كيف يبدو أكبر تلسكوب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الداخل؟ (صور وفيديو)
النظر إلى السماء ليلًا ومشاهدة النجوم وهي ساطعة، والقمر وهو بازغ،
والشهاب وهو ثاقب، تفيض عليك حالة من الهدوء والسكينة، يتبعها تأمل في الكون
وأسراره، وفضول وشغف للاطلاع عليه بتلسكوب، لكن هذا الحلم يتبدد بسؤال نفسك متنهدًا،
كيف؟!
كثيرٌ منا قد لا يعلم أن القيام بتلك التجربة، وهي مشاهدة النجوم وبعض
الكواكب بتلسكوبات متطورة، قابلة للتحقق، ويزيد عليها وجود باحثين في علم الفلك
يقدمون لك شرحًا وافيًا عن النجوم والمجرات، ويجيبون على كل ما يتبادر في أذهانك
من تساؤلات.
وما يزيد تلك التجربة تفردًا ومتعةً، أنه يمكنك مشاهدة التلسكوب الضخم،
المستخدم في رصد النجوم والمجرات، والذي تقتصر حدود معرفتنا به على أفلام الخيال
العلمي، فمن المذهل أن تكون داخل قبة التلسكوب، وترى سقفها يتحرك من فوقك، وتشهد
آلية ضبت التلسكوب وتوجيهه نحو الجرم السماوي المطلوب رصده.
يمكنك أن تعيش تفاصيل تلك التجربة وأكثر في «مرصد القطامية الفلكي»، التابع
للمركز القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، والذي يضم أكبر تليسكوب في الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا، عبر زيارات يقدمها المعهد للمواطنين، بهدف خدمة المجتمع
ثقافيا وبشكل ترفيهي.
شروط زيارة مرصد القطامية
يقصد المرصد زوارٌ من مختلف الفئات العمرية، من طلاب جامعات ومدارس
وعائلات، إضافة إلى محبي التصوير الفلكي، قد تختلف غايتهم ما بين الترفيه والتعلم
أو التصوير لبعض الظواهر الفلكية كالشُهب، لكنهم مجتمعون على روعة التجربة وحب
الفلك، وذلك بحسب قول مدير مرصد القطامية الفلكي، الدكتور محمد الصادق.
زيارة المرصد يجب أن تتم بالتنسيق مع المعهد، بحسب توضيح مدير المرصد؛
لتحديد الموعد المناسب ودفع بعض الرسوم البسيطة، مضيفًا أن بداية الزيارة من
الساعة 6 مساءً حتى شروق الشمس، خلالها يحظى الزائر بجولة للاطلاع على التليسكوب،
وآلية رصده للنجوم والكواكب، وأيضًا كيفية توجيهه بشكل عملي وضبط الإحداثيات نحو
النجم أو الجرم محل الدراسة والمتابعة، وسط شرح كافي من باحث فلكي.
وقال «الصادق» إن المرصد يشترط على الفرد إحضار ما يلزمه من مياه الشرب
والطعام وبعض الملابس الثقيلة حتى في فصل الصيف؛ وذلك نظرًا لبرودة الليل في ظل
أجواء صحراوية، ووجود المرصد على قمة جبلية، مشيرًا إلى توفر المرصد لزواره أماكن
للمبيت، مزودة بجميع المرافق، لكنهم يؤثرون البيات في الهواء الطلق في أجواء أشبه
برحلات السفاري والمخيمات.
أكد محمد الصادق أن الزيارات التي يتيحها المعهد للمرصد، تهدف لتعريف
المواطن على المفهوم الصحيح لعلم الفلك، وماهيته، وإسهاماته في الحياة العملية،
مشيرًا إلى وجود خلط الكثيرين مفهوم علم الفلك بأنه علم التنجيم والأبراج الغير
منطقية من الناحية العلمية، وبعضهم ربَطه بعلم الأرصاد الجوية، وثالث اقتصره على
رؤية الهلال في رمضان، ورصد ظاهرتي الكسوف والخسوف فقط.
وتابع أن علم الفلك يهتم بدراسة النجوم والمجرات والكواكب، وكل ما يسبح في
سماء الكون، من الناحية الفيزيائية والجيولوجية والجغرافية والكيميائية والرياضية،
إضافة إلى دراسته من الناحية البيولوجية، النابع من رغبة العلماء بالبحث عن الحياة
في أكوان وكواكب مجاورة.
وأضاف أن علم الفلك يتأكد من صحة المعلومات والنظريات العلمية عبر تطبيقها
على أعماق الكون والأجسام والأجرام السماوية؛ فمن خلاله يمكن تعلم فيزياء متقدمة
واكتشاف عناصر كيميائية نادرة، إضافة إلى رصد الإشعاعات الكونية وتحليلها ومتابعتها
بشكل مستمر، وتصنيف النجوم من حيث استقرارها أو عدمه.
مواصفات بناء المراصد
بناء مرصد فلكي يخضع لمواصفات وشروط خاصة، وهي أن يكون على قمة جبلية عالية
وبعيدًا على المناطق السكنية، والمستنقعات المائية، والطرق السريعة، والمناطق
الزراعية، والسكك الحديدية، والمناطق الصناعية، وعوادم السيارات، بغرض الحصول على
سماء صافية خالية من التلوث والضوء، وذلك بحسب توضيح مدير المرصد، الدكتور محمد
الصادق.
وأكد الصادق أن أضواء المدن تؤثر على الرؤية بالتلسكوب، الذي يتطلب توفير
ظلمة دامس، حتى يتمكن من رصد النجوم وانعكاس أضواء الكواكب بوضوح شديد، مضيفًا أن
التلوث الناجم عن السيارات والمناطق الصناعية يؤثر كذلك على الرؤية للأجرام
السماوية، وسبّب عدم وضوح الصورة المُلتقطة من التلسكوب.
وأشار «الصادق» إلى أن المرصد يقوم بتغيير المرآه الخاصة بالتلسكوب من فترة
لأخرى، وإعادة طِلائها من جديد؛ وذلك بهدف رفع كفاءة الرؤية، موضحًا أنه من كثرة
استعمالها في الرصد أو لترسب الغبار أو بخار الماء، تفقد اللمعة الخاصة بها، وتقل
كفاءة ونقاوة الصور المرصودة.