"زيادات يوليو".. هل تفلت مستويات التضخم من البنك المركزي؟

الاقتصاد

طارق عامر
طارق عامر


بعد سنوات منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي وما تبعه من ارتفاعات في مستويات التضخم غير مسبوقة نجح البنك المركزي بتشديد السياسة  النقدية من السيطرة عليها، ولكن مع بداية عام 2021 عادت للزيادة من جديد متأثرة بموجة تضخمية عالمية نتيجة التعافي الاقتصادي العالمي من جائحة كورونا، وارتفاع الطلب على السلع الأولية، زاد عليها الارتفاعات في بعض أسعار السلع محليا خاصة في شهر يوليو الجاري ما جعل التوقعات بأن تواصل نموها خلال الشهور القادمة.

 

وارتفعت أسعار العديد من السلع محليا خلال شهر يوليو، من بينها اسعار الكهرباء التى زادت بقيمة 10 قرشا في المتوسط لكل كيلو وات، وارتفعت اسعار السجائر  لتمويل قانون التأمين الصحي بقيم تتراوح بين 1 جنيه إلى 4 جنيهات،  وزادت أسعار البنزين للمرة الثانية على التوالي خلال عام 2021 بقيمة 25 قرشا، وتزامن تلك الزيادات مع ارتفاع أسعار السلع الأولية عالميا مثل الحديد والنف ومدخلات الانتاج لقطاع الصناعي بعد ارتفاع الطلب عليها بدعم من تعافي النمو الاقتصادي.


زيادة إنتاج المحلي وتقليل الواردات 

وقال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع مستويات التضخم ليس في مصر فقط ولكن أصبح ظاهرة عالمية نتيجة التعافي من كورونا؛  حتى الولايات المتحدة سجلت معدلات تضخم غير مسبوقة منذ سنوات طويلة.


وتابع " نافع" خلال تصريحات صحفية لـ" الفجر"، "أسعار المحاصيل والسلع الأولية والمعادن في الأسواق  العالمية حققت زيادة، وهو ما يؤثر على ارتفاع التضخم خاصة في الدول التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير مثل مصر.

 

وأضاف، " مع ما يشهده العالم من موجات تضخمية عالمية، هناك ما يؤثر محليا على مستويات التضخم من زيادة اسعار البنزين والكهرباء، لا يوجد أمامنا سوي  الاعتماد على الإنتاج المحلي وإحلال الواردات؛ لمواجهة تلك الموجات التضخمية التى قد تكون مؤقتة، اي حلول اخرى  مثل صرف دعم ستخلق مزيد من التشوهات. "

 

وتبني الحكومة المصرية من خلال وزارة الصناعة برنامجا قوميا لتعميق الصناعة محليا، وإحلال الواردات بمنتجات محليا خاصة مدخلات الإنتاج الصناعي.


وحققت الواردات الغير بترولية  خلال أول 6 شهور من 2021 قفزة  بنسبة 11% لتسجل 36.5 مليار دولار بعد انخفاض  سجلته بنسبة  12% خلال اول تسعة شهور من  العام الماضي.


التضخم سيكون الاعلي في اغسطس :
وتوقعت رضوي السويفي رئيس قسم البحوث بشركة فاروس، " أن تؤثر الزيادات في اسعار البنزين والكهرباء خلال يوليو، على قراءة التضخم شهر اغسطس لتكون الاعلي خلال العام."

وارتفع التضخم لإجمالي الجمهورية في مصر نهاية شهر يونيو  إلى 5.3% على أساس سنوي  مسجلا أعلى مستوياته على الإطلاق في 2021، مقارنة بارتفاع 4.9% على أساس سنوي في مايو.

وقال هشام حسن الخبير الاقتصادي، إن ارتفاعات الأسعار في بعض السلع والخدمات  التى تمت مؤخرا محدودة ولن تؤثر على مستويات التضخم بشكل كبير.

 

البنك المركزي متحوط من ارتفاع التضخم

وتابع " حسن"، البنك المركزي متحوط حاليا من ارتفاع التضخم،  ويستطيع  السيطرة على أي ارتفاعات قد تطرأ عليها والتي قد تكون مؤقتة بفضل فارق أسعار الفائدة  البالغ 3% عن مستويات التضخم الحالية.

 

وكان البنك المركزي قد تبني سياسة تخفيض أسعار الفائدة منذ عام 2020 وخفضها بنسبة 4% إلا أن مع صعود مستويات التضخم في 2021 قام بتثبيتها عند مستويات 8.25% و 9.25% الإيداع والاقتراض.

  

وقال المركزي في آخر اجتماع له في يونيو" معدلات التضخم السنوية تأثرت بكل من الأثر الإيجابي والسلبي  لسنة الاساس، ، ليعكس أثر انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد والإجراءات الاحترازية المتعلقة بها على معدالت التضخم خالل عام 2020؛ مستهدفا  تحقيق معدلات التضخم عند مستويات 7% بنهاية الربع الرابع من 2022. "

 ارتفاعات التضخم قد تكون مؤقته :

وقال هاني توفيق، البنك المركزي في موقف لا يحسد عليه لأن مطالبا حاليا برفع أسعار الفائدة للحفاظ على استثمارات الأجانب في أذون الخزانة و مواكبة ارتفاعات التضخم، وفي نفس الوقت خفضها لتشجيع الاستثمار المباشر.

 

ومع انخفاض أسعار الفائدة لم تسجل استثمارات الأجانب في أدوات الدين زيادة ملحوظة؛ واستقرت في مايو لتتراوح بين 28 و29 مليار دولار، ولكن لا تزال مصر بحسب تقارير اقتصادية عالمية من أكثر البلدان جذبا للاستثمارات الأجانب في أدوات الدين بسبب ارتفاع سعر الفائدة الحقيقي مقارنة بمستويات التضخم المسجلة.


وأضاف، "أتوقع أن لايقدم البنك المركزي حتى الآن رفع أسعار الفائدة،  لأن التضخم الحالي نتيجة لأسباب طارئة من تعافي قوي للاقتصاد العالمي بعد فترة من الركود وسوف تعود إلى مستوياتها الطبيعية".