محمد مسعود يكتب: محمد مسعود يكتب: غير المكتوب عليهم «٤».. خان «٢-٢»

مقالات الرأي



أسس مع بشير الديك وعاطف الطيب ونادية شكرى شركة إنتاج «أفلام الصُحبة»  

بشير الديك: عمرنا ما لهثنا خلف المال.. «كنا بنجرى وراء أحلامنا»  

عادل إمام : كل اللى بيشتغلوا معايا بيكسبوا.. أنتوا ليه مش بتشتغلوا معايا؟  

الزعيم حصل على ٣٥ ألف جنيه نظير بطولة الحريف.. وخان ٥ آلاف وبشير ٣  

محمود مرسى وفريد شوقى وعادل أدهم يرفضون بطولة «خرج ولم يعد» والمنتج لفريد شوقى: «أنقذ الفيلم بيتى هيتخرب»

ما إن أسس الأصدقاء الأربعة «خان، عاطف الطيب، بشير الديك، نادية شكرى» شركة إنتاج خاصة بهم، أطلقوا عليها «الصحبة»، قرر الرباعى أن تكون باكورة إنتاجها عملا يجمع اثنين من المنتجين، وهما محمد خان وبشير الديك، بعد أن انتهى الكاتب الكبير من كتابة سيناريو فيلم «الحريف» ورشح خان وبشير لبطولته الفنان الكبير الراحل أحمد زكى، الذى حقق معهما نجاحا ساحقا فى فيلمى «طائر على الطريق، وموعد على العشاء».

قال لى الكاتب الكبير بشير الديك، إن أحمد زكى كان هو المرشح الأول لأى دور، وقال مازحا:» حتى عندما فكرنا مرة من الممثل الذى يمكنه تقديم شخصية الملك فاروق رشحنا أحمد زكى»، وعلى ذلك رُشح النجم الأسمر لبطولة الفيلم، قبل أن يختلف مع خان، فكانا دائما الخلاف، لأنهما «عقارب» كلاهما برج العقرب.

1- أحمد زكى وعادل إمام

كان محمد خان تصور أن شخصية فارس فى فيلم «الحريف» يجب أن تكون ذات شعر طويل وشارب، وقبل التصوير دخل أحمد زكى فى عناد معه وقرر تقصير شعره لدرجة استفزت محمد خان، فلم يبتلع فعلته، وقرر معاقبته على الفور، وهنا اجتمع رباعى الإنتاج بناء على طلب خان الذى أخبرهم بقرار استبعاد ترشيح أحمد زكى من دور البطولة.

قال لى الكاتب الكبير بشير الديك إن ثمة لقاءات جمعت بينه وبين خان مع الزعيم الفنان الكبير عادل إمام، وقال لهما جملة لايزال بشير الديك يتذكرها جيدا وهى «كل اللى بيشتغلوا معايا بيكسبوا.. أنتم ليه مش بتشتغلوا معايا»، وربما كانت هذه الجملة هى السبب فى إرسال خان وبشير الديك سيناريو «الحريف» إلى عادل إمام، ورغم توقعهما رفضه، لكون السينما التى يقدمها مختلفة تماما عما يقدمانه، لكنه وافق على لعب بطولة الفيلم.

ما إن وافق عادل إمام على لعب بطولة «الحريف» ذهب المخرج محمد خان إليه فى منزله وما إن دخل إلى بهو الشقة قال له «إحنا غيرناك يا أحمد»، استأذنه أحمد زكى فى الدخول إلى دورة المياه، وهو ما فسره خان بأنه دخل ليسبه دون أن يسمعه!.

بدأ تصوير فيلم الحريف، المشروع الإنتاجى الأول والأوحد لشركة إنتاج «الصُحبة» وكان الكاتب الكبير بشير الديك هو الذى يراجع المسائل المالية، رغم وجود مدير إنتاج، لكونه متخرجا فى كلية التجارة، وعندما سألته عن أجر الزعيم عادل إمام نظير بطولة الفيلم قال لى إنه حصل على ٣٥ ألف جنيه، بينما حصل بشير نفسه وهو كاتب سيناريو الفيلم على ٣ آلاف، وحصل خان على ٥ آلاف جنيه، وأجر عادل إمام كان نفس أجر السندريللا سعاد حسنى عن فيلم «موعد على العشاء».

كان محمد خان مخرج يحب الالتزام بمواعيد التصوير، وكان عادل إمام نجما كبيرا مدللا، يأتى أحيانا متأخرا عن موعده، وهو ما اضطر محمد خان إلى أن «يقلب وشه ويكشر» فى وجه عادل إمام الذى أصبح يأتى فى موعده تماما، وكلما جاء باكرا «يبرطم» بسخرية وبطريقته الكوميديه «يا ولاد الـ».

وكما كتب فيلم «الحريف» بداية شركة أفلام «الصُحبة»، كتب نهايتها، فالفيلم الذى حظى بإعجاب النقاد، لم يحقق نجاحا جماهيريا مماثلا لأفلام عادل إمام، وعلى ذلك قررت الشركة غلق أبوابها، رغم أنها لم تتعرض لخسائر مالية، فبعد توزيع الفيديو حققوا مكسبا قليلا، لكنهم لم يخسروا أموالهم فى رهانهم على عادل إمام، لكن.. هل كان إحجام الجمهور عن الفيلم هو السبب فى قرار تصفية الشركة؟.

قال لى بشير الديك إن الأربعة الشركاء، لم يفكر أى منهم فى تحقيق مكاسب مالية «إحنا عمرنا ما جرينا وراء الفلوس.. بس طول عمرنا بنجرى وراء أحلامنا.. وأحلامنا كانت سينمائية، لم نكن نملك وقتا للإنتاج بعد أن خصصنا كل الوقت وكل العمر للإبداع».

2- الجنة فى بنها

لم يكن الفنان الكبير الدكتور يحيى الفخرانى، يتوقع أن يحقق فيلم «خرج ولم يعد» كل هذا النجاح، وأن يحصل على جائزة أفضل ممثل عن دوره فى الفيلم فى مهرجان «قرطاج السينمائى»، ولهذا الفيلم الكثير من الحكايات التى بدأت بضيق.. وانتهت بنجاح.

فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات رفض يحيى الفخرانى عددا كبيرا من الأفلام التى لا تخرج عن كونها أفلام مقاولات، ما دفع بعض المنتجين لأخذ موقف معاد منه، وهو ما اتضح عندما طرح المخرج الكبير محمد خان اسمه للعب بطولة الفيلم الذى صاغ له السيناريو والحوار الكاتب الكبير عاصم توفيق.

رفض المنتجون التعاون مع يحيى الفخرانى، وكانت فكرة استبعاده فكرة مستحيلة، لكون السيناريو كُتب على يديه تقريبا لقربه الشديد من عاصم توفيق ومن محمد خان، ولقناعتهما أن يحيى الفخرانى هو الممثل الوحيد الذى يمكنه تجسيد شخصية «عطية» بأسلوب سهل، وممتع عن الآخرين، إلى أن عثر خان على ضالته فى المنتج ماجد موافى الذى وافق على لعب يحيى الفخرانى لبطولة العمل.. لكن موافقة المنتج لم تكن هى الموافقة الوحيدة التى تكفل للفخرانى بطولة الفيلم، فاسمه سينمائيا فى ذلك الوقت أخاف الموزعين، وطالبوا بممثل صاحب اسم كبير للموافقة على توزيع الفيلم، وهنا عرض المخرج محمد خان على الفنان الكبير محمود مرسى المشاركة فى البطولة لكنه رفض، فذهب خان للفنان الكبير فريد شوقى، فرفض هو الآخر، لعدم قناعته بأن يكون الفنان الكبير يحيى الفخرانى هو بطل الفيلم، لم ييأس محمد خان لكنه أدرك الفشل فى محاولته الثالثة أيضا عندما عرض الدور على الفنان الكبير عادل أدهم الذى لم يختلف رأيه عن رأى محمود مرسى وفريد شوقى.

وهنا قرر المخرج والمنتج تحمل المغامرة وبدء تصوير الفيلم بدون أن يتم تسكين شخصية «كمال بك» التى قدمها الفنان الكبير الملك فريد شوقى، لتدور الكاميرا أخيرا معلنة بداية تصوير الفيلم فى السادسة من صباح يوم السبت العاشر من ديسمبر لعام ١٩٨٣، بعد الاستقرار على يحيى الفخرانى، وليلى علوى التى رشحها عاصم توفيق، ولم يقبل محمد خان بترشيحها إلا بعد مقابلة فى مكتب المنتج.

وبعد اختيار عزبة فى مدينة بنها بمحافظة القليوبية لتصوير منزل كمال بك ومزرعته وأرضه، كان لابد من وجود الممثل الذى يقدم شخصية كمال، وقرر منتج الفيلم الذهاب إلى الفنان الكبير فريد شوقى ومطالبته بالوقوف إلى جواره حتى لا «يخرب بيته»، وبالفعل وافق فريد شوقى على طلبه وانضم لأسرة الفيم بدءا من الأسبوع الثالث، ليؤدى دورا من أعظم أدواره.

أثناء تصوير الفيلم فى بنها كانت سيارة تنتظر الممثلين فى الخامسة والنصف صباحا للذهاب بهم يوميا لتصوير الفيلم الذى تم إنجازه فى أربعة أسابيع فقط، بينما كان محمد خان ويحيى الفخرانى يسكنان حيا واحدا، هو حى مصر الجديدة، كان يمر أحدهما على الآخر، ويذهبان إلى إحدى الأفران فى مصر الجديدة للحصول على المخبوزات الطازجة الخارجة من الفرن لتوها ويأكلانها فى طريقهما إلى بنها، بينما فضل بعض العمال والفنيين البقاء والمبيت فى بنها لحين انتهاء التصوير فيها.

كانت موائد الطعام فى منزل كمال بك، هى نفسها السفرة التى يجتمع عليها العاملون بالفيلم لتناول وجباتهم فى وقت الاستراحة «البريك» وكان أهالى العزبة فى غاية الكرم، يمدونهم بالإفطار الفلاحى فطير وعسل وقشدة وجبن، علاوة على الطعام المطبوخ بالسمن البلدى، لدرجة أن جميع العاملين بالفيلم زادت أوزانهم من ٤ إلى ٥ كيلوجرامات فى أيام التصوير بمدينة بنها.

3- مهرجان قرطاج

فى مهرجان «قرطاج» السينمائى، قام أحد النقاد التونسيين قائلا: هل الريف المصرى بمثل هذا الجمال الذى قدمه الفيلم، فقال له محمد خان.. بل أجمل من ذلك كثيرا، وكان الطريف أثناء عرض الفيلم فى المهرجان تواجد المخرج الكبير الراحل الأستاذ بركات، وكان جالسا بجوار يحيى الفخرانى الذى حكى الواقعة فى حلقة تليفزيونية فى ثمانينيات القرن الماضى، وشاهد بركات مشهد طبق البيض التى تعده الفنانة عايدة عبدالعزيز لفريد شوقى وهمس بركات فى أذن الفخرانى: «أنا لازم أسافر مصر بكره.. لأنى نفسى آكل طبق البيض ده»، ونفس مشهد طبق البيض، أثار طارق يحيى الفخرانى، وكان وقتها لا يجيد الكلام، فعندما ذهب مع والده إلى العرض الخاص جرى نحو الشاشة قائلا: «مم» فى إشارة إلى الطعام.

4- أيام السادات

كان فيلم «أيام السادات» الذى كتبه محفوظ عبدالرحمن ولعب بطولته وتولى إنتاجه الفنان أحمد زكى، هو التجربة الأخيرة لخان مع أحمد زكى، فرغم خروج الفيلم بمستوى جيد على المستوى الفنى، لكن ثمة أحداثا وخلافات شديدة وتراشقات وصلت إلى حد الاشتباك وقعت بين المخرج الكبير وأسطورة الثمثيل.

قطعا كان على أن ألجأ إلى عميد فن الماكياج فى العالم العربى الماكيير الكبير محمد عشوب، لسؤاله عن الفيلم، كونه من حول أحمد زكى إلى أنور السادات وصاحبه فى جميع مشاهد الفيلم الذى بدأ تصويره فى مدينة بورسعيد، رغم أن الأحداث الحقيقية وقعت فى مدينة الإسماعيلية، لكن خان أصر على تصويرها فى مدينة بورسعيد.

الأيام الأولى فى بورسعيد مرت على خير، كما قال لى عشوب (أنجزنا هناك عددا كبيرا من المشاهد، وكان أول مشهد تم تصويره فى الفيلم، يجمع بين أحمد زكى ومنى زكى، وهما خلف المركب ويغنى لها أغنية فريد الأطرش الشهيرة ياريتنى طير وأطير حواليك، وانتهت أيام بورسعيد وعدنا إلى القاهرة، ومثلما عدنا، عادت المناوشات والمشكلات بين أحمد زكى ومحمد خان، وهى مشكلات مكررة فى جميع أعمالهما، لكن هذه المرة كانت ليست ككل المرات السابقة، فى البداية طلب خان إضافة مشاهد لم تكن موجودة بالسيناريو، لكن أحمد زكى رفض، مطالبا الالتزام بسيناريو الفيلم، بعدها بدأ محمد خان فى تصوير أمورسات «الكاميرا خلفه» كثيرة لأحمد زكى، فتساءل قائلا أنت بتصورنى كده ليه، فقال له أنا أصورك زى ما أنا عايز، بدأت حالة الجفاء، وبدأ خان لا يتعامل مع أحمد زكى، يعطى التعليمات لمساعده الذى ينقلها لأحمد زكى، ثم يقف خان عند المونيتور، لكنه كان يعطيه ظهره، وهنا ثار أحمد زكى «ده بيصورنى بضهره»، لكن خان أصر على هذه الطريقة، فذهبت له قائلا يا أستاذ أنتم أخوات هون الأمور شوية، قال لى «محدش يقول لى أعمل أيه»).

كان محمد عشوب يريد تقديم دور «محمد أحمد»، طلب ذلك من أحمد زكى كما قال لى، وقال أحمد زكى فعلا أنت تشبهه، ثم قال لخان «يا محمد، عشوب هيعمل دور محمد أحمد»، فرد قائلا: «فى المشمش.. أنا يا أستاذ اللى أحط الشخصيات»، فقال له أحمد زكى «ده دور صامت يا محمد»، فرد قائلا: «بارضه لأ».

كانت المشكلات تنذر بوقوع كارثة بين الطرفين، وعن يوم الواقعة قال عشوب: (فى اليوم ده أنا مشيت ساعتين ولقيت محمد خان بيتصل بيا يقول لى شوفت صاحبك.. ضربنى وضرب كمال، وأنا بقى هوقف له الفيلم، جريت على سيارتى وذهبت حيث موقع التصوير بمنزل الرئيس السادات بالجيزة فوجدت الجميع وقد انصرف، علمت بكل التفاصيل من أكثر من مصدر بالفيلم على رأسهم طارق الشيمى، وبدأت الواقعة بوقوف محمد خان مع جيهان الصغرى، وأخبرته أن الرئيس عندما عاد بعد معاهدة كامب ديفيد العاملون بالمنزل قاموا بإحضار فرقة حسب الله ورقص الرئيس بالعصا معهم، المشهد أعجب محمد خان فذهب لأحمد زكى فى حجرة مكتب الرئيس الأسبق، فوجده يقطع بعض المشاهد من السيناريو، لأنه لن يصورها، هاج محمد خان وقال متقطعش المشاهد أنا اللى أقول أيه اللى يتصور وأيه اللى ميتصورش.. وقال له هنعمل مشهد للرئيس يرقص بالعصا مع فرقة حسب الله، فرد أحمد زكى أنت كده عايز تعمل الرئيس ممثل كوميدى، مش هعمله، فقال له خلاص ماتشيلش مشاهد ومتقطعش مشاهد، وقتها وقف أحمد زكى ودفعه فى صدره، وتقدم منه غاضبا وبالفعل كان أن يضربه بقبضة يده لكنها استقرت فى وجه مساعد أحمد زكى ويدعى كمال، وكان يرتدى نظارة تهشمت على وجهه وعينيه وسال الدم من وجهه بغزارة، وخرج محمد خان بسيارة الإنتاج وغادر موقع التصوير).

خرج محمد خان من موقع التصوير وقال لعشوب إنه سيوقف الفيلم، وذهب بالفعل إلى غرفة صناعة السينما، وقتها تحدث رئيس الغرفة منيب شافعى مع ممدوح الليثى رئيس قطاع الإنتاج المشارك فى إنتاج الفيلم، وتحدث الليثى بدوره إلى أحمد زكى ليعتذر لخان لكنه رفض وعلى ذلك توقف تصوير الفيلم شهرين كاملين.

قال لى محمد عشوب إنه ذهب بعد شهرين من توقف الفيلم إلى الفنان الكبير أحمد زكى فى فندق رمسيس هيلتون ( قلت له حرام عليك شقى عمرك اللى بيضيع ده.. ده كده خراب بيوت، وهو معاه حق، لا النقابة هتقبل باللى حصل له ولا الغرفة هتقبل، فقال لى أنا هتصرف، لم أصمت تحدثت هاتفيا إلى منيب شافعى وطالبته باستدعاء الجميع إلى جلسة صلح، وبالفعل حضرها خان وأحمد زكى وممدوح الليثى وفاروق صبرى، وصديقهما المشترك المنتج حسين القلا، وكان له دلال على الاثنين، وبالفعل فى هذه الجلسة تصالحا واستكمل خان تصوير الفيلم، ووضع اسمى على التيتر بشكل لائق، بعد أن ذهبت إليه قائلا: «يا أستاذ خان أنت بتحبنى ولا بتكرهنى؟» فقال لى وهكرهك ليه يا محمد؟.. فقلت أنت شُفت تعبى فى الفيلم قد أيه، وعايز أسألك اسمى هيتحط فى التيتر إزاى، فقال لى اكتب لى ورقة فيها اللى عايزه ينزل فى التيتر، فكتبت له هذه الورقة وفيها فنان الماكياج محمد عشوب، وبالفعل وضع ما كتبته فى تيتر البداية، فقد وعد وأوفى).