محمد الباز يكتب : الشيطان السلفى

مقالات الرأي

محمد الباز يكتب :
محمد الباز يكتب : الشيطان السلفى

يرفض تسمية 30 يونيو ثورة.. وحزن بشدة لأن الشعب المصرى فرح فى عزل مرسى


مهمة يونس مخيون ورجاله فى تفجير لجنة الدستور

برهامى يحاول الخداع مرة أخرى على جثة المادة الثانية

مخيون طبيب الأسنان المغمور الذى لايجيد سوى فض المنازعات الصغيرة



مثل طبيب الأسنان الفاشل فى الأفلام الكوميدية.. الذى يصر على أن يخلع الضرس السليم رغم أنه يعرف جيدا المصاب، يتصرف يونس مخيون – طبيب الأسنان – فى الحياة السياسية المصرية الآن، يعرف تماما أن الشعب غالبية الشعب المصرى لم تعد ترتاح لمن يتحدثون باسم الإسلام، ويخوضون السياسة باسم الله، لكنه مع ذلك يناور ويراوغ ويخادع ليحصل على أكبر قدر من المكاسب السياسية.

كان حزب النور الذى يرأسه يونس مخيون حاضرا فى مشهد عزل مرسى، ظهر 3 يوليو اتصل نائب وزير الدفاع بمخيون وأخبره أن الفريق أول عبد الفتاح السيسى يرغب فى الاجتماع مع القوى السياسية، فسأله يونس عن أسماء المشاركين، فرد عليه: حزب الحرية والعدالة وتمرد والأنبا تواضروس وشيخ الأزهر والبرادعى.

وافق مخيون على المشاركة، لكنه طبقا لما قاله – فى حوار مطول نشرته جريدة الشروق – لم يعلم شيئا عن خارطة الطريق، وكان يعتقد أنها جلسة تشاورية فقط، وعجز عن الذهاب بسبب غلق الطرق والاعتصامات فى الميادين، لكن ذهب المهندس جلال المرة أمين عام حزب النور من السويس، ووصل الاجتماع الساعة الثالثة والنصف ووجدهم اتفقوا على كل شىء، وقضى الأمر وتم عزل مرسى، ليعرف مخيون وقتها أن الهدف من الاجتماع كان تحديد خارطة الطريق.

كان يمكن ليونس مخيون أن يعلن هو وحزبه رفض خارطة الطريق وعزل مرسى، لكنه صمت، معتبرا الصمت وسيلة يمكن أن يحقق بها مكاسب سياسية فيما بعد، لكن عندما خرجت أصوات من التيارات الإسلامية تنتقد حزب النور وتتعامل معه على أنه خان المشروع الإسلامى..بدأ مخيون يعدل من لهجته قليلا.

أعلن أنه شعر بالأسى والحزن عقب متابعته مظاهر الفرحة العارمة التى سيطرت على أغلب أبناء الشعب المصرى فى كل المدن والقرى عقب قرار تنحية الرئيس محمد مرسى من الحكم.. وحتى يستر عورة موقفه – العورة هنا بالنسبة للتيارات الإسلامية وليست لنا بالمناسبة – قال إن جلال المرة الذى شارك فى مشهد عزل مرسى مباركا إياه، طلب من الفريق أول عبد الفتاح السيسى إرسال وفد لإقناع محمد مرسى بضرورة الدعوة لانتخابات رئاسية، لكن الفريق السيسى رفض وأكد للمرة أنه فعل كل المحاولات لإقناعه، ولكن خطابه الأخير أنهى الأمر – خطاب 2 يوليو الذى تلبست فيه مرسى روح الشرعية الشريرة – وأحبط الجميع عن إمكانية عدوله.

مخيون يواصل: وعندما ناقشوا فى الاجتماع خارطة الطريق وإلغاء دستور 2012 رفض المهندس جلال الكرة واحتد بشدة، لكن الحاضرين وافقوا على الاكتفاء بتعديل الدستور وعدم المساس بمواد الهوية تماما وعدم إقصاء جماعة الإخوان عن المشهد السياسى.

ما الذى يفعله هنا يونس مخيون؟

إنه يرقص على السلم، يمسك العصا من المنتصف، يفتح قنوات الاتصال مع الجميع، حتى لا يخسر أحدا.. معتقدا بذلك أن الغبار عندما يحط على الأرض لن تكون هناك فرصة إلا لحزب النور ليصل إلى السلطة.. دون أن يعى أن الشعب المصرى من الصعب أن يلدغ من جحر المصريين مرتين.

تابعت خلال الأيام الماضية سيلا من الحوارات التى أدلى بها يونس مخيون بوصفه رئيس حزب النور، لا تحدث الرجل كثيرا دون أن يحدد موقفا واحدا له أو لحزبه، فهو مع كل شىء وضد شىء، يتحدث بصيغة شيطانية تجعل من الصعب أن تمسك عليه شيئا يدينه، وفى كل مرة كنت أتأكد أن الرجل ليس إلا واجهة يحركه آخرون من وراء ستار، ولأننى لا أجيد المراوغة، فالرجل ليس إلا واجهة للعقل المدبر فى التيار السلفى الدكتور ياسر برهامى.

لا يستطيع ياسر برهامى أن يظهر الآن بشكل كامل، فقد كثيرا من مصداقيته، بعد الفيديو الذى ظهر فيه يشرح كيف خدع أعضاء لجنة إعداد الدستور من اليساريين والليبراليين.. وترك لهم المادة الثانية من الدستور، لكنه وضع فى غفلة منهم المادة 219 التى تحقق للسلفيين كل ما يريدون.

ياسر برهامى يعرف أكثر من غيره مدى خسة ودناءة الإخوان المسلمين، فهو الذى قال إن الإخوان إذا تمكنوا فلن يتردووا فى طرد السلفيين من مساجدهم، لكن فى نهاية دم تيار الإسلام السياسى يحن لبعضه، ولن يرضى برهامى أن يتم إخراج الإخوان من المشهد السياسى، لأن هذا لو حدث فلن يكون صعبا ولا بعيدا أن يلحق بهم السلفيون.. فبرهامى يريد أن تبقى الجماعة مع إضعافها حتى يتمكن هو من الصعود والبقاء وتكون الجماعة ظهيرا له.

لن يكون غريبا بعد ذلك أن تعرف أن ياسر برهامى التقى بقيادات من جماعة الإخوان المسلمين، والهدف هو التنسيق من أجل تعطيل لجنة الخمسين أطول فترة ممكنة، ولا مانع لديهم بالمناسبة أن يتم تفجير الجمعية من الداخل.. وإن لم يتمكنوا من ذلك.. فعلى الأقل يقفون حجر عثرة أمام عزل الإخوان المسلمين وإخراجهم من المشهد السياسى.. ثم إنهم يستطيعون أن يفجروا اللجنة من الداخل إذا عاندوا فيما يتعلق بما يطلقون عليه مواد الهوية الإسلامية «بالفعل ياسر برهامى تحدث عن عدم ممانعته إلغاء المادة 219 بشرط إلغاء كلمة مبادئ من المادة الثانية وهو ما لا يمكن أن يمر» وهو ما يعنى فشل خارطة الطريق وفشل ثورة يونيو كلها.

( بالمناسبة لا يعتبر حزب النور حتى الآن ما حدث فى يونيو ثورة.. يونس مخيون قال فى حوار نشرته مجلة روزاليوسف إنه يعترض على تسميتها ثورة وقال ده اسمه حراك شعبى والثورة هى ثورة 25 يناير ولم نشارك لأننا لم ننزل).

« وبالمناسبة أيضا يحاول يونس مخيون أن يصنع لنفسه دورا فى ثورة 25 يناير التى يتغنى بها الآن.. وسيكون من المضحك بالطبع عندما تقرأ فى السيرة الذاتية التى تقدمه للجماهير بوصفه رئيسا لحزب النور أنه كان للرجل دور فى ثورة 25 يناير.. وعندما تسأل عن هذا الدور ستجده فى حماية المنشآت والمرافق العامة وحفظ الأمن الداخلى فى مركز أبوحمص بالبحيرة.. هل هناك شىء آخر قام به مخيون فى ثورة يناير.. بالطبع لا وإلا كان الرجل ذكره، فقد كان من بين السلفيين الذين اختبأوا حتى تم خلع مبارك.. فخرجوا ليتحدثوا عن مشاركتهم فى الثورة».

لا يدرك الدور الخطير الذى يقوم به السلفيون إلا من عرفهم عن قرب، فهم فى النهاية تربية أمن الدولة.. يظهرون ما لا يخفون، وإلا فليحدثنا يونس مخيون عن اللقاء الذى تم يوم 28 يونيو بين بعض قيادات الحزب وقيادات عسكرية، وتم الاتفاق فيه على أن يدعم حزب النور التحرك الشعبى إذا أصر محمد مرسى على موقفه، وأبدت قيادات حزب النور موافقتها بلا قيود أو شروط.

يعتقد السلفيون أنهم يمكن أن ينجحوا فيما لم ينجح فيه الإخوان المسلمون، رغم أن الإخوان فعليا مارسوا السياسة أكثر من السلفيين، كل كفاءات يونس مخيون رأس حزب النور أنه كان يقوم بفض المنازعات فى أبو حمص بالبحيرة وليس أكثر من ذلك.. بل يعتقد السلفيون أنهم الورثة الشرعيون لحكم الإخوان، وليس عليهم إلا الانتظار حتى تسقط الثمرة ناضجة فى حجورهم.. دون أن يدركوا أن لعبتهم مع غالبية الشعب تماما.

يعتقد السلفيون أنهم يمكن أن يخدعوا كل الأطراف فى اللعبة السياسية.. أن يتحدثوا بوطنية عن الجيش ويلعنوا من يريد تفريقه، فيكسبوا بذلك جنرالات الجيش.. وفى الوقت نفسه يبقون على الود مع الإخوان المسلمين موصولا.. فلا يعتبرون ما حدث ثورة بل يدينون من طرف خفى ما..حتى إذا ما استطاع الإخوان أن يقفوا على أرجلهم مرة أخرى أن يحفظوا للسلفيين جميلهم السياسى.. فيربحوا فى كل وقت ومع كل القوى.. رغم أن هذا ليس واقعيا بالمرة.. فعندما ترقص على السلم لا أحد يراك.. وعندما تمسك العصا من المنتصف فتوقع أن تسقط قبل أن تكمل طريقك.