عادل حمودة يكتب: ‮«‬فزورة‮»‬‭ ‬الظواهرى

مقالات الرأي




٢٠١٤ مصر‭ ‬ستواجه‭ ‬عجزًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بسبب‭ ‬السد‭ ‬الإثيوبى

٢٠٢١ هذه‭ ‬مبالغات‭ ‬والضرر‭ ‬يمكن‭ ‬تخفيفه‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬إثيوبيا


أنكر أن ٧٢٪ من الأراضى الزراعية ستبور رغم تأكيده أن كل فدان تكسبه إثيوبيا تخسر مصر مثله

يدعونا إلى التفاوض للتقليل من الأضرار وكأننا نرفض مبدأ التفاوض من الأساس

أصبح الدكتور علاء الظواهرى نجما شعبيا نعرف تاريخه ونحفظ صورته ونترقب تصريحاته.

هو أستاذ هندسة السدود فى جامعة القاهرة وعضو لجنة مفاوضات السد الإثيوبى وأهم خبرائها فنيا.

باختصار رجل يعرف الحقيقة بدقة وننتظرها منه فى ثقة.

لكن لا نعرف أيهما نصدق: الدكتور علاء الظواهرى فى يوم الأحد ٢ مارس ٢٠١٤ أم الدكتور علاء الظواهرى فى يوم الاثنين ٧ يونيو ٢٠٢١؟.

فى يوم الأحد ٢ مارس ٢٠١٤ تحدث إلى هبة رشوان فى المصرى اليوم محذرا من الأضرار الكارثية للسد الإثيوبى فى حال جاء فيضان النيل منخفضا فى السنوات الأولى للملء قائلا:

ستحتجز الحكومة الإثيوبية ٧٤ مليار متر مكعب من مياه النيل بارتفاع ١٤٥ مترا بالإضافة إلى ٢٤ مليار متر مكعب من المياه ستتسرب إلى التربة المحيطة بمنطقة السد إذن نحن نتحدث عما يقرب من ١٠٠ مليار متر مكعب ستقتطع من مياه النهر خلال ٦ سنوات.

فى أولى سنوات الملء سيخصم من بحيرة ناصر ١٦ مليار متر مكعب وعلى مدار ٤ سنوات ستكون مياه البحيرة قد نضبت تماما فى حال المنسوب المتوسط لفيضان نهر النيل.

فى أول سنتين سيصل مستوى البحيرة إلى أقل من النصف ما سيؤثر على إنتاج الكهرباء بنسبة عجز تبلغ ١٥ ٪ تقريبا من إنتاج الكهرباء فى العام الأول وفى العام التالى سيبلغ العجز ٤٥ ٪ تقريبا وثالث عام ٦٥ ٪ وفى الرابع ٨٥ ٪ وفى العامين الخامس والسادس ستتوقف التوربينات تماما عن توليد الكهرباء.

ستحتاج مصر إلى فترة تقدر بين ١٠ و١٥ سنة بعد سنوات الملء الست ليعود مخزون بحيرة ناصر الاستراتيجى إلى ٧٠ مليار متر مكعب.

ستواجه مصر عجزا دائما فى جميع مناحى الحياة لمدة ٦ سنوات بنسب متفاوتة.

وبسبب قلة كميات المياه فى المجرى المائى سترتفع نسبة التلوث إلى أعلى معدلاتها فى النيل إلى جانب زحف المياه الجوفية المالحة على الدلتا واختلاطها بالمياه العذبة بسبب انحسارها إضافة إلى نفوق الماشية.

هذا فى حالة الفيضان المتوسط أما إذا جاء الفيضان منخفضا فستفرغ بحيرة ناصر فى أول عامين من سنوات الملء.

لن تعطش مصر فى الغالب لأن الجزء الذى نستخدمه فى مياه الشرب لا يتعدى ٩ مليارات متر مكعب مقابل ٦٣ مليار متر مكعب فى الزراعة لكن ستواجهنا مشكلات فنية فكمية المياه التى تطلق فى النيل ستقل ما سيحدث خللا فى مآخذ المياه التابعة لمحطات التحلية على النيل بحيث ستحتاج تطويرا وإمدادات هندسية لتتمكن من رفع المياه من منسوب منخفض وذلك سيشكل تكلفة مالية باهظة على الدولة تصل إلى مئات المليارات من الدولارات.

هذه فاتورة خسائر السد الإثيوبى التى على مصر تحملها وسدادها حسب تقديرات الدكتور علاء الظواهرى قبل سبع سنوات ما جعله يطالب بتحرك دولى لتجنبها أو للتقليل منها.

ولكن فى يوم الاثنين ٧ يونيو ٢٠٢١ نشرت الصحيفة نفسها تقريرا كتبه بسام رمضان لخص فيه تصريحات الدكتور علاء الظواهرى لبرنامج أحمد موسى «على مسئوليتى» بدت متناقضة تماما عما سبق أن أعلنه.

قال الدكتور علاء الظواهرى: كل الأرقام المتداولة عن سد إثيوبيا غير صحيحة.

لكن السؤال الذى لم يطرح عليه: هل هناك مبالغات فى تقديرات خسائرنا بسبب السد أكثر من التى أعلنتها من قبل؟.

والسؤال الأهم: ألا تكفى تقديراتك السابقة عما سنتحمله لكى ننزعج؟.

وعلى شبكة الجزيرة كرر الدكتور علاء الظواهرى رفضه للمبالغات التى يخرج بها علينا شخصيات غيره ليست مؤهلة ولا تملك ما يملك من معلومات.

أنكر أن ٧٢ ٪ من الأراضى الزراعية ستبور بعد أن ذكر أن كل فدان تكسبه إثيوبيا تخسر مثله مصر.

وأنكر أن حجم الخسائر سيصل إلى ٥٠ مليار دولار بعد أن ذكر أن التلوث سيزيد فى النهر والملوحة ستزيد من بوار أراضى الدلتا إلى جانب بوار أراضٍ أخرى بسبب نقص المياه التى تحتاجها الزراعة وتصل إلى ٦٣ مليار متر مكعب إضافة إلى حاجة محطات تنقية المياه إلى مليارات الدولارات لرفع المياه منخفضة المستوى فى النيل بسبب السد.

ولكنه عاد وتحدث عن مزيد من الخسائر التى نتحملها لو حدث جفاف وهو أمر يصعب التنبؤ به ولكن يجب وضعه فى الحسبان حتى لا نفاجأ به.

أو لو قررت إثيوبيا استخدام المياه فى الزراعة والحقيقة أنها قررت بالفعل زراعة مليونى فدان إضافة إلى أنها وافقت على عروض من حكومات أجنبية بزراعة ملايين أخرى من الأفدنة إضافة إلى الملايين المستأجرة حاليا لزراعة قصب السكر والذرة المنتجة للوقود الحيوى ومحاصيل أخرى مستهلكة للمياه الكثيفة.

أو لو اكتفت إثيوبيا بالسد الحالى فقط وهو أمر نفته علنا مؤكدة أنها ستبنى ثلاثة سدود أخرى من الحجم نفسه إلى جانب عشرات السدود الصغيرة.

ولكى يهدئ الدكتور علاء الظواهرى من فزعنا يدعو إلى التفاوض للتقليل من الأضرار وكأننا نرفض التفاوض أو كأن مفاوضات عشر سنوات جاءت بنتيجة واحدة مرضية.

إن المشكلة ليست فى الملء الثانى للسد بل ليست فى السد نفسه ولكن المشكلة فى تجاوز القانون الدولى المنظم للأنهار متعددة الجنسيات وفى عدم احترام الاتفاقيات التاريخية التى تمنع إثيوبيا من بناء سدود على النهر بل تمنعها من بناء كشك على النهر إلا بالاتفاق مع دولتى المصب.

ودون احترام تلك الاتفاقيات أو التوقيع على اتفاقيات مماثلة ستعتبر إثيوبيا المياه ملكا خالصا لها تتصرف فيها كما تشاء فى حالة غير مسبوقة من البلطجة.

بل أكثر من ذلك أوحت الخارجية الإثيوبية بأن مصر ومن معها دول معادية لبلادها.

ومؤخرا غيرت واشنطن موقفها من السد لسبب آخر غير علاقتها بمصر هو أنها ترفض اندفاع إثيوبيا القوى ناحية الصين التى تعد أكبر شريك تجارى لها كما أن الصين قدمت قروضا إليها تصل إلى ١٦ مليار دولار ساهم بعضها فى بناء السد كما أنها مولت خط سكك حديدية يربط إثيوبيا (غير الساحلية) بالموانئ فى جيبوتى المجاورة.

فى الوقت نفسه وصف الجنرال كينيث مكينزى قائد القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم) سلوك إثيوبيا تجاه سدها بأنه يثير قلق واشنطن ووصف الموقف المصرى من أزمة السد بأنه يتمتع بقدر هائل من ضبط النفس وتعهد باستئناف السعى إلى حل مقبول من الدول الثلاث.

وضبط النفس الذى تمارسه مصر يعنى أنها قادرة بحكم الحقائق العسكرية على اللجوء إلى الحرب ولكنها تعتبره خيارا أخيرا لتداعياته السياسية والاستراتيجية ليس فى القرن الإفريقى فقط وإنما فى الشرق الأوسط أيضا.

مرة أخرى ليست المشكلة فى سد النهضة وإنما فى انفراد إثيوبيا وحدها بالنهر مسيطرة عليه ومتحكمة فيه وكأنه ملكها وحدها.

ولو مرت الأزمة الحالية دون أن تقف عند حدها فإنها ستتجاوز كل الحدود.

هنا نريد أن نعرف القول الفصل من الدكتور علاء الظواهرى الذى نثق فى علمه وخبرته والمعلومات الدقيقة التى لا يعرفها سواه ممن يتحدثون دون اطلاع عليها.

قل لنا يا دكتور من أول السطر:

هل أزمة النيل فى مصر تقتصر على السد الإثيوبى؟.

هل ستكتفى إثيوبيا به وحده؟.

هل ستكتفى بتوليد الكهرباء فقط؟ أم ستستخدم المياه فى زراعة ملايين الأفدنة الأخرى أو ستؤجرها إلى حكومات وشركات أجنبية؟.

هل تثق بعد عشر سنوات من المفاوضات غير المجدية نفد فيها مخزون الصبر المصرى بأن التعاون مع إثيوبيا سيقلل من حجم الأضرار التى ستلحق بنا؟.

ما الكلمة الأخيرة فى تقدير هذه الأضرار؟.

إن العد التنازلى بدأ وعندما ينشر هذا المقال لن يكون العد التنازلى بالأيام بل بالساعات فهل ننتظر الإجابة عاجلا أم نتوقعها مع الملء الثانى للسد الرابع؟.