سيد عبد العال رئيس حزب التجمع لـ«الفجر»: القيود على الحريات خطر على سلامة الوطن

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



الحفاظ على «الوفد» و«الناصرى» ضرورى ومساندتهما واجب وطنى

الرئيس يرغب فى تطوير الحياة السياسية وجماعات المصالح تعرقله

نساعد الدولة فى التطور الرأسمالى والانفتاح على العالم وجذب الاستثمارات

يدرك المتابع للشأن السياسى أن الحياة السياسية فى مصر تمر بحالة من الكساد وفى القلب منها أحزاب اليسار، ورغم ذلك لايزال منها من يحاول الصمود وعلى رأسها حزب التجمع، الذى يمتد عمره لنحو ٤٥ سنة، حيث تأسس عام ١٩٧٦، فى إطار سعى «الفجر» لمعرفة ملامح الحياة السياسية ومستقبلها، تحدثنا مع سيد عبد العال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ حول إشكالية مستقبل الحياة الحزبية.

1- الوضع الحزبى

فى البداية أكد «عبد العال» أن الحياة السياسية فى مصر وجودها لا يقترن بعدد الاحزاب سواء كان قليلا أو كثيرا، وأن يكون عدد الأحزاب فى مصر أكثر من مائة حزب ليس مزعجا إنما المزعج أن تكون هذه الأحزاب ليس لديها القدرة على النمو، أو تمايز فى رؤية كل حزب على الآخرين حيث يمكن التعرف عليه من خلالها سواء كانت رؤية ليبرالية أو اشتراكية، ومن الخطأ الذى يحدث فى مصر أن هناك أحزابًا تتحدث كأنها حزب لكل الشعب المصرى ومن غير المعقول أن يكون هناك حزب لكل الشعب المصرى لأن المصالح الاجتماعية باختلاف الطبقات بين الناس وبعضها متعارضة، لكن من الممكن أن يقول الحزب إن من أولوياتى الدفاع عن قوى اجتماعية بعينها.

أضاف أن إمكانية النمو موجودة لدى الأحزاب لأننا لا نستطيع التحدث عن قوة أى حزب إلا وهى منسوبة للمناخ الذى نعمل به والذى تتحرك فيه الأحزاب فكلما تزيد الحريات كلما تستطيع الأحزاب أن تتحرك وتضم عضويات جديدة لها وتنفتح على فئات أكثر من طبقات الشعب المصرى وتصل لهم وأهم شىء أن الدولة تصبح راغبة فى تقوية الحياة الحزبية وهنا نستطيع أن نحكم، إضافة إلى أن القوانين نفسها كقانون الأحزاب تحتاج تعديلاً كى تستطيع الأحزاب أن تصبح حرة فى تنظيم موارد مالية لنفسها، والأحزاب بما أنها جزء من النظام يجب أن يكون لها نصيب فى الإعلام فأحيانا مقدم البرامج يرى نفسه بديلا للأحزاب، وكل هذه المشاكل الحزبية لها علاقة بالظرف السياسى الذى تعيشه مصر.

2- رغبة سياسية

وعن رغبة الدولة فى تطوير الحياة الحزبية والسياسية، قال «عبد العال» إن الدولة ممثلة فى شخص الرئيس عبد الفتاح السيسى ترغب فى ذلك، حيث يأمل أن يكون فى مصر تعددية سياسية حقيقية تعكس نفسها فى الحياة الحزبية، لكن ليس كل ما يريده الرئيس يتحقق، فهناك جهاز إدارى وحكومة ومجموعات مصالح فالدولة من الناحية النظرية مع ذلك ولكنها عمليا لا تقدم ما يدلل على هذا.

يدلل عبد العال على كلامه بأن بعض القوانين المصرية تشترط على المسئول الحكومى ألا يكون عضوا فى أى حزب وهذا يعطى رسالة سلبية للشباب بعدم الانضمام للأحزاب طبقا لنص القانون فالصياغات القانونية التى تتحدث عن تولى المسئوليات فى الدولة قائمة على اللا حزبية ففى الحكومة الحالية لا يوجد أى مسئول منتمى لحزب سياسى بما فيهم مستقبل وطن، ما يؤكد أن الأحزاب أصلا مستبعدة من المسئوليات الإدارية والحكومية، كما أن الدولة تريد أن تقوى الحياة الحزبية ولكنها لا تمارس هذا بجدية ومثال على هذا أن جريدتى الوفد والأهالى متعثرتان بشدة ومديونتان ومهددين بالتوقف والدولة لا تهتم بذلك وتعتبره مشروعًا تجاريًا يخص الحزب وهكذا مع أنهم جزء من منظومة الإعلام بالدولة وليس معاديا ويرجع كل هذا إلى التناقض بين ما يريده الرئيس وبين القائمين على التنفيذ الذين يرون الأمور فى حدودهم فقط.

وعن التصريحات السابقة للرئيس عن اندماج الأحزاب، قال إن الرئيس تحدث عن أن الأحزاب المتشابهة تستطيع أن يكون لها برنامج واحد وإذا لم تندمج تكون تكتلاً خاصًا بها وهذا ما يقصده الرئيس بأن يكون أمامه تيار ليبرالى متكتل يسارى أو تيار وسط إنما نظرا لوجود ١٠٤ أحزاب تضطر الحكومة أن تتعامل مع ١٠أو ١٢ حزبًا وهناك أمور مدهشة فى الحياة الحزبية المصرية ففى برلمان ٢٠١٥ يدخل حزب المصريين الأحرار بـ ٦٥ نائبًا، ويخفقوا فى البرلمان الذى يليه وهذا حدث لأنه ليس هناك «ابن الحزب» فهناك تجميعة حزبية انتخابية داخل الحزب وهذا ما يعنيه الرئيس لحل إشكالية الأعداد الكبيرة من الأحزاب، ولكى يتم هذا يجب أن تساعد الحكومة بأن تفتح الطريق أمام الأحزاب فى أن تنمو وعلى الأقل تزيل العقبات القانونية من بينها أنه ممنوع وفقا للقانون على الأحزاب أن تشارك فى أى أنشطة اقتصادية إلا إذا كان مرتبطًا بنشاط الحزب كإصدار جريدة أو دار نشر أو قناة تليفزيونية وهذا كله يحتاج إلى موافقات وأموال ليكون أسير الأثرياء فى الحزب ويصبح بذلك لهم الرأى فيمن يشارك فى الحزب أم لا لأنهم من ينفقون على الحزب ويصبح الحزب عبارة عن تجميعة من أصحاب المال وليس أصحاب الاتجاه الفكرى.

3- الإعلام والأحزاب كرتونية

قلت لعبد العال إن الغالبية العظمى ترى أن التجمع حزب كرتونى لم يقدم شيئًا على أرض الواقع، فقال إن تعبير الأحزاب الكرتونية روجه الإعلام منذ أيام مبارك ومازال متعايشًا معنا، وهذا يعنى أن هناك اتجاهًا مضادًا للأحزاب، لكن فيما يتعلق بحزب التجمع فنحن أمام معضلة صعبة وهى أنه لأول مرة فى تاريخ الحزب نؤيد ونساند النظام وفى نفس الوقت نضع أعيننا على الطبقات والفئات الشعبية التى أسسنا الحزب للدفاع عن مصالحها، وهذا الأمر يجعلنا فى كل لحظة ندرس ونتأمل مفردات الواقع الموجود فى مصر كى نعرف سنعارض الحكومة فى ماذا وسنساندها فى ماذا فى إطار أننا نرى أن نظام الحكم فى مصر يجمعنا به وحدة واحدة وفى نفس الوقت هناك بيننا داخل هذه الوحدة خلاف للسلطة معنا ولنا خلاف معها داخل هذه البنية السياسية الموجودة فى المجتمع، وهنا تكمن الصعوبة فعندما تناقش الموازنة العامة للدولة أجد أننى منحاز للأغنياء من وجهة نظر حزب التجمع وفى نفس الوقت أؤيد الرئيس فأرفض الموازنة وأقدم بدائل للطريقة التى تعد بها الموازنة المنحازة للأغنياء وأوضح كيف تنحاز داخل البرلمان، وفى المقابل لن تجد أى تواجد لحزب التجمع ومواقفه فى الإعلام، فمثلا لا يوجد برنامج توك شو أو مذيع أو صحفى تواصل معنا لسؤالنا حول سبب رفض الموازنة فكلهم معنيين بالموقف الرسمى باعتباره الأكثر رواجا فالناس تسمعه أكثر ويمكن أن يكون خوفا على الدولة بأن لا نظهر أن هناك خلافات ولكن أيا كانت أسبابهم هذا ما يحدث.

يحمل عبد العال الإعلام المسئولية عن عدم توصيل رسالة الحزب ومواقفه للمواطن «ليس مطلوبا من حزب التجمع أن يتواصل مع كل شخص لكن المطلوب من الدولة أن تقدم حزب التجمع للناس بمفهومه ورؤيته من خلال الإعلام والصحف والندوات المشتركة مع الناس ولكن الحكومة لم تفعل ذلك، فكيف نقابل شباب مصر والجامعة ممنوع بها العمل السياسى وفقا للقانون ومراكز الشباب وقصور الثقافة أيضا ممنوع فأين الحزب من هذا «فهذه القيود خطر على سلامة الوطن والحياة الحزبية والسياسية لأن هذه القيود لا تمنع خصوم الوطن وأعدائه أن يعملوا وإنما تمنع من يحترم القانون ولأنى أحترم القوانين غير متواجد بالشارع أما قوى الثورة المضادة وهم الإخوان والجماعات الإرهابية يعملون لأنهم غير ملتزمين بقانون الدولة.

وعن عدد الأعضاء أعضاء ومقرات التجمع، قال إن المقرات تزيد على ٨٠ مقرًا على مستوى الجمهورية وعدد الأعضاء تصل نحو ٥٧ ألف عضو منهم نحو ٨ آلاف عضوية نشطة تمارس نشاطات بأسم الحزب.

4- انقسام اليسار

سألته وضع حزب التجمع أفضل الآن أم سابقا قبل انفصال بعض قياداته وتأسيس أحزاب أخرى كالحزب الناصرى؟، قال «فى الفترة السابقة عندما كان أغلب اليسار داخل حزب التجمع لم يكن هناك إمكانية لإنشاء أحزاب أخرى، وعندما جاءت الفرصة استطاع الناصريون إنشاء حزب لهم وبعض الاشتراكيين الذين رأوا أنهم ممكن أن يكونوا على يسار الحزب أنشأوا حزبا لهم، وأرى أن هذا يقوى الحزب لأننا غير مفروضين على بعضنا ولكننا يمكن أن نتعاون إذا كان هناك مجال للتعاون لكن بعض حلفائنا اليساريين والليبراليين اختلفنا معهم فى ٣٠ يونيو بعضهم رأى أنها انقلاب ونحن نرى أنها ثورة مكتملة الأركان وفى الجانب الاجتماعى نرى أننا فى مرحلة الحفاظ على سلامة الدولة ووحدة مؤسساتها وسلامة الشعب وليس مرحلة الانتقال للاشتراكية، والمطالب الاجتماعية الجذرية للطبقات الشعبية والطبقة الوسطى التى ندافع عنها وبالتالى نقدم تنازلات فى الجانب الاقتصادى والاجتماعى بل نساعد الدولة والحكومة فى التطور الرأسمالى نفسه والانفتاح على العالم وجذب الاستثمارات ونهوض الاقتصاد المصرى باعتبار أن هذه المسائل مرتبطة بالمستقبل ونتمنى أن ننجز هذه الأهداف فى القريب العاجل كى نفتح الطريق أمام مصر من دولة تدير صراعًا ضد التخلف والرأسمالية الطفيلية إلى دولة متقدمة بشعب يحمل ثقافة حضارية للمستقبل ودولة ديمقراطية حديثة باقتصاد متنوع قادر على إشباع الاحتياجات الاقتصادية.

وعن إمكانية توافق اليسار تحت مظلة واحدة، قال إنه ممكن حال إذا انفتح المجال أمام العمل السياسى والحزبى بعد أن نحسم كوطن وكمواطن ودولة وشعب الصراع مع القوى المعادية التى تتربص لمصر، فالإشكالية هنا فى أننا ندرك جيدا أن مصر واجهت خطرا فى ٣٠ يونيو وانتصرت فى لحظة الثورة فى إسقاط جماعة الإخوان الإرهابية لكن هذا الخطر لا يزال قائمًا ومدعومًا إقليميا ودوليا، والجانب الاجتماعى والاقتصادى الخاص بنا كيسار هذا هو الخلاف المؤجل حتى نحسم الصراع وأرى كحزب تجمع أنه يجب أن أضغط لحين تحسين أوضاع الناس ولكن برنامجى الاشتراكى غير مطروح الآن بالعكس أريد أن تكبر الرأسمالية وتنمو وتستطيع مواجهة الاحتكارات الخارجية وتفتح أسواقها لنفسها وتصدر وتفتح فرص عمل للتشغيل وهذا يقوى الدولة ضد تحالف الفساد من الإخوان مع الثقافة الرجعية المتخلفة ولا زال الكثير من الأنشطة الطفيلية موجودة على السطح لذلك نريد أن نحسم هذا ونساند الدولة فى أن تكسب هذه المعركة.

5- مستقبل الأحزاب العريقة

الأحزاب العريقة هو المصطلح الذى يطلق على أحزاب التجمع والوفد والناصرى، وهى أكثر الأحزاب التى مرت بعدد من الأزمات على مدار تاريخها لكن هل من الممكن أن تصمد مستقبلا، من وجهة نظر رئيس حزب التجمع فإن الحزب الذى لا يملك الأدوات التى يجدد بها فكره ويسلح بها عضويته سيتآكل ويندثر، الحزب ممكن ينشأ على أساس فكرى، لكن بعد تأسيسه أصبح حزبًا سياسيًا له برنامجه، وحزب الوفد والناصرى ممهمان كاتجاه فكرى ليبرالى وقومى والحفاظ عليهما ضرورة وواجب وطنى، ولا يمكن لسياسى عاقل فى مصر أن يسعد بأى عراقيل تمر بها هذه الأحزاب، لأن هذا سيأكل من الحياة الحزبية فى مصر، حتى حزب الأغلبية سواء كان الوطنى قبل ذلك أو مستقبل وطن الآن، سيعطى نشاطه زخمًا للحياة السياسية ويشجع الأحزاب الأخرى على الدخول فى منافسة على العطاء واقتراح حلول للمشاكل التى تواجه الوطن، أرى أنه ليست مشكلة أن يختفى حزب سياسى لكن من الصعب اختفاء تيار سياسى كامل.