رامى رشدى يكتب: العالم ينتفض ضد «طالبان» إلا ياسر برهامى

مقالات الرأي




 قال إنهم الأقرب لتطبيق حكم الله.. وسار على موجة عاصم عبدالماجد

المشهد الإنسانى فى أفغانستان «صعب» و«قاس» على النفس.. أن ترى الناس يفرّون بحياتهم تاركين بيوتهم وكل ما يملكون خوفاً من سلطة تحكمهم، لدرجة أنهم يطلبون الحياة ولو تعلقاً بالموت، كما شاهدنا قبل أيام عندما خرج الأفغان لملاحقة الطائرات الحربية الأمريكية والتعلق بأجنحتها وعجلاتها فى محاولة للهروب إلى مكان آخر بعيداً عن جحيم طالبان التى عادت للحكم بعد ٢٠ عاماً، بعد تهاو سريع للسلطة الأفغانية وهرب رئيسها، ووسط دهشة العالم.

العالم ينتفض ضد طالبان إلا ياسر برهامى

طبيب الأطفال ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية، علق على استيلاء حركة طالبان على الحكم فى أفغانستان، قائلا: إن «طالبان عندهم خير فيه دخن»، لكنهم أفضل من سابقيهم، ففى النهاية هم «مُتشرعون يلتزمون بالشريعة».

وتابع: «دخول طالبان العاصمة.. الحمد لله أن زال العملاء، لكن نحن نقول إن طالبان عندهم خير فيه دخن، ولكن بلا شك إنهم أفضل ممن نصبهم الأمريكان عملاء ليفرضوا الفساد ومخالفة شرع الله».

وهاجم برهامى الغرب قائلا: «إذا أردتم أن تعرفوا وقاحة الغرب، فانظروا إلى ما قاله وزير الخارجية الألمانى من أن طالبان إذا طبقت الشريعة فلن نعطى أفغانستان سنتاً واحداً».

وأضاف: «قالوا إن أفغانستان لا تقوم بدون مساعدات، وسيرون إن شاء الله أن هذا البلد لا يحتاج إلى مساعدتهم».

و»فى الحقيقة إللى كان يحتاج إلى مساعدات هو النظام الذى لا يقوم إلا بهم.. فنسأل الله (عز وجل) أن يُعلى كلمة الإسلام فى كل مكان».

واسترسل قائلا: إن كنا نُدرك أن طالبان عندهم من الزخم ما يكون من المذهب «المذهب الحنفي» وإلزام الناس بذلك، ويعنى قدراً من التصوف، فإنهم يمنعون الغلو الشديد فى القبور والتبرك بها، ولكن يمنعون هذه المقابر على الأبنية المشرفة.. لكن كما ذكرنا هم فى النهاية «مُتشرعون يلتزمون بالشريعة».

وحول كيفية وصول طالبان للحكم قال برهامي: «طب إيه اللى حصل؟ إحنا مش عارفين إيه إللى حصل، إيه إللى خلى الأمريكان ينسحبوا بعد المباحثات؟ إنا نفوض الأمر إلى الله».

وحول محاربة طالبان للسلفيين، قال برهامي: «حربهم على السلفية أنا غير مُتيقن من ذلك.. ولكن هذا مُحتمل».

وردا على تعقيب أحدهم بصوت غير واضح، رد برهامى قائلا: «لا ما فيه بعض الفيديوهات بتقول لكن الله أعلم ممكن تكون مُفبركة. إحنا خلاص بعد عصر التزوير العميق.. ها.. خلاص محدش يقدر يقول.. وبعدين إحنا فاهمين حاجة، دى كلها ترجمة إحنا لغة مش فاهمينها».

هنا انتهى اللايف الخاص بياسر برهامى بعد أن أدلى بدلوه فى استيلاء حركة طالبان على الحكم فى أفغانستان، وطفح علينا بكلامه المردود عليه، والذى يكشف عن الوجه الحقيقى لهذا الرجل وغلمانه وجماعته المنتشرة فى ربوع مصر، وفكرهم المتطرف الذى يحاولون غرسه منذ سبعينيات القرن الماضى، وعلى مدار عقود تغيرت معه موقف جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية على الأرض، ما بين ثورتين « ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣» سطع خلالهما وبعدهما نجم الدعوة السلفية بالإسكندرية، وتأسس حزب النور الذراع السياسية لها، وأصبح لهم ممثلون بمجلس النواب خلال دوراته المتعددة، فلا يمكن أن ننفى أو ننكر وجودهم على أرض الواقع، بين الناس، خاصة مع انتشار مشايخهم ونوابهم فى الحياة العامة والسياسية، والذين يؤمنون بهذا الفكر المتطرف، ويحاولون تطبيقه خاصة مع استمرار منظرهم الأول وملهمهم «برهامي» الذى يعتبر حكم طالبان تنفيذاً لحكم الله وشرعه على الأرض، ضارباً بعرض الحائط تاريخ طالبان فى إراقة الدماء، ونشر الفكر المتطرف، والعنف فى شتى بقاع الأرض، وتناسى أن حركة طالبان وتنظيم القاعدة اللذين خرج من رحمهما كل جماعات العنف المنتشرة فى العالم، وعلى رأسهم «داعش» والتنظميات الوليدة المنبثقة عنهما التى ساهمت فى تدمير عدد من الدول العربية، ودفعت مصر جزءاً من فواتير هذه التنظيمات فى التسعينيات وفى العقد الأخير من دماء شهدائها الأبرار من رجال الجيش والشرطة والمواطنين البسطاء، حتى استطاعت اجتثاث جذورهم بفضل حنكة وقوة القيادة السياسية، وبطولات رجال الجيش والشرطة فى الحفاظ على مصر آمنة مستقرة، تؤسس للجمهورية الجديدة.

كل هذه لم يعبأ به ياسر برهامى، الذى تغزل فى طالبان، ليس هذا فقط بل إن طالبان عنده أفضل من الطرق الصوفية ومشايخها وعلمائها ومريديها، الذين هاجمهم وسط وصلات الطرب والمديح التى هالها على طالبان، والتى وصفهم خلالها بأنهم بعيدون عن الغلو الشديد فى التبرك بالمقابر ويطبقون شرع الله، فى الوقت نفسه نفى علمه بأن طالبان هاجمت السلفيين، واعتبر أن الترجمات المنقولة عنهم مغلوطة.

»برهامى« والإرهابى الهارب عاصم عبدالماجد

لم يكتف «برهامى» بكل ما سبق، بل سار على موجة الإرهابى الهارب عاصم عبد الماجد، الذى يتطابق كلامه ومواقفه الداعمة لحركة طالبان، فعاصم عبد الماجد علق بنفس اللهجة والفكر والمنطق على استيلاء حركة طالبان على السلطة فى أفغانستان، إذ نشر على حسابه بموقع تويتر قائلاً: «قبل أن تهاجم طالبان أو غيرها حدد موقفك أولاً، هل أنت مع خضوع البشر والجماعات والحكومات لله رب العالمين أم لا؟ إن قلت نعم فلابد من خضوعنا جميعا لله خالقنا، فنحن عبيد لله ملزمون بطاعته، وإقامة شرعه بعد ذلك، ابحث عن حكم الله فيما تفعله طالبان أو غيرها، وهل ما تفعله للشرع أم لا».

طبعا يعتبر عاصم عبد الماجد أن ما تفعله وستفعله «طالبان» هو شرع الله، وهو يغرد قائلا: «طالبان قالت لا لأميركا ففتح الله بها ولها».


تناسى نعم مصر عليه وعلى جماعته

وعلى نفس الموجة والنغمة والموقف سارت، ولم تخلف الهيئة المسماة الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الظنون، ولم تخالف التوقعات، وبادرت بإصدار بيان مسجل لتأييد حركة طالبان الأفغانية، اعتبر فيه رئيسها أحمد الريسونى، أن ما قامت به الحركة نصراً وأنه نموذج جديد لإسلام الرحمة والتعاون والتوافق والتنمية.

كان هذا متوقعاً من الهيئة التى تتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقراً لها، اتخاذ مثل هذا الموقف، فالدوحة هى العاصمة التى كانت الساحة السياسية المفتوحة أمام قادة حركة طالبان، تماماً كما كانت الملاذ لقادة التنظيمات المتطرفة والإرهابية بشتى صنوفها.

ومن يتابع المنصات الإعلامية التابعة لها يكتشف دون أى جهد حجم الدعم الذى تحظى به طالبان، والجهود الإعلامية المستمرة لتسويق الحركة، والترويج لما تسعى لتمريره من كونها نسخة جديدة أقل تطرفاً عن نسختها الأصلية التى حكمت أفغانستان لسنوات كانت خلالها مستقراً وملجأ لكل إرهابيى العالم.

وفى الفيديو الذى نقلته وسائل الإعلام التابعة للتنظيمات الإرهابية المختلفة.