في الذكرى الثامنة لـ30 يونيو.. كيف كسر المصريون شوكة الإرهاب؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تحل اليوم علينا الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو، تلك الثورة التي لم تقم ضد ظلم أو فساد فحسب، وإنما قامت لكسر شوكة الإرهاب، المتمثل في حكم جماعة الإخوان، الجاثم على صدور المصريين، ممن أبوا إلا الخلاص من ذلك الحكم الدموي إلى غير رجعة، وأن يطووا تلك الصفحة السوداء من تاريخ مصر العظيم.

فعلى الرغم من قصر الفترة التي قضتها تلك جماعة الإخوان في حكم مصر، إلا أنها كانت مليئة بالأحداث الفوضوية، والعنف غير المبرر في مواجهة المصريين الرافضين لتدخلات تلك الجماعة في شئون الحكم بشكل فج، حتى باتت مصر تدار من مكتب الإرشاد، دون مؤسسة الرئاسة، التي لم تكن سوى ستار تتخفي خلفه قيادات الجماعة ومرشدها العام، لتحقيق أطماعهم، ولإحكام قبضتهم وسيطرتهم على كل مفاصل الدولة، فيما عرف باسم مخطط أخونة الدولة المصرية، لضمان ولاء الجميع لهم ولحكمهم، وبالتالي تسهل مهمتهم في البقاء في الحكم أبد الآبدين، وفي تحقيق أطماعهم وتنفيذ مخططاتهم الدنيئة.

لكن وعلى عكس ما خططت له الجماعة، كان الشعب المصري على درجة كبيرة من الوعي والإلمام بما يدور حوله، وما يحاك لمصر من مخططات تستهدف إضعافها، فجاء الرفض الشعبي القاطع لحكم الإخوان، وانطلقت المظاهرات في كل ربوع مصر للمطالبة برحيل النظام الإخواني، وتقديم رموزه وقياداته لمحاكمات عادلة بتهمة الإرهاب، الذي اتخذ أشكالا عديدة.

ميليشيات الإخوان والتنكيل بمعارضيهم:

فتارة تنكل جماعة الإخوان بمعارضيها، إما بالاعتداء عليهم، بالضرب والقتل، وإما بالاعتداء على ممتلكاتهم، حتى وصل الأمر إلى قيام عناصرها بحرق سيارات ومبانٍ مملوكة لعدد من الرموز المعارضة لحكمهم في عدد من المحافظات، وتارة أخرى بنشر الميليشيات المسلحة في شوارع مصر لوأد كل التحركات الشعبية المنادية برحيل النظام الإخواني، في واحدة من أهم فصول الإرهاب الذي مارسته جماعة الإخوان ضد المصريين، حيث كانت تلك الميليشيات الإرهابية أحد أهم أسلحة الجماعة لمقاومة المصريين ومحاولة كسر إرادتهم، وبالتالي البقاء في سدة الحكم، لكن وعلى عكس ما تريده الجماعة الإرهابية، استطاع المصريون الصمود في مواجهة الميليشيات المسلحة، لا يهابون أسلحتهم، رغم ما تكبدوه من خسائر في الأرواح، إذ توالى سقوط الشهداء في كل يوم، حتى باتت أيادي الإخوان وميليشياتهم ملطخة بدماء المصريين، وهو ما أشعل نيران الغضب أكثر وأكثر، وألهب حماسة الشعب لاستكمال ما بدأه حتى زوال الحكم الإرهابي.

مذبحة رفح الأولى:

وهكذا طيلة حكم جماعة الإخوان، كانت الدماء تسيل في كل ربوع مصر، بفعل الممارسات الإرهابية، حتى إنه وبعد تولي محمد مرسى رئاسة الجمهورية، بنحو شهر ونصف الشهر، وتحديدا في يوم 5 أغسطس 2012، وقعت مذبحة رفح الأولى، إذ استهدف هجوم إرهابي مسلح عددا من الجنود المصريين، بمنطقة الماسورة، في رفح، مما أدى إلى استشهاد 16 جنديا، وضابط، إلى جانب إصابة 7 آخرين.

مذبحة رفح الثانية:

ومع استمرار المصريين في ثورتهم، التي كللت بالخلاص من حكم الإخوان، خرج عدد من يادات الجماعة الإرهابية، بتصريحات وثقتها الكاميرات، أكدوا خلالها أن العمليات الإرهابية ستستمر لن تتوقف إلا بشرط واحد، وهو عودة مرسى إلى حكم مصر.

وبالفعل، استمرت تلك العمليات الإرهابية ضد المدنيين والعسكريين، والتى كان في مقدمتها مجزرة رفح الثانية، التي وقعت بعد نحو شهر ونصف الشهر من الإطاحة بحكم الإخوان، وتحديدا في يوم 19 أغسطس 2013، مما أسفر عن استشهاد 25 جنديا، وإصابة 2 آخرين.

اعتصام رابعة المسلح:

لم تتوقف قيادات جماعة الإخوان عند هذا الحد، وإنما قاموا بتنظيم اعتصام مسلح، عرف باسم "اعتصام رابعة"، سيطروا خلاله على أحد أهم ميادين القاهرة، فنصبوا الخيام، وأغلقوا الشوارع، وكان الاعتصام بمثابة محاولة فاشلة للعودة إلى الحكم، ولإثناء الشعب وجيشه عما قاموا به من تحركات انتهت بالخلاص من حكمهم الدموي، وأنهت تلك الفترة المريرة من التاريخ المصري.

وخلال الاعتصام، كانت قيادات الجماعة تحاول قدر استطاعتها استقطاب الشباب وتجنيدهم، للدفاع عن مقر الاعتصام، وانتقاء بعض العناصر لتتولى مهمة تنفيذ العمليات الإرهابية، التي كانت تستهدف عددا من الرموز الوطنية، إلى جانب استهداف المدنيين والعسكريين من أفراد الجيش والشرطة.

اقتحام أقسام الشرطة:

على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها السلطات المصرية، ومناشدة المشاركين في اعتصام رابعة، والنهضة بالخروج الآمن، إلا أنه وبفعل سموم قيادات الاعتصام التي كانوا يبثونها على مسامعهم وأفكارهم طوال الوقت، رفضوا الخروج من الاعتصام، وهو ما تدخلت على إثره قوات الشرطة، لفض الاعتصام بطرق سلمية بعيدة كل البعد عن العنف، غير أن قيادات الاعتصام بادروا بإطلاق النار على قوات الشرطة، في محاولة لمنعهم من القيام بفض الاعتصام المسلح، وسقط على إثر ذلك عدد من الشهداء.

وعندما بدأ فض اعتصامي رابعة والنهضة في يوم 14 أغسطس 2013، انطلقت إشارة الإخوان لارتكاب أعمال الشغب والعنف بمختلف محافظات مصر، حيث خرج أنصار الجماعة الإرهابية وعناصرها لاقتحام وحرق أقسام الشرطة والمنشآت الحكومية والعامة، وكان من بين المشاهد الأكثر عنفا ودموية، مذبحة كرداسة، التى حاصر خلالها الإخوان قسم شرطة كرداسة واستعانوا بالأسلحة النارية والآر بي جي لاقتحام القسم، ومن ثم قامت العناصر الإرهابية بالتمثيل بجثث شهداء الشرطة.

استشهاد النائب العام:

وتتالت العمليات الإرهابية التي نفذتها جماعة الإخوان، لنشر الفوضى والعنف في مصر، ولإرهاب المصريين، حتى إنها في يوم 29 يونيو من عام 2015، بالتزامن مع الذكرى الثانية لثورة 30 يونيو، نفذ عدد من العناصر الإرهابية عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، من خلال استهداف موكبه وتفجيره أثناء ذهابه إلى عمله.

واستشهد النائب العام في حادث تفجير سيارة مفخخة، استهدف موكبه عقب خروجه من منزله بأحد الشوارع المتفرعة من شارع عمار بن ياسر بمصر الجديدة، وقد أسفر الانفجار عن إصابة 9 أشخاص بينهم مدني وضابط شرطة ورقيب من حراس النائب العام، كما تسبب في إحداث تلفيات بالسيارات والمنازل والمحال التجارية المحيطة بموقع الانفجار.

ولم تكن مصر لتدع هذا الحادث يمر مرور الكرام، حتى إنه في يوم 6 مارس 2016، أعلن وزير الداخلية آنذاك اللواء مجدى عبد الغفار، القبض على قتلة الشهيد هشام بركات، مؤكدا أن جماعة الإخوان وراء تنفيذ الحادث الإرهابى، وشاركها في التخطيط أفراد من حركة حماس بقطاع غزة.

مكافحة الإرهاب:

وعلى الرغم من كل تلك التحديات الأمنية، استطاعت مصر وشعبها عبور واحدة من أكثر فترات التاريخ المصري عنفا ودموية، حتى حقق المصريون - ولم يزالوا - نجاحات عظيمة في دحر الإرهاب، من خلال ضربات استباقية تستهدف أوكار الإرهاب، في كل ربوع مصر، جنبا إلى جنب مع تحركات الدولة المصرية للبناء والتنمية، إيمانا منها بأن التنمية تعد أحد أهم الأسلحة المستخدمة في دحر الإرهاب وكسر شوكته.