أحمد الشيخ يكتب: هل تحالف شركات السجائر لصالح الاقتصاد أم لتحقيق مكاسب شخصية؟
يقول المثل المصري "عدوك ابن كارك" إشارة إلى شدة المنافسة بين ابناء الصناعة الواحدة الذي قد يصل إلى العداء إذا لم يتمتعوا بالاخلاق، ولم نشهد شركتين متنافستين اتحدوا إلا إذا قامت أحدهم بالاستحواذ على الأخرى.
وفي حالة شركات السجائر، هم متنافسين حتى النخاع حيث أنهم ينتجون ويتاجرون في نفس السلعة وبنفس المواصفات مع اختلافات بسيطة في العلامات التجارية المنتجة لنوع السجائر نفسه وبالتالي لم تحدث حالات اتحاد بين تلك الشركات سوى بالاستحواذ حتى أن أنشطة المسئولية المجتمعية التى يدخلون فيها كل واحدة منهن تختار طريق مختلف تماما عن الأخرى بحكم شدة المنافسة.
ولكن العجيب أن تتحد ٣ شركات في الأصل متنافسة، وتوقع مجتمعة لأول مرة على خطاب تطالب فيه الحكومة بتأجيل طرح رخصة السجائر الجديدة التى تعتبر في حد ذاتها كسر لاحتكار الدولة لصناعة استراتيجية استمرت شركة وطنية واحدة في التحكم فيها لعقود طويلة، من أجل التقدم بعروضها رغم أن الرخصة مطروحة للتقدم منذ ٦ اشهر وهي فترة كافية جدا لمن يرغب في الاستثمار بشكل حقيقي خصوصا أن نفس تلك الشركات كانت تطالب الحكومة دوماً بفتح باب التصنيع للقطاع الخاص، وبالتالي لديهم دراسات وافية كافية للاستثمار في حال فتح باب الرخص كما حدث خلال الستة أشهر الماضية.
وقد اتخذت الحكومة هذه الخطوة بعد فترة كبيرة من الدراسة لدعم القطاع الخاص وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتصدير ، وتوفير فرص عمل جديدة في المصنع الجديد للشركة التى سترسوا عليها الرخصة، وما سيترتب على ذلك من فوائد للاقتصاد المصري من مقابل ثمن الرخصة بالدولار وضرائب تشغيلية على الاستثمار الجديد تصب في الخزانة العامة للدولة.
وبتحليل بسيط للخطاب الذي اتفقت علية الشركات وتقدمت به لرئاسة مجلس الوزراء مطالبة بمهلة إضافية وموقع عليه جميعها لأول مرة في اى تاريخ الصناعة ، حيث بدلاً من أن تقوم كل شركة بتقديم خطاب منفردة تبدي فيه اسباب طلبها للتأجيل وفقاً لظروفها الاقتصادية والإدارية ونظام اتخاذ القرار بها وابداء ملاحظاتها وتحفظاتها وهو الطبيعي الذي يحدث في اى صناعة ، اجتمعت ٣ شركات متنافسة في نفس مطالب التأجيل وهو ما يوحي بالاتفاق الضمني بينهم على ما ورد بالخطاب رغم عدم تشابه نظام العمل أو الجنسيات المتحكمة في اتخاذ القرار بالشركات الثلاثة وهو ما يثير الشكوك حول نوايا تلك الشركات من طلب التأجيل.
ليس هذا فقط ولكن أيضاً يدفعنا للشك مستقبلاً في مدى سلامة قواعد المنافسة ومنع الاحتكار بين الشركات الثلاث التى جلست معا واتفقت في وقت سابق على ملاحظات ومطالب مشتركة رغم حدة المنافسة بينهم ظاهرياً.
ولكن المؤكد من وجهة نظرنا أن تلك الشركات اتفقت على مصلحتها وحدها حتى وإن كانت تلك المصلحة تضر بالاقتصاد المصري في تلك الفترة العصيبة، في محاولة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة وإن كان هذا على حساب قواعد المنافسة السليمة.