أحمد الشيخ يكتب: "كارتيلات السجائر" مازالت تحاول تعطيل الرخصة الجديدة

مقالات الرأي

أحمد الشيخ
أحمد الشيخ


 

عجيب هو موقف شركات السجائر الثلاثة التي لم تتقدم لرخصة السجائر الجديدة رغم طول انتظارهم لها – على حد قولهم – وتصريحاتهم على مدى سنوات طويلة ، فهي تحاول ان تصور لك طوال الوقت أنها حريصة على مصلحة البلد أكثر من الحكومة نفسها وانها تريد شراء الرخصة بضعف ثمنها على عكس أى منطق اقتصادى بل منطق بشري حيث من المعروف أن اى شركة تحاول الحصول على أى خدمة أورخصة أو مدخل من مدخلات الإنتاج بأقل سعر ممكن لتعظيم أرباحها حتى على حساب العاملين فيها وليس فقط على حساب البلد الذي تعمل فيها، وهو ما يثير الكثيرمن الشكوك حول موقف تلك الشركات من الرخصة.

 

واخيراً قامت احدى هذه الشركات بصياغة معلومات دست خلالها السم في العسل أرسلتها للصحفيين والاعلاميين على انها حقائق مطلقة، تشكك فيها في سعر الرخصة الذي حددته الحكومة بـ 350 مليون دولار، وأنه سعر قليل مقارنة بدولة مثل اثيوبيا التى باعت رخصة السجائر بمليار دولار رغم أنهم يستهلكون 9 مليار سيجارة فقط سنوياً، مدعية على غير الحقيقة أنها تحاول مضاعفة ثمن الرخصة، ولكن كيف ومن أى منطلق يمكن أن نصدق هذه الإدعاءات وهى حتى لم تتقدم للحصول على الرخصة بهذا المبلغ الزهيد من وجهة نظرها، ومازالت تفكر .. وتفكر.. وتفكر .. وتدرس وتطلب الوقت للدراسة و لتكوين تحالف اقتصادي يمكنها من تجميع هذا المبلغ الخاص بالاستثمار فى الرخصة على حد زعمها فى خطابها للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في يوم 29 يوليو الماضي والذى وقعت عليه الشركات الثلاثة مجتمعة وللعلم هي لأول مرة فى تاريخها تجتمع على رأى واح، ولكن لماذا؟!.

 

فبالرغم من ان موقفها يبدو غير منطقى من البداية حيث لا يتحد المتنافسين أبداً على شئ سوى المصلحة، حتى في ذلك يحدث اختلاف حيث أن مصلحة كل شركة قد تتعارض مع الأخرى فمن الممكن أن تطلب واحدة  لنفسها أمتيازات أكبر لتعظيم فرصتها في المنافسة وبالتالي تقوم كل شركة بمخاطبة الجهة المانحة للترخيص على حدى لتوضح طلباتها واستفساراتها وتحفظاتها التى تحقق مصالحها منفردة ولكن المثير للدهشة هوأن يوقع ثلاثة متنافسين على خطاب واحد بمطالب واحدة وذلك رغم اختلاف ظروفهم الداخلية ومصادر تمويلهم واسلوب الإدارة المتبع في كلا منها  حتى دولهم وثقافتهم، وهو ما يثير الشكوك حول نوايا تلك الشركات منذ البداية هل هى تدعم الاقتصاد المصري حقاً كما تدعي؟!، أم تحاول كسب الوقت لغرضاً قد يكون الضغط لتقليل سعر الرخصة أوتعطيل استثمار جاهز وشركة تنوى البدأ فى العمل فوراً لتوسيع استثماراتها في السوق المصري وخلق فرص عمل جديدة وانشاء مصنع مجهز على أعلى مستوى بما يصب في صالح الخزانة العامة من رسوم وضرائب تنعكس على الخدمات المقدمة للمواطن.

 

والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هل ترى تلك الشركات ان هذا الاستثمار الجديد سيؤثر على مصالحها فى السوق المصري لذلك تحاول تعطيله شهر تلو الاخر لتمويت الرخصة حتى يفقد المستثمر الأمل ويذهب لسوق أخر للاستثمار فيه حيث أن التعطيل يمثل خسارة كبيرة لأى استثمار جديد، وبالتالي سيمثل خسارة ايضاً للاقتصاد المصري ويعكس أن الرخصة مجرد كلام على ورق وأن الحكومة تناور فقط دون إجراءات حقيقية على الارض لدعم القطاع الخاص وكسر الاحتكار الحكومى لبعض الصناعات، وبالتالي تظل تلك الشركات الاجنبية في موضع المضطهد المضطر للعمل مع الحكومة كما كان يحدث في السابق؟!.

 

 

وتنبع اهمية تلك المزايدة من أنها الأولى من نوعها في مصر لطرح رخصة سجائر بعد ان احتكرت الشركة الشرقية للدخان تصنيع هذه السلعة لعقود طويلة لها وللغير ولكنها لن تكون الأخيرة ، فمن حق الحكومة وفق كراسة الشروط طرح رخص أخرى كلما اقتضت الحاجة لذلك وبالتالي ستكون التجربة الأولى ثرية كما حدث فى كافة القطاعات من قبل فعلى سبيل المثال قطاع الاتصالات تم طرح رخص الهاتف المحمول تباعاً بداية بأورانج ثم فودافون ثم اتصالات وwe وكلاً منها كان لها سعر وموصفات ومميزات مختلفة، وكان الهدف منها ليس سعر الرخصة فقط ولكن ضخ استثمارات جديدة في شريين الاقتصاد المصري وتوفير فرص عمل ولم تكن الحكومة تركز فقط على سعر الرخصة حيث ان معظمها طرح بأسعار تتناسب مع الوقت الذي طرحت فيه، وحققت المستهدف منها من جذب استثمارات جديدة وتنمية القطاعات التى طرحت فيها كذلك رخص الحديد والاسمنت وغيرها.

 

واليوم الحكومة تطرح أول رخصة للسجائر وغداً ستطرح رخصة جديدة ، لذلك أحب أن أطمئن الشركات الثلاثة أن هذه ليست الرخصة الأخيرة لذلك لا تخافى على الاقتصاد المصري لأن من يديرون الاقتصاد اليوم يعلمون مصلحته جيداً، ومرحب بمشاركتكم فى الرخصة القادمة إن شاء الله.