اسقف الكنيسة الارثوذكسية بالمنيا : ضرورة تغيير الخطاب الدينى مع إعمال القانون من أجل التصدى لمحاربة الأفكار الهدامة (حوار)

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

قال الأنبا مكاريوس، أسقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بايبارشية المنيا وتوابعها ، خلال حديثه لـ«للفجر»،  ضرورة تغيير الثقافة والخطاب الدينى مع إعمال القانون من أجل التصدى لمحاربة الأفكار الهدامة، حتى لا يتحول التنوير إلى مجرد ترف فكرى.

■ بداية.. توليتم مهام الأسقفية فى مارس الماضى.. فما الفارق بين مرحلة ما قبل التجليس وما بعده؟

- قبل التجليس كنت مسئولًا عن المنطقة لمدة تجاوزت ١٧ عامًا، لكنى الآن فقد صرت مسئولًا عن جزء منها، وفقًا للتقسيم الكنسى الإدارى للخدمة، وقبل التجليس كان هناك احتمال لانتقالى إلى مكان آخر خارج المنيا، ربما دير للرهبان أو إيبارشية أخرى، أمّا الآن فقد ارتبطتْ بى المنيا وارتبطتُ بها بقية حياتى، ومع التقسيم الكنسى ستكون هناك فرصة أكبر للتركيز فى الخدمة.

■ هل يصب التقسيم الإدارى الكنسى فى صالح إيبارشية المنيا؟

- التقسيم الكنسى بدأ بشكل واضح فى عصر مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة، الذى اعتمد فكرة «رعية أقلّ لرعاية أفضل»، مع استحداث إيبارشيات جديدة، وقد أتى ذلك بثمار كثيرة فى الرعاية، فاتسعت الإيبارشيات، وازداد عدد الكنائس وبالتالى عدد الآباء الكهنة، والمؤسسات الخدمية والتعليمية، وحدث ذلك فى قنا، وسوهاج، وأسيوط، والجيزة، ومدن القنال، وسيناء، وخارج مصر فى أكثر من مكان، لا سيما الولايات المتحدة.

وعلى جانب آخر، فقد تتعدّد المناهج داخل المحافظة الواحدة أو المنطقة التى تحتوى على عدة إيبارشيات، والتى يرأسها محافظ واحد ومدير أمن واحد، مما يعنى أنه قد يكون لإيبارشيتين متجاورتين منهجان مختلفان، سواء فى الخدمة أو القرارات الرعوية، أو فى منهج التعامل مع المسئولين.

■ كم يبلغ عدد الأقباط الأرثوذكس فى المنيا؟

- يصل تعداد المحافظة إلى ٦ ملايين نسمة، منهم ٢ مليون مسيحى، كما يوجد نحو مليون مسيحى خارج المنيا، سواء خارج المحافظة أو خارج مصر، وتُعَد هذه أكبر كتلة مسيحية فى الشرق الأوسط كله، أمّا بالنسبة للطوائف الأخرى فتتراوح نسبتهم بين ١٪ و١٥٪ فى بعض المناطق.

■ ما أحلامكم لخدمة المصريين وأبناء الكنيسة فى المنيا خلال الفترة المقبلة؟

- أطمح فى أن نعيد تقديم المنيا للكنيسة بشكل خاص، وللمجتمع بشكل عام، فالمنيا تزخر بكثير من الشهداء والقديسين والبطاركة والأساقفة والرهبان والمكرسين والعلماء والأدباء والفنانين والحقوقيين ورجال الأعمال، كما تُعَد ثانى أكبر منطقة أثرية فى مصر، وتزخر بثروات طبيعية نادرة، وتتسم بتاريخ سياسى مشرّف، حيث كانت عاصمة الحكم فى مصر فى وقت من الأوقات.

وأتمنى أن تشترك الكنيسة مع المجتمع المدنى فى مشروعات الدولة، وأن تقوم بدورها فى التنوير والارتقاء بالشعب تعليميًا وبيئيًا واقتصاديًا من خلال المدارس والمستشفيات وغيرها.

■ يخلط البعض فى الميديا على مواقع التواصل بين النقد البناء والإساءة للكنيسة.. فكيف ترى ذلك؟

- الميديا أفادت كثيرًا، ولكن علينا تقبُّل ضريبة ذلك، ونحن نعتمد عليها كثيرًا فى الخدمة الآن، لا سيما فى زمن كورونا، وعدم قدرتنا على التواصل مع المخدومين، ولا شك أن بعض التعليقات تكون مسيئة، لكن من اللائق احترام آراء الآخرين وعدم التهكُّم أو الاستخفاف، ويمكن الرد بتهذُّب وجدية على التساؤلات دون أن نصبح عبيدًا لما يُنشَر، أو أن تقودنا الميديا فى قراراتنا.

وعلينا أن نعمل ما يليق بنا من جهة رد الفعل واختيار التعبيرات المناسبة، ومن العار تكليف كتائب أو أشخاص للرد على المسيئين للانتقام منهم أو تهييج الرأى العام ضدهم، فهم أولادنا فى النهاية، وعندما نحتمل المسيئين فنحن نقدم لهم درسًا فى الاحتمال، ونؤكد لهم أبوتنا، ويساعدهم ذلك فى مراجعة أنفسهم.

وعلينا كذلك النظر بعين الجد لما يُقال، فقد يكون صحيحًا، وقد يلجأ البعض إلى الميديا عندما لا يجد مَن يسمعه أو ينصفه.

■ فى رأيك.. ما السبيل الأمثل لمحاربة كل الأفكار الهدامة والطائفية فى مصر؟

- الأمر يحتاج إلى العمل على مستويين، الأول تغيير الثقافة من خلال الخطاب الدينى والميديا، والثانى إعمال القانون، فالقانون وحده دون شرح وتنوير يكون مُجحفًا ويثير التذمر، وتغيير الثقافة والخطاب الدينى دون قانون مرتبط بعقوبة يجعل التنوير مجرد ترف فكرى لا يرقى إلى التفعيل.