د. رشا سمير تكتب: ليه لأ؟.. إجابة لسؤال يستحق

مقالات الرأي



 
هل يمكن أن يصبح القلب هو منبع الأمومة وليس الرحم؟.. وليه لأ.
هل يمكن أن ينجح الأب في تربية الأبناء وتخفق الأم؟.. وليه لأ.
هل يمكن أن يتقبل المجتمع طفل برئ تخلى عنه أبويه؟.. وليه لأ.
هل يمكن أن نمحو القسوة من قلوبنا ونحيا فقط بالحب؟.. وليه لأ.
هل يمكن أن يشعر الطفل اليتيم بالآمان وسط بشر يلفظونه قولا وفعلا؟.. وليه لأ.
تغير وجه المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، فظهرت علاقات لم تكن مألوفة وظواهر لم تكن موجودة، فكان لابد بالتالي أن ينعكس هذا التغير على الدراما ليقتحم قلوب من يجلسون أمام الشاشات الفضية.
على الرغم من أنني لم أعد من متابعي الدراما التلفزيونية نظرا لعدم وجود محتوى يستحق المتابعة، الا أنني وجدت نفسي أتابع وبشغف مسلسل (ليه لأ) بناء على ترشيح قوي من بناتي.
وهذا هو بالتحديد الإختلاف الحقيقي بين جيلنا وجيل أبنائنا، فنحن تجمدنا في قوالب صنعتها التقاليد والأحكام الإجتماعية والعقائد البالية والأفكار التي توارثناها عن أجدادانا بلا محاولة لصناعة التغيير..أما هُم فقد إنفتحوا على العالم من خلال الإنترنت، فبحثوا وتعلموا وصنعوا أحكاما خاصة بهم، لم يعد يهمهم رأي المجتمع ولا نظرة الآخرين، فأصبحوا لا يبحثون سوى عن السعادة فيما يعملون.
(ليه لأ) مسلسل جاد يطرح قضية هامة ومختلفة هي قضية كفالة اليتيم وتبنيه بعيدا عن الدار.
أحداث المسلسل تدور في دار لرعاية الأيتام أو من يلفظهم الأهل ويلقون بهم في الشارع، والإجراءات القانونية التي تصاحب إجراءات الكفل..
الجميل بحق هي الصورة المختلفة التي قدمها المسلسل عن دور الأيتام، ليستبدل صورة المشرفة القاسية ومديرة الدار الشريرة، بالأم الحنون التي تخاف وتربت وتحنو وكأنها الأم الحقيقية..
أما الطفل النابغة الجميل سليم مصطفى أو (يونس) فقد أبدعت المخرجة الموهوبة مريم أبو عوف في إختيار طفل جميل منمق ملامحه تضج بالجمال والطيبة حتى تغير الصورة النمطية لأطفال الملاجئ..تحية لها على عمل متميز وللطفل سليم على موهبته الفطرية (فعلا..يالهوي يالهوي يالهوي على جماله وموهبته)!..والتي لا تقل عنه في الموهبة منى أحمد زاهر المبدعة بالفطرة.
منة شلبي..أعظم ممثلات جيلها على الإطلاق وهذا رأيي فيها منذ أول إطلالاتها على الشاشة، فدورها في واحة الغروب دور تستحق عليه أوسكار الإبداع، موهبة سلسة قريبة إلى القلب، كعادتها أبدعت في كل لفتة وإيماءة ونظرة عين.
يطرح المسلسل عدة قضايا هامة جدا..منها أن الأمومة ليست مقصورة على الأمهات بل ممكن أن يصبح أب هو الأم بكل المقاييس في حين تجلس الأم في مقاعد المتفرجين، وهنا لا يفوتني أن أسلط الضوء على دور سارة عبد الرحمن التي نجحت في إستفزازنا بدور الأم الغير مهتمة وهو دور موجود في الحياة كثيرا..برافو سارة.
على هامش حكاية يونس يلمع نجوم مثل عبقرينو التمثيل دنيا ماهر في دور مختلف، مراد مكرم الموهوب، ريم حجاب وإيناس الفلال في دوري مشرفات الدار، أحببناهم بقدر ما أحبوا أدوارهم..نجلاء يونس موظفة وزارة التضامن دور قصير له أجل طويل.
يجب وبشدة أن أحيي الورق المكتوب رغم بساطة الحوار إلا أنه مكتوب بعمق، فكرة وسيناريو دينا نجم التي أحييها على الفكرة وعلى الكلمة التي تحمل معاني وقيمة..تحية واجبة أيضا للشاب مجدي أمين المشترك في ورشة السيناريو..والإشراف العام على الورشة بقيادة مريم نعوم التي عودتنا على تقديم المختلف، وسعادتي بالغة بأن المشتركين في ورش الكتابة اليوم أسمائهم تظهر على التيترات بعد أن كانوا لزمن طويل مختبئين خلف السطور، والضوء فقط لسيناريست واحد له إسم معروف.
قيل أن حدثت زيادة في عدد المتقدمين لكفالة الأيتام منذ إذاعة المسلسل، لكن يجب ألا تجرفنا عواطفنا، فالتبني ليس لعبة ولكنه مسئولية كبيرة يجب أن يتروى من يقدم عليها حتى لا يتسبب في هزيمة جديدة لنفسية طفل هزمته الأيام..
قد أختلف قليلا مع نهاية المسلسل، وكنت أتمنى أن تبدو أكثر واقعية، فتقبل المجتمع لموضوع التبني لا يحتاج نهاية سعيدة بل يحتاج إلى تغيير جذري في ثقافة المجتمع والتعليم..
أما قصة جحا وإبنه والحمار فهي بالفعل لقطة عبقرية ورسالة حقيقية لكل إنسان يتخذ قرارا وهو يخشى إنتقاد الناس..
فعلا..وليه لأ؟.