دراسة: برنامج الإصلاح الاقتصادى أدى لخروج ١.٣ مليون سيدة من سوق العمل
٤ عوامل أسهمت فى ذلك خلال ٣ سنوات
نقص استثمارات الدولة فى الصحة والتعليم رفع معدل البطالة بين الإناث.. وفرص التوظيف الأكبر فى قطاع البناء
أكدت دراسة حديثة أن إجراءات الحماية الاجتماعية التى تضمنها برنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر مع صندوق النقد الدولى لسنة ٢٠١٦، أسهمت فى الحد من الآثار السلبية لتنفيذه، وخففت من الضغوط الاقتصادية على الفئات محدودة الدخل.
الدراسة الصادرة عن المشروع البحثى (حلول للسياسات البديلة) التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة، تحت عنوان (الحماية الاجتماعية والجندر فى برنامج صندوق النقد الدولى بمصر)، والتى أعدها أسامة دياب - باحث اقتصادى ومحاضر فى دراسات التنمية، وسلمى إيهاب هندى - باحثة فى شئون النوع الاجتماعي/الجندر، أشارت إلى أن من بين ٢٧ إجراء للسياسات العامة التى تضمنها البرنامج، هناك ٣ إجراءات فقط تصنف على أنها اجتماعية بنسبة ٣٧٪، وهى التى كان تنفيذها أفضل من بقية الإجراءات، حيث تحققت تماماً أو بشكل جزئى، فى حين أن هناك ١٠ إجراءات «نيوليبرالية»، و١٠ محايدة، و٤ غير مصنفة.
وأوضحت الدراسة أن تلك الإجراءات الثلاثة هي: إنفاق ٦٠٠ مليون جنيه فى العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩ لتحسين توافر دور الحضانة العامة للأطفال من الولادة إلى سن ٤ سنوات، والمرافق الأخرى التى تساعد النساء على البحث عن فرص عمل.
والإجراء الثانى هو زيادة الإنفاق على برامج التحويلات النقدية والمعاشات الاجتماعية (تكافل وكرامة وغيرها) والوجبات المدرسية والتأمين الصحى، بما لا يقل عن ٢٥ مليار جنيه، وأخيرا الإجراء الخاص بفرض ضريبة أرباح رأسمالية أو ضريبة دمغة على معاملات البورصة.
وفى تقييم الدراسة للإجراء الأول، أوضحت تراجع معدلات مشاركة النساء فى القوى العاملة منذ بدء البرنامج وذلك من ٢٢.٧٦٪ فى عام ٢٠١٦ إلى ٢١.٩٣٪ فى ٢٠١٩، وفقا لأرقام البنك الدولى.
وبحسبة بسيطة، تظهر أرقام جهاز التعبئة العامة والإحصاء، انخفاض مساهمة الإناث فى قوة العمل بنسبة ٥.٥٪ مع تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح، والممتدة من ٢٠١٦ إلى ٢٠١٩، حيث بلغ عدد النساء المشتغلات ٥.٣٤٥ مليون أنثى فى عام ٢٠١٦ بنسبة ٢١.١٪، مقابل ٣.٩٩٠ مليون فى عام ٢٠١٩ بنسبة ١٥.٦٪.
ولفتت الدراسة إلى أن معدل مشاركة النساء كان شديد الانخفاض قبل بدء البرنامج، وتشير هذه النتائج إلى أن السياسات الموجهة نحو تعزيز عمالة الإناث غير كافية لإحداث توازن مع الأثر الذى خلفته إجراءات التقشف على النساء.
وأضافت أن النقص الحاد فى الاستثمار العام فى القطاعات الاجتماعية مثل: قطاعى الصحة والتعليم، صعبت على النساء بشكل متزايد إيجاد فرص عمل.
كما أشارت إلى استقرار حجم القطاعات الأعلى توظيفا للذكور بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى منذ إطلاق برنامج الإصلاح، فيما شهدت القطاعات ذات الكثافة النسائية (التعليم والصحة والحكومة) تراجعا ملحوظا فى الحجم، من ١٤.٥٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦ إلى ١٠.٥٨٪ فى العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩.
وأرجعت الدراسة ذلك إلى أن الإصلاحات التى تم تنفيذها أدت لتفاقم العوامل التى سببت انخفاض معدلات عمل النساء، حيث كان النمو الاقتصادى مدفوعا بشكل رئيسى بالقطاعات التى يهيمن عليها الذكور، والتى تعتبر أكبر قطاعات التوظيف، مثل: البناء، والخدمات اللوجستية، والنقل، والصناعات التحويلية، وذلك مقارنة بالقطاعات ذات الكثافة النسائية مثل الصحة (تبلغ مشاركة النساء ٥٩.٨٪ فى عام ٢٠١٧) والتعليم (٥٣.٧٪)، إلى جانب انخفاض نسبة عمل النساء فى قطاع الزراعة، والتى كانت تصل إلى ٦٠٪ من إجمالى عدد النساء العاملات عام ١٩٩٠، والتى تراجعت إلى ٢١.٦٪ من إجمالى عدد النساء العاملات فى ٢٠١٨، ويعود ذلك إلى تراجع حصة الزراعة من ٢٩٪ من الناتج المحلى الإجمالى منتصف سبعينيات القرن الماضى، إلى أقل من ١١٪ فى عام ٢٠١٩ وفقا لأرقام البنك الدولى، بالإضافة إلى تطور تكنولوجيا الزراعة مما قلل الطلب على اليد العاملة.
وأضافت الدراسة أن تقليل دور القطاع الحكومى فى الاقتصاد، وأهداف البرنامج فى زيادة تخفيض حجم عمالة الحكومة مع عدم وجود قطاع خاص حيوى يقدم الحماية الاجتماعية، ساهم أيضا فى عدم قدرة النساء على إيجاد فرص عمل مناسبة.
ورأت الدراسة أن إجراء الحماية الاجتماعية الثانى، الخاص بالتحويلات النقدية، لم يعزز شبكة الأمان الاجتماعى نظراً لزيادة معدلات الفقر، وانخفاض الإنفاق على الصحة والتعليم.
وقالت إن الشروط الأساسية لبرنامج الإصلاح، وهى تعويم الجنيه وزيادة أسعار الطاقة (البنزين والكهرباء) ورفع ضريبة القيمة المضافة من ١٠ إلى ١٤٪، أدت لزيادة معدلات التضخم إلى ٣٢٪ فى عام ٢٠١٧ بشكل تجاوز توقعات صندوق النقد نفسه البالغة ١٦.٦٪، وهو ما كان له التأثير الأكبر على معيشة محدودى الدخل.
ولفتت الدراسة إلى أن هناك أدلة تثبت أن الأسر محدودة الدخل عانت من معدلات تضخم أعلى من المعدلات الرسمية، وأدى ذلك إلى تآكل شديد فى القوى الشرائية، ما نتج عنه ارتفاع معدلات الفقر الرسمية بشكل كبير من ٢٧.٨٪ خلال العام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦ قبل تنفيذ البرنامج، إلى ٣٢.٥٪ خلال العام المالى ٢٠١٧/٢٠١٨.
وأشارت إلى أنه على الرغم من حدوث انخفاض طفيف فى تلك المعدلات إلى ٢٩.٧٪ فى العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩، إلا أنها لا تزال أعلى من مستويات ما قبل البرنامج، والتى وصلت أعلى معدلاتها إلى ١٦.٧٪ فى عام ١٩٩٩، ما يعنى أن برنامج الإصلاح رفع معدلات الفقر بنسبة ١.٩٪.
وقالت الدراسة إنه لاحتواء الضغوط الناتجة عن التضخم، قدم صندوق النقد مشورة إلى البنك المركزى لتشديد السياسة النقدية، وهى التى أدت إلى ارتفاع حاد فى خدمة الدين الحكومى، وتخفيض الأموال المتاحة للبرامج الاجتماعية، والإنفاق على الصحة والتعليم.
وأوضحت أن رفع الدعم فاق الزيادة فى الإنفاق الاجتماعى، وتم تطبيقه بشكل تنازلى بحت، حيث تحملت الشرائح العليا النسب الأقل فى زيادة أسعار الطاقة، لافتة إلى انخفاض النفقات الاجتماعية الأخرى التى كان من المفترض أن تستفيد من رفع الدعم بشكل حاد غير مسبوق، حيث تراجع الإنفاق على الصحة من ١.٨١٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦، إلى ١.١٦٪ فى العام المالى ٢٠١٩/٢٠٢٠.
وبالمثل تراجع الإنفاق على التعليم من ٤٪ إلى ٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى ٢٠١٩/٢٠٢٠.
وبالنسبة للإجراء الثالث للحماية الاجتماعية، أشارت الدراسة إلى أن الأمر انتهى لاختيار الحكومة لفرض رسوم ثابتة (ضريبة الدمغة) على معاملات البورصة، ما أدى لتوفير مبالغ ضئيلة لخزينة الدولة، بلغت فى السنة الأولى ٧٠٠ مليون جنيه فى عام ٢٠١٧، تمثل ٠.١٪ من إجمالى الإيرادات الضريبية، وهى نفس القيمة أو أقل فى عام ٢٠١٨ و٢٠١٩، وبذلك يصل إجمالى عائد هذة الضريبة ٢.١ مليار جنيه فى ٣ أعوام، فى حين كانت تتراوح حصيلة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة بين ٨ و١٠ مليارات جنيه فى العام الواحد.
وفى حين ارتفعت حصة الضرائب الاستهلاكية للسلع والخدمات، والتى تتكون بشكل أساسى من ضريبة القيمة المضافة، من ٤٠٪ قبل بدء البرنامج فى العام المالى ٢٠١٥/٢٠١٦، إلى ٤٧.٦٪ فى العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩.