ما بين الحاجة والتصنع.. نرصد آخر تقاليع "التسول" في قنا (انفوجراف وصور)

محافظات

بوابة الفجر


لا يقف الإبداع والتطور عند حدود المتعارف عليه، فلكل مهنة مبدعيها، الذين يبتكرون كل جديد للمضي قدمًا باتجاه تطوير مهنتهم، هنا في محافظة قنا، طور الشحاذون والمتسولون طرقهم لاستعطاف المارة، بعد أن تحول الأمر الى مهنة.

في الأونة الأخيرة، هناك العديد والعديد من الأساليب الجديدة للتسول، التي طورها المتسولون من أجل التجديد، والإيقاع بضحاياهم الين يستجدونهم من أجل الحصول على الأموال، بدلا من الطرق التقليدية من خلال الإلحاح وترديد عبارات استجداء العطف والدعاء، واستخدام العجزة والمعاقين في استدرار العطف.

حيث ظهرت مؤخرًا أشخاص يحملون تحاليل طبية تثبت حاجة المستجدي لعملية باهظة التكلفة، ومرورًا ببيع المناديل أو كتب الأدعية أو تنظيف السيارات في تسول مُقنع، وصولًا إلى الأساليب المبتكرة التي تعتمد على وضعك في موضع الحالات الإنسانية العاجلة، بأن يوهمك بأنه أضاع أمواله وأنه يريد العودة إلى منزله وهو من محافظة أو مركز آخر.

يقول محمود عبد الهادي، من أهالي المدينة، إن المواطنين لا يستطيعوا أن يفرقوا بين المحتاجين فعليا وبين أولئك الذين يمتهنون مهنة التسول، لافتًا إلى انتشار المتسولين في كل الشوارع.


ويقول رامي عبده، من أهالي نجع حمادي، ويعمل مندوب استقدام عماله، إن التربية والأفلام والمخدرات، تسببت في انتشار الجريمة والتفنن في استحداث وسائل التسول، خاصة بين حديثي السن، بالإضافة إلى أن عدم توفير فرص عمل للشباب، دون وجود آليات واضحة في مجتمعنا للتصدي لتلك الظواهر.

حيل مستحدثة
ويوضح خالد ابراهيم، من أهالي المدينة، إن التسول عادة والشخص يصعب عليه مقاومتها في بعض الأحيان، وللأسف النصب أنواعه كثيرة ومتعددة، وسط استعداد وحبك للخطة الخاصة بخداع المواطنين للحصول على أموالهم، وعلينا كمجتمع صعيدي أن نتصدى لهذه الأمور المستحدثة على مجتمعنا بنشر الدين والثقافة واقامة مشاريع للتصدي للبطالة.

قصة واقعية
ويروي هيدرا ماهر، مواطن، موقفًا حدث أمامه حول أحدث طرق النصب والابتزاز، حيث شاهد أحد الأشخاص يضرب بيده على ظهر سيارة ملاكي في شارع ٣٠ مارس، وسقط على الأرض مدعيا أن السيارة قد دهست قدمه وأنه يتألم ويحتاج فلوس للعلاج وركوب تاكسي وغيره، ومر هذا الأمر مرور الكرام.

وتابع أنه بعد 5 أيام حدث معي بنفس الأسلوب، في شارع كنيسة السيدة العذراء، بينما كنت أسير ببطء، حتى فوجئت بوجود مطبين وحديد ورمال وزلط لزوم البناء في هذا الشارع، وقام نفس الشخص بنفس الادعاء، في شارع ٣٠ مارس ويقوم بنفس المسلسل أمامي ويساعده شخص راكب دراجة ويقول انا رأيتك تدوس على قدمه.


مشاهد للمتسولين
يصف أحمد عبدالمغيث، معلم، المشاهد التي يراها تتكرر أمامه من المتسولين، بالمشهد الهزلي ومسرحية عبثية تدل على محاولة المتسول الاستخفاف بعقول المواطنين، أملا منه في الحصول على ما يسد حاجته التي لا تنتهي، فلقد تحول إلى شخص يمتهن التسول، ويحاول جاهدًا لتطوير أسلوبه الذي يتمكن المواطنين من التعرف عليه في كل فترة من الفترات.

ويشير إلى أن التسول في محافظة قنا، يتخذ أشكالًا عده، فمن المتسولين من يدعون فقد أموالهم أو أنها قد سرقت، وأنهم من بلدة بعيدة ويحتاجون إلى بعض النقود للعودة إلى منازلهم، وهم يستقطبون الأشخاص الفرادى ويتوسمون أن يُدفع لهم.

الدماء والتسول
ويتابع أن من بين المستولين ممن يدعّون أنهم مرضى، وفي أمس الحاجة لشراء أكياس الدماء، أو العلاج، ويتجولون في المدينة وأمام المساجد وعلى المقاهي، بروشتات طبية غالبًا ما تكون قديمة أو مزورة، بحجة ضرورة صرف العلاج، وإذا طلب أحدهم أن يصرف لهم العلاج يرفضون ويتركونه ويبحثون عن آخر يستنزفون منه المال.

ويقول على عبد الحميد، مدرس، انه شاهد أكثر من مرة حالات تدعي أنها قعيدة المرض، وفي آخر النهار تمضي مسرعة على قدميها، بينما يتناقل البعض أن الأطفال يتم تأجيرهم بغرض التسول بهم مقابل نسبة متفق عليها بين المتسولين، في حين يطلق البعض الآخر منهم الأطفال الصغار للتسول داخل المدينة.

القانون يجرّم
وفي السياق، قال مصدر أمني لـ "الفجر"، إن القانون يجرم التسول ويوقع القائمين به تحت طائلة القانون، لافتًا الى أنه تم القبض على عدد منهم وحررت لهم قضايا في هذا الشأن، لافتًا الى أنه على المواطنين توخي الحذر في منح عطاياهم لمن يستحق ومن لا يستحق.

عقوبات
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن القانون 49 لسنة 1933، من قانون العقوبات ينص على عدد من المواد لمكافحة ظاهرة التسول والتي من بينها ما يلي:

1ـ المادة "1" يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز شهرين كل شخص صحيح البنية ذكرًا كان أم أنثى يبلغ عمره خمسة عشرة سنة أو أكثر وجد متسولًا في الطريق العام أو المحال العمومية، ولو ادعى أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أي شيء.

2ـ مادة "2" يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا كل شخص غير صحيح البنية وجد في الظروف المبينة في المادة السابقة متسولًا في مدينة أو قرية لها ملاجئ وكان التحاقه بها ممكنًا.

3ـ مادة "3" يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور كل متسول في الظروف المبينة في المادة الأولى يتضح الإصابة بجروح أو عاهات أو يستعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور.

4ـ مادة "4" يعاقب بالعقوبة المبينة في المادة السابقة كل شخص يدخل بدون إذن في منزل أو محل ملحق به بغرض التسول.

5ـ مادة "5" يعاقب بنفس العقوبة كل متسول وجدت معه أشياء تزيد قيمتها على مائتي قرش ولا يستطيع إثبات مصدرها.

6ـ مادة "6" يعاقب بنفس العقوبة: كل من أغرى الأحداث الذين تقل سنهم عن خمسة عشرة سنة على التسول، وكل من استخدم صغيرا في هذه السن أو سلمه لآخر بغرض التسول وإذا كان المتهم وليا أو وصيا على الصغير أو مكلفا بملاحظته تكون العقوبة بالحبس من ثلاثة شهور إلى ستة شهور.

رأي الدين
ويقول الدكتور أحمد عبد اللطيف الكلحي، أحد شيوخ الأوقاف، إن هناك أسر كاملة أصبحت تحترف تلك المهنة، وهم معروفون للجميع، حيث يقومون بتسريح أبنائهم لاستجداء العطف وجمع الأموال من المواطنين، مشيرًا إلى أن مباحث الآداب تقوم بعمل حملات كبيرة لإلقاء القبض على هؤلاء.

ويوضح أن التسول من أخطر الأمراض المنتشرة في المجتمع، وله عدة أسباب، منها الابتعاد عن الدين، خاصة وأن هؤلاء يعلمون أن ما يقومون به حرام شرعًا، لأنه من باب النصب وأخذ المال دون وجه حق، لافتًا أن التكافل الاجتماعي هو الحل لإنهاء تلك المشكلة التي تمثل أزمة جديرة بالعمل على القضاء عليها.

لجان لضبط المتسولين في شوارع قنا
ويقول اللواء أشرف الداودي، محافظ قنا، إنه أصدر قرارا رقم 288 لسنة 2021، يتضمن تشكيل لجنة عاجلة في كل مركز، برئاسة رئيس الوحدة المحلية، وعضوية كل من عضوين من الإدارة الاجتماعية، أحدهما ممثل عن الدفاع الاجتماعي والآخر عن قسم الضمان، ومسئول حماية الطفل، وعضو من إدارة المتابعة وتقييم الأداء بالوحدة المحلية للمدينة.

وأوضح محافظ قنا، أن اللجنة سوف تختص بالمرور اليومي على شوارع المراكز والمدن والقرى، لمنع ظاهرة انتشار المتسولين واستغلال الأطفال في أعمال التسول، مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، وإعداد تقرير يومي بأعمال كل لجنة وإرساله إلى إدارة الأزمات بالمحافظة.

وأشار الداودي، إلى أن اللجان المشكلة، ستبدأ أعمالها بداية من الغد بالتنسيق مع أقسام الشرطة بالمراكز، مؤكدًا أن الانتشار غير المبرر لظاهرة التسول بشوارع المحافظة، يشير إلى أنه هناك إدراة وتنظيم لهذه الظاهرة، لذا يجب علينا عدم الالتفات إليهم وعدم إعطائهم أي مساعدات مالية، حتى لا نساعدهم على الاستمرار في التسول.