولم نقف عند أى تحد فكنا نبحث عن الحل ونتجاوز الموقف لأننا قررنا بأننا هنعيش مع بعض».

 وتابعت: «هناك من كان يرى أن أولادى يمثلون تحديا أمامى لكن علاقتهم برينيه كانت جيدة جداً، حيث لديه من الود واللطف ما يجعل أى شخص يحبه، وأصبح تحدى الأولاد ليس تحدياً كبيرًا كما ظن البعض».