"الفجر" تحاور أحمد إبراهيم صاحب الـ5 مؤلفات بمعرض الكتاب (حوار)
واحد من خريجي الأزهر الشريف، قدم مؤلفات واهتم بعدد كبير من الأمور الدينية، وجمع الوثائق التي تخص محافظة المنيا بلده، فانفرد عن غيره في جمع نوادر عن تاريخه محافظته في موسوعة خاصة بتاريخ المنيا الكبير، وقدم مؤلفات عديدة منها كتاب( مدرسة الإمام البخارى فى مصر)، وهو بحث في الجهود المبذولة من المدرسة المصرية وكتاب( الإلمام بأخبار الليث بن سعد شيخ الإسلام) تكلم فيها عن إمام أهل مصر الليث بن سعد، من حيث الفقه والحديث والتاريخ، وكتاب( جمهرة الأزهريين في المنيا) جمع فيه العلماء الذين خرجوا من أرض المنيا وكتاب (مشاهد الجلال: صفحات من جهود الأزهريين في صناعة الحضارة وعمارة الأرض وبناء الإنسان والسير إلى الله تعالى) بمشاركة الدكتور أحمد نبوي أحد علماء الأزهر الشريف من وحي موسوعة "جمهرة أعلام الأزهر الشريف".
الشاب أحمد إبراهيم أحمد علي أحد أبناء الأزهر الشريف ولد في سنة ١٩٨٧م، في قرية القيس التابعة لمركز بنى مزار محافظة المنيا، تلك القرية التي كان كل شيء فيها يعبق بأريج الإيمان، كانت القرية موضع الفضيلة والحب والتراحم بين الناس، وكانت البيوت كالبيت الواحد فأخرجت شابًا قدم العديد من المؤلفات الشرعية رغم صغر سنه الذي لا يتجاوز الـ 34 عامًا.. في السطور القدامة نعرف سر متحف العملات التي أسسها وعدد المؤلفات الشرعية التي قدمها رغم صغر سنه.
حدثنا عن نشأتك وسر تعلقك بالعلوم الشرعية وتقديم هذه المؤلفات؟
كنت صبيًا صغيرًا في مرحلة التعليم الابتدائي، كنت دائمًا الذهاب لمسجد اسمه ( مسجد كيوان ) ؛ وفى هذا السن لفت انتباهي منبر المسجد الخشبي الجميل في شكلة ورشاقته، بل وفخامته، وكان في أعلاه قبة عليها هلال، وقد سكنت تلك القبة يمامة، وابتنت عشها ووضعت بيضها، فكنت أراقبها من وقت المغرب إلى العشاء، وكنت ألاحظها وهى تحرك رأسها كأنها تصلي، وكيف كانت تقف دون أن ينتابها خوف أو وجل مهما اقترب الناس منها، فسبحان القائل:
( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ). كانت تمر عليا الأحداث والأشياء فأتأملها وأنا صغير، التحقت بمعهد القيس الابتدائي الأزهري وتعلمنا على يد أساتذة أفاضل، وأذكر منهم واحدًا الأستاذ علي غليون _ حفظه الله_ مدرس اللغة العربية، كانت له معنا طريقة فى غاية العجب، لم يعتمد على تعليمنا القراءة والكتابة فقط، كما هو الحال في المرحلة الابتدائية بل تعدى ذلك بتعليمنا الأمور الحياتية فى هذا السن الصغير تعلمنا منه علاقة الابن بابيه، وعلاقتنا فى الحياة، وعلاقة الزوج بزوجه، تعلمنا منه العلم والواقع.
التحقت بالمرحلة الإعدادية، وفي الثانوية تعلق قلبي بالعلم الشرعي خاصةً الفقه، وتعلقت بحب الإمام الكبير سيدي الشيخ أحمد الدردير صاحب كتاب الشرح الصغير في الفقه المالكي.
وسبب حبي هو مدرس الفقه المالكي الذي درس لنا فى الصف الأول الثانوي الأستاذ عادل زكي _ حفظه الله _ كانت طريقته في الشرح على الطريقة الأزهرية القديمة، إذ يكتب النص المراد شرحه على السبورة، ثم يحلل النص لفظة لفظة، حتى إني لا تذكر حركة شفتيه وهو يشرح ثم يشرحه كاملا كأنه مسألة واحدة، ويذكر عدد المسائل الموجودة، وكيف نستخرجها من النص دون الشرح.
العلم والعمل.. كيف جمعت بينهما؟
التحقت بكلية الشريعة الإسلامية بالقاهرة وفي أثناء ذلك كله كنت بسعى على الرزق بدأت العمل من أثناء الصف الثاني الإعدادي أعمل فى محل فضيات ولحام المصوغات الذهبية.
فكنت أذهب إلى المعهد الأزهري صباحا، وبعد رجوعي من المعهد أذهب إلى عملي ومعي كتبي كي أذاكر فى وقت الفراغ وكنت لا أتوقف عن العمل إلا قُبيل الامتحانات تعلقت بالعلم والعمل، فلم أتوقف عن العلم ولا عن العمل.
ما سر اهتمامك بوثائق المنيا وجمع المعلومات النادرة عنها؟
المنيا بلدي الذي ولدت فيها، وعشت على أرضها، فهي الموضع الذي منه نشأتي، والمكان الذي إليه نسبتي، فوجدت أن من البر والعرفان هو جمع موسوعة تختص بتاريخ هذا البلد الحبيب، حتى أكون قد أسهمت بشيء من البناء اتجاه بلدي الحبيب مصر شرعت في جمع كل ما تقع عليه عيني يخص محافظتي، حتى أكتب موسوعتي الخاصة بتاريخ المنيا الكبير.
و لم أقف عند الجمع فقط، بل تعلمت طريقة استخلاص المعلومة من تلك الوثائق، وكيف تنتج الوثائق علم؟
تعلمت من استاذي الكاتب والمؤرخ الأستاذ: موفق علي بيومي( رحمه الله ). جلست معه كثيرًا في بيته ( بالمعادي )، كنت أراقب طريقته فى استخلاص المعلومات الكثيرة من الوثيقة، كان عنده خبرة ودراية عالية الجودة.
كان لا يبخل عليّا بأي معلومة أو وثيقة، اعتبرني كابنه، وأخذت منه وثائق عن( المنيا ).
حدثني عن مؤلفاتك بمعرض الكتاب هذا العام؟
كتبي التي بالمعرض هذا العام كتاب( مدرسة الإمام البخارى فى مصر)، وهو بحث في الجهود المبذولة من المدرسة المصرية.
وكتاب( الإلمام بأخبار الليث بن سعد شيخ الإسلام) تكلمت عن إمام أهل مصر الليث بن سعد، من حيث الفقه والحديث والتاريخ، واطلت الكلام عن رسالته للإمام مالك بن أنس ورسالة الإمام مالك له.. طبعة دار الصالح.
وكتاب( جمهرة الأزهريين في المنيا) جمعت فيه العلماء الذين خرجوا من أرض المنيا، مع ذكر مقدمة عن المنيا وطلاب الأزهر في المنيا، ومفتي مديرية المنيا قديما، وتاريخ بعض المعاهد الأزهرية في المنيا.
وكتاب (مشاهد الجلال: صفحات من جهود الأزهريين في صناعة الحضارة وعمارة الأرض وبناء الإنسان والسير إلى الله تعالى). وقد تشرفت في هذا الكتاب بمشاركة فضيلة الدكتور أحمد نبوي الأزهري(عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر).
واستقصينا فيه الأخبار والقصص والحكايات والنقول من خلال جمهرة أعلام الأزهر الشريف، وغيرها من الكتب والموسوعات التي وقفنا عليها والتقطنا من جواهرها صفحاتٍ من جهود الأزهريين في صناعة الحضارة وعمارة الأرض وبناء الإنسان والسير إلى الله تعالى.. طبعة دار الوابل الصيب.
ما حكاية متحف الفلوس.. برأيك هل كانت العملات تشهد على تاريخ المصريين؟
منذ الصغر عشقت الأشياء القديمة، كالعملات القديمة، والتحف، والكتب، والخواتم ذات الأحجار القيمة، رأيت أبي_ رحمه الله_، ذات مرة رأيته مُقبلًا عليا مبتسمًا، وأخرج من جيبه هذا الخاتم الفضة بحجر عقيق، قد اشتراه لي، لأنه يعلم أني أحب الأشياء القديمة، ولأن هذا يسعدني.
عشقت العملات المصرية القديمة منذ الصغر، إذ وقع في يدي وانا في الصف الثاني الإعدادي فئة( ٢ مليم ) للملك فاروق، إحساس غريب مليء بالمتعة والشغف والحب العميق لبلدي مصر.
أقف متأملًا أمام كل قطعة معدنية أو ورقية، أُحدثها وتحدثني وكأني أتغزل فيها.
أقف مسترجعًا للماضي كأنني أعيش فيه، أو كأنني ركبتُ آلة الزمن وسافرت من خلالها إلى أزمنة لم يعد أحدًا يتذكرها.
لا شك أن جانبًا كبيرًا من متعة هواية جمع العملات تتمثل في الاستمتاع بامتلاكك جانبا من التاريخ.
ولذلك قررت تنمية هوايتي ( جمع العملات القديمة ) ؛ وهي هواية بألف هواية والتي أطلق عليها ب «هواية الملوك وملكة الهوايات».
والتي تمدُّني بالثقافة والمعرفة والمتعة والفنون والتاريخ، من خلالها نتعرف على حضارات وثقافات وعادات وتقاليد.
على مدار سنوات طوال عشتها فى هذا المجال، تمنيت أن يكون عندي متحف خاص بي، يضم عدد من العملات المصرية، وقد كان ولله الفضل والمنه.
من أهم أعلام القراءات فى محافظة المنيا ؟
من أعلام القراءات فى المنيا العلامة المتقن فضيلة الشيخ: حسن الإسناوي ثم البهنسي؛ ولد في شهر جمادي الأولى سنة 1355ه بإسنا ؛ وكان مقامه فى المنيا في البهنسا.
بلغ الشيخ ــرحمه الله ـ الغاية في جلال القدر وعلو الكعب في علوم القراءات مع التقوى والاستقامة والاتزان، فكان عالما حافظا مدققا.
زرته في بيته وجلست معه وقص عليا ترجمته ومراحل تطور حياته، وقد ترجمت له، وقد كتب لي وصية لمن أراد حفظ كتاب الله، قال فيها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم على سيد المرسلين، سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم. قال ــصلى الله عليه وسلم ـــ (( القرآن غنا لا فقر معه ))، وقال (( أقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأهله ))، وقال (( من لم يغنه القرآن فلا غناه بعد )).
هذه وصيتي لمن يقرأ القرآن، وأفضل طريقة عندي أن يقرأه خاليا من متطلبات الحياة، وأخص القراءة في الصلاة فهي أفضل طريقة للحفظ، والله ولي التوفيق.).
حدثني عن جمهرة الأزهريين في المنيا؟ وكم عدد العلماء والمشايخ فيها ؟
(جمهرة الأزهريين في المنيا) كتاب خرج من سلسلة ( من وحي جمهرة اعلام الأزهر الشريف ) فهو يعد ثمرة من ثمرات البحر الزاخر الكبير( جمهرة أعلام الأزهر الشريف ) لشيخنا فضيلة الدكتور أسامة السيد الأزهري.
وقد جمعت في هذا الكتاب ١٥٠ عالمًا وعلمًا من محافظة المنيا؛ وبجانب التراجم، ترى فيه لمحة عابرة عن تاريخ المنيا بين الماضي والحاضر، وكيف سميت بالمنيا، مع ذكر الأقوال التي قيلت في ذلك.
وكيف كانت المنيا موئلا للعلماء، مع إضاءة حول الحركة التعليمية لطلاب المنيا في الجامع الأزهر الشريف، حيث كانوا يسكنون في رواق (الفشنية)، ثم رواق(الصعايدة)، الذي تم إنشائه سنة ١١٦٧هجري على يد الأمير عبد الرحمن كَتْخُدَا وقد أطلت النفس في ذكر هذا الرواق ومشيخته وجيراياته.
تجد لمحة عابرة عن الإفتاء ومفتي مديرية المنيا وأن ذلك امتداد للأزهر الشريف في المنيا وتكلمت عن دور الأزهر الشريف في بناء الإنسان في ضوء "جمهرة أعلام الأزهر الشريف "، مع ذكر نماذج مشرفة من المنيا.
وكيف أن رجال الأزهر الشريف ما دخلوا بلدا إلا حل فيه الأمان، فلم تكن فضيلة من فضائل الحياة إلا وتحلوا بها، ولا خلق من أخلاق الرجال إلا اتخذوه شعارا، ولذلك تعلقت القلوب بالأزهر الشريف.
وذكرت لمحة عن تاريخ بعض المعاهد الأزهرية والتى كانت شعاع نور وهداية، وكيف نهضت وتشكلت؟، كمعهد أسيوط الأزهري، ومعهد المنيا الأزهري، ومعهد ملوي الأزهري، ومعهد بني مزار الأزهري، ومعهد القيس الأزهري.