دار الإفتاء المصرية تعلن عن إنجاز أول أرشيف عملاق للفتاوى
في بادرة هي الأولى من نوعها في الحقل الديني بشكل عام والمجال الإفتائي على وجه الخصوص، جاء الإعلان عن إنجازات وتجربة "محرك بحث المؤشر العالمي للفتوى" التابع لدار الإفتاء المصرية كأول محرك بحث متخصص في رصد وتتبع الفتاوى وتحليلها عالميًّا، والذي يُعد نواةً لأكبر قاعدة بيانات للفتوى المصنفة في العالم.
جاء ذلك خلال الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء العالمي السادس "مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي" الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، برعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبحضور وفود من أكثر 85 دولة على مستوى العالم.
وقد تم تدشين محرك بحث الفتاوى الإلكتروني وقاعدة بياناته انطلاقًا من تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية التحول الرقمي وتوطين التكنولوجيا لسرعة تنفيذ رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، واتساقًا مع رسالة مؤتمر دار الإفتاء التي تدعو مؤسسات الفتوى إلى الاتجاه إلى الرقمنة، وتنفيذًا لمبادرات المؤشر العالمي للفتوى.
وقدّم طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر العالمي للفتوى ورئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء المصرية، خلال الجلسة الختامية للمؤتمر عرضًا لأهم ما تضمنه محرك بحث الفتاوى ومنصته الإلكترونية، وأهم الإنجازات التي توصل إليها على مدار عام ونصف منذ انطلاقه في أواخر العام 2019 وحتى الآن، والنتائج والتحليلات والأرقام والإحصاءات الدقيقة التي من المنتظر أن تنتج عنه.
وأوضح أبو هشيمة أنه يتم استعراض حوالي (1000) مادة يوميًّا وإدخالها دورة العمل من خلال 16 شاشة رقمية، مما ساهم في جمع ما يقرب من مليون و500 ألف مادة على قاعدة بيانات المحرك تتعلق بالحقل الإفتائي والديني من فتاوى وأخبار وحوارات وتغريدات مجمعة من مصادر إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تم تحليل وتصنيف 20 ألف فتوى من حيث الأحكام والمجالات ومُصدريها ودرجة انضباطها، فضلًا عن توثيق نحو (110) قضايا إفتائية مصنفة من حيث عدد الفتاوى المرتبطة بها ومصدريها ومجالاتها وأحكامها الشرعية وكيفية تطورها وعدد الدول المهتمه بها.
وأكد أن محرك البحث أصبح واحدًا من أكبر معالجي البيانات الضخمة أو ما يسمى بالـ(Big Data) التي تستهدف خدمة كافة المعنيين بالحقل الديني والإفتائي ومن أبرزهم (دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والباحثون والأكاديميون في العلوم الشرعية والاجتماعية، ودور ومؤسسات الفتوى في العالم، والمراكز الإسلامية في الغرب، ودارسو الماجستير والدكتوراه، والسياسيون وصُناع القرار، ومراكز الأبحاث والمواقع المتخصصة، ومراكز مكافحة الإرهاب والتطرف، والكُتّاب والصحفيون ووسائل الإعلام المختلفة).
ولفت إلى أن أرشيف البيانات الضخمة التي يحتفظ بها محرك البحث والمؤشرات والتقارير التي يتم استخرجها آليًّا ساهم في تدشين الموقع الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى، ويُعد أحد النوافذ التفاعلية لعرض كافة منتجات ومخرجات المؤشر وأبرز الإحصاءات والنتائج الصادرة عنه، ويتميز بالنشر الدوري على مدار الساعة لأبرز القضايا الإفتائية وتريندات الفتاوى.
وأضاف أبو هشيمة أن تلك البوابة الرقمية التي تعتمد على التقنيات الحديثة في جمع الفتاوى وتتبع جديدها أولًا بأول ساهم في زيادة التقارير والمؤشرات التي يتم استخراجها لخدمة الحقل الإفتائي والديني، فقبل تدشين محرك البحث تمكن فريق المؤشر من إصدار التقرير السنوي، وإصدار ما يقرب من 50 تقريرًا إعلاميًّا، بينما بعد إطلاق المحرك تضاعف عدد الإصدارات والتقارير لتصل إلى 3 تقارير سنوية و12 تقريرًا شهريًّا بعنوان (نبض الفتوى) و6 تقارير نصف سنوية و100 تقرير إعلامي تهتم جميعها بالمؤشرات والنتائج التي تفند الفتاوى وتحللها تحليلًا دقيقًا وتتبع كافة الظواهر والمستجدات في مختلف الدوائر الجغرافية، فضلًا عن تشريح العقلية المتطرفة للتنظيمات الإرهابية وبيان كيفية استغلالها للفتوى في تحقيق أهدافها الإرهابية.
وأكد مدير المؤشر العالمي للفتوى أن أهم أسباب إنشاء محرك البحث هو سرعة انتشار المحتوى الرقمي، والذي يتطلب في المقابل سرعة التحليل والرد على الآراء الشاذة والخطابات المنحرفة، وكذلك اتجاه أغلب المؤسسات والهيئات إلى النشر الرقمي كبديل عن الطرق المعتادة والكلاسيكية، وسهولة الوصول إلى المحتويات الرقمية وتحليلها الدقيق.
وتطرق مدير مؤشر الفتوى بدار الإفتاء إلى نقطة غاية في الأهمية، ألا وهي المؤشرات والإحصاءات التي يتم استخراجها آليًّا من المحرك، والتي كان أبرزها مؤشر أوضاع التنظيمات الإرهابية الذي يصدر بناءً على تجميع المنصة لكافة فتاوى حروب الجيل الخامس، والإصدارات والتصريحات الصادرة من قادة التنظيمات الإرهابية المختلفة، وتصنيف فتاويهم وفقًا لكل تنظيم، أو بحسب مُنظريهم وقادتهم، وبرز هذا العام تقرير يوضح كيفية تطور موضوعات الفتوى لدى تنظيمي داعش والقاعدة منذ العام 2018 وحتى العام 2021، بدايةً من التكفير والتحريض على الحكومات، ووصولًا إلى البيعة وتكثيف العمليات وتهريب السجناء والتحريض على اتباع نهج " الذئاب المنفردة".
هذا بالإضافة إلى عددٍ من المؤشرات والتقارير الأخرى، كمؤشر أبرز موضوعات الفتوى التكنولوجية، وأبرز الألعاب الإلكترونية التي تطرقت لها الفتاوى، فضلًا عن مؤشر المجالات والدول الأكثر إصدارًا للفتاوى، والذي ذهب إلى تصدر مصر عالميًّا في عدد الفتاوى الصادرة مقارنة بالدول الأخرى، إلى جانب مؤشر القضايا الإفتائية الأكثر تكرارًا، والذي ذهب إلى تصدر فتاوى المستجدات التكنولوجية والفتاوى المرتبطة بجائحة كورونا هذا العام.
وأوضح أبو هشيمة أن منصة الفتاوى الإلكترونية تتيح أيضًا معلومات عن المؤسسات والهيئات والمجالس الإفتائية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، والأمر نفسه فيما يتعلق بالقضايا الإفتائية المختلفة وأماكن إثارتها للجدل، كما توفر المنصة إجراء إحصاءات ومؤشرات سريعة حول كل ما يتعلق بالفتاوى بالنسب والأرقام المبنية على معادلات صحيحة.
وقال أبو هشيمة إن محرك البحث يضم حاليًا 1500 مصدر على قاعدة البيانات، من دور إفتاء رسمية ومواقع المجالس والمؤسسات المعنية بالفتوى، والمواقع الإسلامية المتخصصة، والصفحات الدينية في الصحف والمواقع الإخبارية، وحسابات موثقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل: "تويتر" و"فيسبوك"، وكذا منصات التنظيمات الإرهابية؛ حيث تتنوع كل تلك المصادر والشخصيات من حيث نطاقاتها ودوائرها الجغرافية، بين مصادر وشخصيات عربية وأجنبية، ولغات مختلفة، وأوضح أنه من المأمول الوصول بقاعدة بيانات المصادر إلى 10 آلاف مصدر خلال الـ 5 سنوات المقبلة.
وأضاف أن المنصة تجمع حاليًّا ما يقرب من مليون ونصف فتوى ومادة تربط بينها جميعًا تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تجمع كافة الفتاوى المتعلقة بمجال أو موضوع واحد في شاشة واحدة، الأمر الذي يستغرق وقتًا ومجهودًا أقل، وذلك كتجميع الفتاوى الخاصة بالعبادات مثلًا أو المعاملات أو فتاوى المجتمع والأسرة، ...إلخ، بغض النظر عن جنسية الفتوى، ولفت إلى أنه من المأمول الوصول بقاعدة بيانات الفتاوى إلى 3 ملايين فتوى خلال الـ 5 سنوات المقبلة.
وفي نهاية العرض، قدّم مدير مؤشر الفتوى عددًا من المنتجات المستقبلية المقترح تنفيذها من خلال قاعدة بيانات محرك البحث والتي تستهدف خدمة كافة المهتمين بالحقل الإفتائي، وكان أبرزها (سيرة ومسيرة)، وهو بروفايل شهري يتضمن سيرة ذاتية لأي مفتٍ في أي دولة في العالم وبداية دخوله مجال الإفتاء، مرورًا بكافة الفتاوى مصنفة موضوعيًّا التي أصدرها زمانًا ومكانًا، و( تحت المجهر) وهو عبارة عن تقرير شهري يوضح مدى تفاعل وسائل الإعلام المختلفة والسوشيال ميديا بالمؤسسات الدينية والإفتائية، وكذلك المراكز الإسلامية عبر فترة زمنية محددة، و(عين على الغرب) وهي نشرة إفتائية أسبوعية تستهدف المسلمين في الخارج، وتعرض كل ما يهم مسلمي الغرب والجاليات الإسلامية ومصادرهم التي يستقون منها فتاويهم.. إلخ.، و(إرهابيون) وهي عبارة عن مجلة أسبوعية تحتوي على كل الفتاوى الصادرة عن أي تنظيم إرهابي وكذلك منتجاته الدورية الأخرى من مجلات وإصدارات وبيانات إعلامية وتحليلها.
و(الإفتاء والرقمنة) هو تقرير شهري يعرض التجارب الجديدة في مجال الإفتاء والتحول الرقمي في كافة الدول وكيفية الاستفادة منها وتعميمها في كافة دور ومؤسسات الفتوى في العالم، و(تريندات الفتاوى) وهي نشرة يومية تتضمن الفتاوى الأكثر نشرًا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي أحدثت جدلًا وزخمًا واسعًا، وأخيـرًا (أرشيف الفتاوى) وهي خدمة تفاعلية يقدّمها محرك البحث للباحثين والأكاديميين من خلال تخصيص حساب وكلمة مرور لأي باحث يرغب في الاستفادة من تلك الخدمة حتى يتمكن من الاطلاع على شاشة المكتبات المتوفرة لدى المحرك، والتي تعرض كافة الكتب الخاصة بمجال الفتوى وتتضمن شاشة تفاعلية لتحليل وتصنيف أي فتوى وردت في أي بحث أو كتاب لتتبع تاريخ الفتوى ومدى تطورها وحجم الاهتمام بها.