طارق الشناوي يكتب: أطلق لحيته وارتدى عباءة

الفجر الفني

بوابة الفجر




تعلم (طالبان) أنها لن تحكم إلى الأبد بينما أصابعهم لا تغادر الزناد، ما كان يجرى فى زمن سيطرتهم على أفغانستان لم يعد مقبولًا الآن، قطاع كبير من المواطنين من عملوا تحت القيادة الأمريكية وأداروا من خلالها شؤون البلاد، بعضهم قرر الهجرة خوفًا من البطش وحرصًا على حياته، ولكن هناك من تمسك بالوطن وأيضًا بالحياة، وعليه فقط أن يتلون طبقًا للعهد الجديد، خاصة ممن كانوا يمسكون بمفاتيح البلد، هؤلاء لن تستطيع (طالبان) الاستغناء عنهم وإلا توقفت تمامًا الحياة.

وجهت طالبان لهم عن طريق ذبيح الله المسؤول الإعلامى النداء تلو الآخر، بالعودة إلى مواقعهم، وفى نفس الوقت التقط الأفغان الذين قرروا البقاء تلك المقايضة، وبدأوا أولًا فى تغيير ملابسهم وهكذا صارت البدلة عباءة، بينما اللحية انطلقت لتغطى على ملامح وجوههم، ناهيك عن غطاء الرأس، وعلينا أن نصدق أن أحمد ليس هو الحاج.

الطرفان كل منهما يتحايل على نفسه أولًا، قبل أن يتحايل على الآخر، والطرفان مدركان ذلك، والحكاية لا تزيد على كونها تمثيلية رديئة، هذا هو أول بند فى الاتفاق. استبدلوا اسم البلد إلى ولاية، يقولون إنهم أقل دموية من (داعش)، وأكثر تطورًا وتفهمًا للمرأة من (بوكو حرام)، هل صار هذا هو (الترمومتر) الذى تقاس به الحياة فى أفغانستان، هم أيضا قادرون على التلون وإظهار تلك الجوانب الأقل تطرفًا ودموية، المرأة فى عرفهم يكمن فيها عمق مأساة الإنسان فهى الغواية والرذيلة، لا بأس مرحليًّا فقط ألا يصروا على البرقع ممكن (الشادور)، وممكن أيضًا الوصول لمرحلة التخفيف إلى درجة الاكتفاء بالحجاب (الشرعى) الذى يخفى كل شىء، وليس على طريقة الحجاب الإيرانى الذى قد يسمح بانفلات بعض الشعيرات من مقدمة الرأس، المرأة ستعود أيضًا للعمل، هم قادرون على التلون ولكن فى نفس الوقت لديهم دستورهم الخاص الذى يضع تطبيق الشريعة حرفيًّا على رأس القائمة، وهكذا حتى تلك الهوامش المحدودة التى تنازلوا عنها، من الممكن التراجع عن إباحتها فى أى لحظة، ولديهم دائمًا كتاب الله سوف يضعونه فى وجه كل من يعترض.

فى كل لحظة ستجد أن هذه الدولة التى يصفونها بالإمارة سوف تتراجع عن كل ما وعدت به، تلك هى شريعتهم الحقيقية سياسة الخطوة خطوة، العالم الآن لن يقبل بكل هذا التطرف، وأوروبا وأمريكا لن تمنح شرعية الاعتراف إلا بعد أن تضمن تنفيذ كل هذه التفاصيل التى تؤكد أنهم سوف يبتعدون عن الهمجية والدموية التى تتدثر عنوة بالدين.

هل يعتقد أحد أن الدين الإسلامى فى عمقه من الممكن أن يسمح بقهر المرأة كما يريدون؟ وهل فى الدين ما يفرض حتمية لما ينبغى أن يرتديه الرجال؟ إنها من شؤون الدنيا التى تتغير بحكم التاريخ والجغرافيا، ولكنهم لا يسمحون بإعمال العقل فى التاريخ والجغرافيا.

هم مراوغون والعالم كله مراوغ، يقايضون الغرب بتقديم وجه أقل عنفًا وشراسة، والعالم أيضًا يقايضهم عندما يصدق أنهم أقل عنفًا وشراسة، إنه اللعب ع المكشوف، والكل يعلم أنه مكشوف، عندى السلاح وسأفرض بعد قليل شروطى على الجميع واحدة واحدة (حد له شوق فى حاجة)!!

[email protected]
المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).