ظاهرة الانتحار.. الأسباب والحلول

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


ظاهرة الانتحار تحدث في جميع أقاليم العالم والواقع أنّ ٧٩٪ من حالات الانتحار العالمية لعام ٢٠٢٠ حدثت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، إلا أنه يمكن تفادي تلك الظاهرة عبر تدخلات آنية وعادةً ما تكون منخفضة التكاليف.

وانطلاقًا من تصريحات منظمة الصحة العالمية الأخيرة بأنّ حوالي ما يقرب من المليون يموتون سنويًا بسبب الانتحار، ترصد" الفجر" أسباب وحلول وإحصائيات حالات الانتحار في مصر موضحةً طرق الوقاية والبعد الديني وغير ذلك..

الانتحار وأسبابه:
يوضح الدكتور محمد عبد الفتاح الجمال رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر في تصريحات خاصة " للفجر" أنّ الإنتحار هو تعمد الشخص قتل نفسه والسبب الواضح فيه هو اليأس الذي يدخل الإنسان في اضطراب نفسي مثل (الاكتئاب، والهوس الإكتئابي، والفصام، وإدمان الكحول والمخدرات)، وغالبًا ما يكون سببه هو عوامل الإجهاد مثل (الصعوبات المالية، أو فقدان شخص عزيز، أو مشاكل في العلاقات الشخصية)، وأن هناك أسبابًا أخرى قد تؤثر على الشخص وتدفعه إلى الإنتحار، وأكدّ في ذلك السياق أنّ القول بوجود سجل عائلي ( بأن يرتكب والدي الشخص أو أحد أقاربه الإنتحار) وأنّ الجينات الوراثية مسؤولة بنسبة ما عن السلوكيات الانتحارية لا يشكل سببًا حقيقيًا للإنتحار بل أنّ سمات الإنسان هي ما تؤثر في چيناته، وأكمل بأنّ هناك سبب آخر معروف وهو اضطرابات الشخصية فكثير من المنتحرين كانت اضطراباتهم الشخصية هي ما دفعتهم إلى ذلك [اضطرابات الشخصية هو أحد أنواع الاضطراب العقلي الذي يعاني فيه المصاب تصرفات وأداء وظائف ونمط تفكير غير صحي ومتصلب. ويعاني المصاب باضطراب الشخصية مشكلات في فهم المواقف والأشخاص والتعامل معهم. ويؤدي هذا إلى مشكلات كبيرة ووجود حدود في العلاقات والأنشطة الاجتماعية والعمل والمدرسة]، كما أوضح الدكتور أنّ ٥٪ من المصابين باضطرابات ما بعد الصدمة ماتوا منتحرين ولعل هذا ما يفسر رغبة الطبيب المصري محمود سامي قنيبر بالإنتحار بعد فقدان بصره.


علامات ومقدمات الإنتحار:
وقال الدكتور أنّ علامات الراغب في الانتحار كثيرة منها:
•اضطرابات في المزاج العام والشعور بأن ليس له قيمة ولا يوجد من يهتم لأمره
•عدم الرضا عن الذات
•وعلامات جسدية منها اضطرابات مجهولة السبب في المعدة والأمعاء
•إرهاق وتعب إجهاد
• دوخة وعدم توازن
•آلام عامة ومنها المفاصل
 
وأشار إلى أنه يمكن أن يحدث الانتحار بدون مقدمات أو علامات أولية وذلك مثل أن يكون الفرد معتمد كليًا على شخص ما أو متعلق بشئ ومن ثم يفقده.


حل مشكلة الانتحار:
وأوضح الدكتور أنّ حل مشكلات الإنتحار يكون بحل أسبابها، بالإضافة إلى اتخاذ بعض التدابير على المستوى الفردي والفرعي، فعلى المستوى الفردي متى عُلم بأنّ هناك من يفكر في الإنتحار لابد من وضع القيود على وسائل الإنتحار ( المبيدات الحشرية، الأسلحة، الدواء) والتوجه الفوري به للطبيب المختص، وعلى المستوى الفرعي (دور الأهل) إعادة تقوية العلاقات الشخصية والروابط الأسرية وتغيير البيئة للمريض وعدم نقل إليه شعور نظرة العار بمرضه كما أن لهم دور في إعادة ربطه بالمعتقدات الثقافية والروحية الإيجابية فهي من أسس الحماية والمواجهة لمشكلة الإنتحار.

دور وسائل الإعلام في حل مشكلة الانتحار:
وأشار الدكتور إلى أنه يمكن حل مشكلات الإنتحار بتجنب وسائل الإعلام محاكاة حالات الإنتحار وذلك بألا تعلن عن الأساليب الغير عادية في الإنتحار أو الصور باعتباره استجابة مقبولة للأزمات والشدائد، في الوقت ذاته يقع عليها دور نشر الوعي الإيجابي بأن تعرض اللقاءات الطبية التي توضح عن مشاكل الصحة النفسية ومنها الإنتحار. وبذلك تكون وسائل الإعلام لا شك لها دور فعّال في خفض معدلات الإنتحار.


طرق الوقاية من الانتحار:
وقال الدكتور إنه لكي يحمي الفرد نفسه من التعرض لذلك المرض النفسي عليه إتباع ما يلي:
• عدم الإفراط في استخدام شبكات التواصل الإجتماعي _ أو إدمانها إن صح القول_ حيث تؤدي إلى تشتيت المخ بين مهام متعدده مما ينعكس سلبًا على الإدراك والإنتباه وتؤدي للإصابة بالاكتئاب ومن ثم الانتحار
•تكوين علاقات شخصية قوية
•تعلم استراتيجيات المواكبة وطلب الدعم
•الإتساق الإيجابي بالمعتقدات الثقافية والروحية
•التأهيل النفسي للتعامل مع الصعوبات منذ مرحلة الطفولة، ووقاية الطفل من العنف وتعزيز مهاراته التي تتمثل في التكيف، ومهارات حل المشكلة وطلب المساعدة

إحصائيات:
في بيان منظمة الصحة العالمية عن إحصائيات الإنتحار لمنطقة الشرق الأوسط صرحت بأنه على الصعيد العالمي، هنالك ضعف في البيانات المتاحة عن الإنتحار ومحاولات الإنتحار وفي نوعية هذه البيانات، وهناك نحو 80 دولة عضوا فقط لديها بيانات جيدة عن تسجيل الأحوال المدنية يمكن استخدامها مباشرة لتقدير معدلات الانتحار. ولا تقتصر مشكلة ضعف البيانات حول الوفيات على الانتحار، ولكن العائق هو حساسية الانتحار في كثير من البلاد، ويتفق مع ذلك تصريحات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري الخاصة " للفجر" حيث أشار بأنه لا توجد تسجيلات عن حالات الإنتحار في مصر بسبب وجود كثير من الحالات الإنتحارية التي لا يتم الإبلاغ عنها، ومن المرجح أن تطرح مشكلة ضعف الإبلاغ وسوء التصنيف بشكل أكبر فيما يتعلق بالانتحار مقارنة مع سائر أسباب الوفيات الأخرى.


حكم الانتحار في الإسلام:
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الإنتحار كبيرة من الكبائر وجريمة في حق النفس والشرع، ولا ينبغي التعاطف مع هذا الأمر وإنما التعامل معه كمرض نفسي يمكن علاجه من خلال المتخصصين.

وفي ذلك السياق أوضحت أن المنتحر قد ارتكب كبيرة من الكبائر، إلا أنه لم يخرج من الملة، ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).