هل أرباح التيك توك حلال أم حرام؟.. داعية إسلامي يجيب

تقارير وحوارات

عبد الحليم منصور،
عبد الحليم منصور، أستاذ الفقة المقارن


كثر الكلام في الأونة الأخيرة حول ما يسمى بأرباح التيك توك، وذلك من خلال تحميل أبلكيشن معين ودعوة المشاهدين لرؤيته مقابل الحصول على أموال معينة، ومن ثم يسأل البعض عن حرمانية هذه الأموال من عدمها.

وفيما يلي من سطور، يعرض الفجر آراء الفقهاء وخبراء أمن المعلومات في هذا الشأن:

رأي الدين 
قال الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن الحكم الفقهي حول هذه المسألة يرتبط ارتباطا وثيقا بما يقدم في هذه المحتويات، ومدى الجهد المبذول من الشخص الذي يحصل على هذه الأموال.

وأوضح أستاذ الفقة، أنه إذا كان المحتوى المقدم مرذولا، وينافي قيم المجتمع ومبادئه، وينافي الأخلاق الفاضلة التي دعت إليها الأديان السماوية ففي هذه الحالة يكون هذا المال محرما لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، ولأن للوسائل حكم الغايات، ولأن ترويج ما ينافي الأخلاق ويعمل على إشاعة الفاحشه محرم شرعا لما يأتي:
قول الله تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " النور: (19)
فضلا عن إيذاء المشاعر المواطنين المحرم بقول الله تعالى:" وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا " الأحزاب: (58)
وأيضا لما في هذا من الإضرار بأخلاق المجتمع والتعدي عليها لقوله عليه الصلاة والسلام:" لا ضرر ولا ضرار ".
وبين منصور، إن كان هذا المحتوى المقدم منضبطا ومتناغما مع الأخلاق، ولا يعمل على إشاعة الفاحشة في المجتمع، ولا يصادم قيم المجتمع وأخلاقه، ففي هذه الحالة يكون المحتوى مباحا، والعمل على ترويجه مباحا أيضا، ويكون المقابل المالي الذي يحصل عليه الشخص في هذه الحالة مشروعا، إذا كان الجهد المبذول يساوي المبلغ المتحصل عليه، فإن لم يكن كذلك، بأن كان المال أكثر من العمل، أو مبالغا فيه، ففي هذه الحالة يكون ما زاد عن الجهد المبذول في ضوء عرف هذه المهنة وأهلها محرما، لأنه من قبيل الإثراء بلا سبب على حساب الغير، وأخذا لمال الغير بغير حق لقول الله عز وجل:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا " النساء: (29)

وأكد أستاذ الفقه، إن تساوى العمل مع المقابل المتحصل عليه وفقا للمتعارف عليه في مثل هذه الأعمال، وكان المحتوى منضبطا ومتناغما مع أخلاق المجتمع ففي هذه الحالة يكون المال حلالا، والعمل حلالا أيضا.

وعلى نفس السياق قال الشيخ حمدى نصر، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، إن وسائل التكنولوجيا الحديثة تعددت في هذا الزمان، وتنوعت ولابد للشريعة الإسلامية من التعرف عليها والحكم عليها حيث أنها أصبحت جزء من حياة الناس.

أوضح حمدي نصر، أن حكم هذا المال المكتسب من هذه البرامج ومنها التيك توك، بناء على نوعية المحتوى الذى تقدمه هذه البرامج والذى يحدد الحكم عليها من خلاله، فإذا كان المحتوى هادف نافع يحث على مكارم الأخلاق وجميل الصفات وطيب المعاملات ونشر الفضيلة بين الناس فهذا أمر دعت إليه الشريعة الإسلامية وحثت عليه ورغبت فيه، قال تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"، فإذا كان الأمر على هذا الحال فلا بأس من التعامل معه وبه والتربح من خلاله.

وأكد نصر، إذا كان المحتوى يحث على الفسق والفجور ويدعو إلى فساد الأخلاق ونشر الرذيلة بين العباد ويشيع الفاحشة بين الناس بأى طريق وبأى وسيلة وبأى نوع فهو حرام، ويحرم التعامل معه وبه والتربح من خلاله حرام وصاحبه يأكل الحرام.

ونوهت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، على أن هناك شئ هادف ويحث على الأخلاق ويساعد على انتشار الفضيلة، سواء كان معلومة مفيدة دينية أو دنيوية، وهناك أشياء خارجة عن العادات أو التقاليد أو الأدب أو تحض على الحرام، وإذا كان المعروض من قبيل الأشياء المباحة والحلال والتي تحث على الأخلاق وتقدم معلومات مفيدة دينية أم دنيوية فما يأتي منه حلال، أما إذا كان غير ذلك فحرام.

أمن المعلومات
وعن الأموال المكتسبة من تطبيق التيك توك؛ قال أحمد السخاوي، خبير أمن المعلومات، إن عرض الأموال ماهو إلا لاستهداف أكبر قدر من محملي البرنامج،  والغرض من تنزيل  التيك توك هو لاستهداف الفئة الكبرى من الشباب والعقليات الصغيرة بأي وضع، وبأي محتوى يتم عرضه على التطبيق، وذلك من خلال جذبهم بمغريات من أموال لتحميل التطبيق من خلال الرابط المنتشر والمتداول بين رواد التواصل الاجتماعي.