حوار| رئيس هيئة ميناء دمياط: نعمل طوال العام.. وقللنا مدة الانتظار للسفن
عن الأهمية التاريخية لميناء دمياط، والمزايا التنافسية التي يتمتع بها، حاور موقع الفجر الإلكتروني، اللواء بحري وليد عوض رئيس مجلس ادارة هيئة ميناء دمياط، الذي أكد أن الميناء يتمتع بمزايا تنافسية قوية أبرزها قدرته على العمل طوال العام عدا 23 ساعة متفرقة على مدار السنة أثناء بعض النوات، مؤكدا تقليل مدة الانتظار للسفن بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وإلى نص الحوار...
في البداية نرجو من سيادتكم توضيح الأهمية التاريخية للميناء؟
ميناء دمياط يعتبر من أهم الثغور المصرية المطلة على البحر المتوسط، وتم إنشاؤها في عهد محمد علي الكبير عام 1805، قبل حرف قناة السويس، وبذلك يعد ميناء تاريخي قديم ومهم، فقد كان منفذ للتصدير والاستيراد للبلاد، وكان مركزا لبناء الأسطول المصري الحربي والتجاري في ذاك الوقت.
وفي عام 1985 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 317، ينص على إنشاء هيئة ميناء دمياط، وتم الانتهاء من إنشاء الميناء وافتتاح الملاحة البحرية 26 يوليو عام 1986.
وتبلغ المساحة الكلية للميناء 11.8 مليون متر مربع، ومساحة اليابس 7.9 مليون متر مربع، مساحة المسطح المائي 3.9 مليون متر مربع، لتصبح بذلك نسبة المساحة لليابس وللمسطح المائي 3:1، وهي النسبة المثالية العالمية للموانئ.
وأطوال الأرصفة الخاصة بالميناء 6 آلاف و600 مترا، وفي المستقبل القريب ستزداد هذه الأطوال، وممر ملاحي طوله 11.4 كم، ومن المقرر أن يزيد إلى 15 كم.
كم تبلغ عدد المحطات التي يتمتع بها الميناء؟ وماهية كل محطة؟
يمتلك الميناء 7 محطات، المحطة الأولى للغاز والبتروكيماويات والمحطة الثانية محطة الحاويات وبها 6 أرصفة، والمحطة الثالثة محطة البضاعة العامة وبها 4 أرصفة، والمحطة الرابعة لبضائع الصب وتضم الصب السائل "الزيوت والشحوم" أو الصب الجاف "الحديد والخردة" وتشمل 4 أرصفة، والمحطة الخامسة المحطة متعددة الأغراض وتضم 3 أرصفة وتم افتتاحها عام 2019، والمحطة السادسة محطة الحبوب وتضم 5 أرصفة، والمحطة السابعة محطة الميناء النهري.
وتعتبر المحطة الأولى من المحطات المهمة للميناء، لأنها تضم شركة "المتحدة لمشتقات الغاز البروبان"، والتي تمكنت من توصيل خطوط غاز من دمياط إلى طنطا لضخ غاز البوتاجاز بداية من شهر سبتمبر.
والشركة الثانية هي شركة "السيجاس" للغاز المسال، شهدت متوقفة عن العمل لمدة 8 سنوات وعملت القيادة السياسية والميناء على إعادة الشركة للعمل مرة أخرى بداية من فبراير 2021، لتستقبل الميناء على إثراها نحو 21 سفينة غاز مسال، ومن المنتظر استقبال السفينة رقم 22 للغاز المسال للتصدير يوم 29 أغسطس، ويتم تصدير الغاز المسال لدول أوروبا وشرق أسيا.
والشركة الثالثة "إيميثانكس" المنتجة لغاز الميثانول، ويعمل الميناء على تصدير الغاز الخاص بها.
ما المزايا التنافسية التي يتمتع بها ميناء دمياط دون غيره؟
يتمتع الميناء بمزايا تنافسية قوية، أبرزها قدرته على العمل طوال العام عدا 23 ساعة متفرقة على مدار السنة أثناء بعض النوات، ما يمكنه من استقبال جميع السفن حتى سفن الغاز، التي تعد الأخطر، في حالة النوات الشديدة، والتي قد تصل سرعة الرياح خلالها إلى 30 و35 عقدة، مقارنة بأغلب الموانئ في العالم، التي تغلق الميناء عند زيادة سرعة الرياح إلى 22 أو 23 عقدة، وهذا يرجع إلى استقامة الممر الملاحي وأنه ميناء صناعي محفور.
ويتميز الميناء كذلك بموقع مميز قريب من طرق التجارة العالمية الرئيسية بين الشرق والغرب، نتيجة لقربه من قناة السويس، وكذا قريب من حقول النفط والغاز كحقل ظهر، وتمتعه بوجود ميناء نهري، وصوامع للغلال برصيف الحبوب تسع حتى 220 ألف طن، وتعد من الأنشطة الأساسية والهامة، ومقسمة إلى صوامع خرسانية تسع 100 ألف طن، وصوامع معدنية تسع 70 ألف طن، وصوامع أفقية تسع 50 ألف طن، وإضافة إلى ما سبق وحصول الميناء على جميع الشهادات الحتمية.
كيف استغلت الهيئة الميناء النهري لتعزيز قوتها التنافسية؟
ميناء دمياط يتصل بالنيل من خلال فرع دمياط عبر قناة صناعية بطول 4.5 كم وعمق 5 م، وهذا الربط أتاح للميناء القدرة على نقل السلع الاستراتيجية، مثل القمح، حيث تمكن الميناء من نقل 24 ألف طن قمح العام الماضي، وهو ما يعادل 600 تريلا، وتوقفنا أثناء الشدة الشتوية بنوفمبر الماضي، ومؤخرا تم الاتفاق على "بارجات" جديدة - وهي وحدات نقل نهري - لنقل 7 آلاف طن قمح.
كما كان للميناء النهري دور هام أثناء وقوع حريق مرفق بيروت أغسطس 2020، من خلال إدخال السفن ذات الغاطس الصغير 5 متر، وتم تصدير خلاله بعض الخامات والسلع مثل "اسمنت معبأ، رمال، بطيخ، بطاطس، بصل"، وذلك لكل من دولة لبنان وسوريا والأردن، كما تم استيراد بعض البضائع مثل "القمح، الشعير، الحمص، حديد بلت، حديد صاج"، واردة من روسيا وبلجيكا وإيطاليا وتركيا، في سفن صغيرة ليست بغاطس كبير.
للنقل النهري مجموعة من المشاكل ولايزال بحاجة للتطوير، فما المشاكل التي وجهتكم في نقل السلع؟ وكيف تغلبتم عليها؟
مشاكل النقل النهري تكمن في الأهوسة، فهناك أهوسة لازالت تُفتح بطرق بدائية، لكن بالتعاون مع وزارة الري تم ضخ مياه لزيادة المنسوب للسماح "للـبارجات" بالسير. ومن ضمن المشاكل بالنقل النهري عدم إمكانية الإبحار ليلا في نهر النيل كالنقل البحري، لذا أرى أنه يجب تجهيزه للإبحار ليلا، حرصا من الميناء على بحث سبل للتصدير من خلاله.
نرجو من سيادتكم استعراض المواصفات الفنية التي تتمتع بها المحطة متعددة الأغراض؟
يبلغ طول المحطة متعددة الأعراض 680 مترا، بعدد 3 أرصفة، وساحة تداول 70 ألف طن، وطاقة تخزينية 4 مليون طن سنويا. وتتسم المحطة دون غيرها من المحطات بعمق 17م، وهو يعد أكبر عمق في الميناء، ما أعطى للميناء أريحية في استقبال السفن الضخمة ذات الغاطس الكبير، وبالفعل استغل الميناء هذه المحطة للإيقاف عليها نحو 3 سفن.
هل تحددت هذه المواصفات الفنية للمحطة وفقا لميزانية الهيئة أم لأنها مناسبة مع البنية التحتية للأرصفة المجاورة؟
بالطبع لهذا ولا ذاك، تحديد أطوال الأرصفة والأعماق الخاصة بالمحطة، جاء وفقا للمساحة المتوفرة بالميناء واستخداماتك للمحطة والهدف منها، وهذه المحطة تم تحديد موصفاتها الفنية من قبل السادة رؤساء الهيئات السابقين، من خلال لجان متخصصة من مهندسين.
ماذا نعني بمحطة متعددة الأغراض؟
محطة متعددة الأغراض أي أنها محطة لها القدرة على استقبال جميع أنواع البضائع "الصب الجاف (الخردة) – الصب السائل (مثل الزيوت والمولاس) – البضائع العامة (الأخشاب – سكر – حديد بلت)، والمحطة مجهزة برصيف لاستقبال الصب السائل، ورصيفين للبضائع العامة والصب الجاف، وأطوال الأرصفة خاصتها كبيرة وأعماقها كبيرة فتعطي حرية في استقبال وربط أكثر من سفينة على الرصيف الواحد.
كم بلغ حجم الإيرادات التي حققتها المحطة بعد عام ونصف على افتتاحها؟
تم افتتاح المحطة متعددة الأغراض في ديسمبر عام 2019، وفي شهر مايو عام 2020 حصلنا على إيرادات من المحطة تقدر بـ 510 مليون جنيه وهذا يعد ثلث ثمن تكلفتها، والتي تقدر بمليار و365 مليون جنيه، وفي شهر يناير 2021 حصدت إيرادات إجماليا منذ الافتتاح حتى ذاك التوقيت نحو مليار و100 مليون وفي شهر 30 / 6/ 2021 تم سداد ثمن التكلفة كاملا، والتي كان من المقرر أن يتم سداده على مدار 3 سنوات، لكن مع تكثيف العمل عليها تمكن الميناء من سداد التكلفة بتوقيت أسرع.
كان مشروع تعميق الممر الملاحي للميناء مطروح منذ عام 2010، فلماذا تأخرنا في تنفيذ هذا المشروع كل تلك الفترة؟
لم يكن ضمن الخطط السابقة تعميق الممر الملاحي لـ 18.5م، بل تم التفكير في هذا العمق منذ عام، لأن الأجيال الجديدة من السفن تتجه نحو السفن الضخمة والغاطس الأعمق، واستخدامها الغاز كوقود بيئي للتسيير، فتحدد عمق الممر وفقا لغاطس أكبر مركب حاويات وهي 18م، وعددهم لا يتعدى 3 أو 4 مراكب، وهذا العمق يواكب أي تطور في المستقبل.
كما أنه عندما خططنا لتنفيذ "محطة الحاويات تحيا مصر واحد" بعمق 18م كانت الحاجة لزيادة عمق الممر من 16م إلى 18.5م، وزيادة طول الممر من 11كم إلى 15كم، ليصبح للممر القدرة على استيعاب السفن الضخمة والغاطس الكبير، وهذا الأمر سيتبعه إجراءات أخرى مثل الحاجة إلى "شمندورات" لتحديد الممر للسفن، ونقل منطقة الانتظار الخارجية الخاصة بالميناء في منطقة أخرة بجانبها.
إلى أي مدى سيسهم مشروع حاجز الأمواج الغربي والشرقي في تقليل حجم التكريك السنوي للحفاظ على العمق التصميمي للممر؟
من المشاكل التي تواجه الميناء هي الإطماء، وتقدر بنحو 2 مليون متر مكعب سنويا يترسب على الممر الملاحي فيقلل العمق، وللحفاظ على العمق التصميمي للميناء كانت الهيئة تتكلف سنويا ملايين الجنيهات لتكريك وإزالة الإطماء.
ومشروع الحاجز الغربي والشرقي يعود للعميد أحمد عثمان رئيس الإدارة المركزية للبنية الأساسية، ومستشار السيد وزير النقل، حيث أقترح عمل حواجز أمواج غربي وشرقي، وبناء محطة متعددة تحيا مصر2 مع الحاجز الغربي البالغ طوله 3 كم و600 متر، والحاجز الشرقي 1كم 565 متر، ومشروع الحواجز سيعمل على تقليل ظاهرة الإطماء بنسبة أكثر من 90%، وبالتالي لن نحتاج للتكريك إلا بعد 5 سنوات ومقدار بسيط.
ما الأسباب وراء غياب سفن الغاز لـ 8 سنوات عن الميناء؟ وكيف عملت الهيئة على عودتها مرة أخرى؟
كان هناك مشاكل في تصدير واستيراد الغاز، وأن الشركة نفسها وهي "سيجاس" الإسبانية عانت بعض المشكلات ما بين المؤسسين، وبفضل تدخل رئيس الجمهورية ووزير البترول ووزير النقل تم حل المشكلات، وكان من المفترض أن يعود الغاز للعمل من فبراير 2020 لكن تأخر عام، بسبب تفشي كورونا خاصة في إسبانيا، والحمد لله عادت السفن للعمل هذا العام، وربنا يدمها نعمة على الميناء، لأن كل سفينة غاز تدخل الميناء تزيد من إيرادات الميناء وكذا الدخل القومي المصري.
عانت الميناء من ظاهر "الكاحول"، فكيف عملتم على القضاء عليها؟
في البداية ظاهرة "الكاحول" هي وصول حاويات عليها مهربات أو بضائع خطرة أو أي نوع مخالف بأرقام بطاقات قومية وهمية، وهذه المشكلة تسبب بوجود بضائع مهملة كثيرة، ومن خلال التحول الرقمي الذي تسعى إليه الميناء تم عمل منظومة رقمية تسمى "G to G" (جي تو جي)، للربط بين الميناء ووزارة التموين والتضامن والمالية والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وبالإضافة إلى وجود تجربة مع وزارة الداخلية لإعطاء وصلة من الأرقام القومية، للتحقق من صحة الرقم القومي للشخص المتقدم، وجاري التنسيق بين معالي وزير النقل ووزير الداخلية للحصول على هذه الوصلة، نظرا لوجود بعض الضوابط في الاستخدام، وبهذه الطريقة سيتم القضاء بشكل نهائي على ظاهرة الكحول.
وهناك خاصية "ECI" (الأي سي آي) وهي الشحنة المسبقة للبضائع الواردة من الخارج، وسيتم تنفيذها في بداية شهر 10 القادم، فلن يتم استقبال بضاعة أو وصول بضاعة إلا بعد إبلاغ المستورد أو المُصَدر بها، وإعطاء بياناته وسجله التجاري، وبيانات الحاوية، وبالتالي ستختفي ظاهرة "الكاحول" بشكل تام.
نرجو من سيادتكم أن تحدثنا عن أبرز المشروعات المستقبلية للميناء والتي من شأنها تغيير ملامحها؟
اقترح العميد أحمد عثمان، رئيس الإدارة المركزية للبنية الأساسية، ومستشار السيد وزير النقل، الذي حدثتك عنه، مشروع إنشاء ميناء آخر غرب ميناء دمياط بأطوال أرصفة 3 آلاف و320 مترا، وهو ما يعادل نصف الميناء الحالي.
ومستقبلا بعد عام كامل سيتم إنشاء عدد من الأرصفة الأخرى، رصيف بطول 300 متر بمساحة خلفية 60 ألف متر، ورصيف 600 متر بمساحة خلفية 270 ألف متر، إضافة لمحطة الحاويات "تحيا مصر 1" بطول أرصفة 1970 متر، كل هذه الأرصفة إضافة للرصيف الغربي للميناء المقرر إنشاؤه بطول 3 آلاف 320 مترا ستضيف للميناء 6 كم أرصفة، ما يعني تضاعف الميناء.
كيف نفذت هيئة ميناء دمياط التوجيه الرئاسي بتقليل زمن الانتظار للسفن ليصل إلى صفر انتظار؟
كان هناك توجيه رئاسي من رئيس الجمهورية ومعالي وزير النقل بتقليل زمن الانتظار وبقاء السفينة في منطقة الانتظار، لذا عملنا على اقتصار الانتظار للسفن المحملة ببضائع بحاجة إلى تحليل عينة مثل السفن المحملة بالقمح، والسماح بدخول سفن الحاويات التي لا تحتاج بضائعها إلى تحليل عينة منها.
ما هو مشروع الـ OPS؟
مشروع الـ "OPS" مشروع يهدف لتحويل الميناء إلى ميناء أخضر من خلال إمداد السفن بالكهرباء وإيقاف الماكينات المساعدة لها، بهدف تقليل الانبعاثات والحفاظ على البيئة من التلوث.
هل حجم التداول بالميناء زاد مع دخول عدد من المشروعات أبرزها المحطة متعددة الأغراض؟
كان لانتشار جائحة كورونا تأثير كبير على حجم التداول بالميناء وكذا موانئ العالم، لكن معدلات تداولنا تعتبر واحدة، تتراوح ما بين 38 مليون طن حتى 40 مليون طن، لكن مع دخول محطة الحاويات الجديدة والأرصفة الجديدة من المقرر أن يزداد حجم التداول وعدد السفن.
كيف واجتهم أزمة كورونا وإغلاق بعض الموانئ وما نتج عنه من تراجع بعض السفن؟
قبل انتشار المرض في مصر، تم عمل ندوات توعية لجميع العاملين، ومنشورات وملصقات باللغة العربية والإنجليزية عن طرق الوقاية وأرقام الاتصال بمركز العمليات حال اكتشاف أي إصابة، وتم تجهيز حجر صحي للأفراد المشتبه في إصابتهم وحمدا لله لم نلجأ لاستخدامه، لأن الأمور سارت عن النحو الجيد، نتيجة التشديد على الإجراءات الاحترازية، وتم توفير بوابات التعقيم ومهمات الوقاية الشخصية، والمواد المطهرة ببعض جدران الميناء.
لكن بعد انتشار المرض في مصر، تم عمل حجر صحي لجميع الأطقم البحري القادمة للميناء والكشف عليها قبل دخولها، وتعقيمها كذا، وتم تشديد الإجراءات الاحترازية أكثر، حيث يتم تعقيم الميناء بالكامل وما تشمله من وحدات بحرية وأفراد وسيارات ومنشآت بشكل يومي.
رغم ما شهدناه من موجات كورونا لكن الميناء لم يتوقف عن عقد الدورات التدريبية المخطط لها للعاملين بالميناء، وذلك من خلال تطبيق "zoom" وبالتعاون مع معهد تدريب الموانئ.