قواعد اللغة الجنسية فى قانون الاغتصاب الزوجى

بوابة الفجر



تحقيق خاص يكشف الفاعل والمفعول به فى بيوت الزوجية  

شهادات حقيقية وآراء الدين والمنظمات النسوية وحقوق الإنسان

زوج منى تسبب لها فى نزيف بالرحم ودنيا توفيت بعد إصابتها بالإيدز.. حقوقيات يطالبن بقانون يمنع الاغتصاب الزوجى

«الاغتصاب الزوجى» مصطلح تردد كثيرا خلال الفترة الأخيرة بين مطالبات بتجريمه واستنكار لمفهومه من الأساس، حيث تعانى العديد من الزوجات من العنف الزوجى الذى قد يصل للتحرش والاغتصاب، رغم أن العلاقة الزوجية لها قدسيتها القائمة على المودة والرحمة وليس الإكراه والاغتصاب على فعل أمور دون رغبة الزوجة، مما يهدد الأمان والثقة التى تبحث عنهما الزوجة فى علاقتها الزوجية وتتحول إلى علاقة يسودها الفزع والخوف تفقد خلالها الزوجة الأمان وخصوصية جسدها وتتحول من إنسانة إلى أداة يمارس خلالها الرجل ما يريد تحت مسميات لا علاقة لها بالدين والإنسانية وهو ما يدفع الحياة الزوجية إلى الهاوية.

يعد الاغتصاب الزوجى جريمة فى العديد من البلدان يعاقب عليها القانون، إلا أنه فى مصر لا زال محل نقاش، فليس لدينا قانون يجرمه، رغم وجود قانون يجرم العنف ضد المرأة ولكنه لم يصنف الاغتصاب الزوجى جزءًا منها، فالقانون المصرى لا يعترف به ولا يحاسب الزوج إلا فى حالة إثبات العنف الجسدى، لذلك أطلقت أكثر من مؤسسة حقوقية حملات لسن تشريعات وقوانين تحمى المعنفات من الاغتصاب الزوجى، أهمها حملة بعنوان «مش بالعافية - الاغتصاب الزوجى جريمة».

ندى عادل طليقة مخرج الإعلانات والمغنى تميم يونس، كانت من أبرز النساء اللائى أعلنٌ تعرضهن للاغتصاب الزوجى، وأنها منزعجة من عدم وجود قانون بمصر لحماية الزوجة، بل إن هناك بعض الشيوخ يدافعون عن الاغتصاب الزوجى، مضيفة أنها ظلت عامًا كاملاً غير قادرة على المواجهة، مؤكدة أن الأمر ليس هينًا بالنسبة لها لأنه تجربة شخصية قاسية كانت تحاول تجنبها.

وبعيدا عن ندى هناك حكايات عدة عن الاغتصاب الزوجى يرويها أبطالها لـ«الفجر»، حيث تقول «آلاء - ٢٤ سنة»، إنها تزوجت فى عمر ١٨ عاماً من ابن عمها البالغ ٢٥ عاما، وتعرضت للاغتصاب الزوجى منذ أول يوم، وكان يقوم بتعذيبها ويتعمد إهانتها، وأنها ما زالت حتى الآن وعلى مدار ٥ سنوات تتعرض لهذه الطريقة فى علاقتها بزوجها، مما سبب لها عقدة نفسية، لما يمارسه عليها من أساليب سادية جعلتها تفقد إحساسها بالأمان والثقة فى زوجها، الأمر الذى دعاها إلى طلب الطلاق.

أما «منة-٢٠ سنة» فقد تعرضت للاغتصاب الزوجى منذ بداية زواجها قائلة: «أتجوزت وأنا عندى ١٩سنة وكان جواز صالونات بس أنا كنت موافقة عليه لأنه كويس أخلاقيًا وماديًا، وكان طول فترة الخطوبة مفرحنى لحد يوم الفرح اكتشفت حقيقة ميوله العنيفة»، مؤكدة أنه يمارس عليها الضرب والتعذيب والعنف مما جعلها تعانى من أزمة نفسية، وطلبت الطلاق عقب الجواز بـ ٣ أشهر، وما زالت تعالج نفسياً بسبب هذه التجربة السيئة.

تتعدد القصص والحكايات فليس هناك فرق بين من تزوجت عن حب أو غيرها، فتروى هدى قصتها قائلة: «كنت متجوزة عن حب، بس بعد الجواز اكتشفت أنه راجل مبيقدرش تعبى ولا نفسيتى، فيفضل يخوفنى من الملايكة اللى هتلعنى والنار إللى هدخلها لو مرضيش عنى»، حتى أنه كان يريدها تفعل كما تفعل فتيات الليل فى علاقتها الجنسية فشعرت بالذل والمهانة وأنها تبيع جسدها وليست زوجته، مضيفة أنه وصل به الأمر لمخالفة الدين والاعتداء عليها رغم أن لديها عذرًا شرعيًا كأنه حيوان بلا عقل أو تفكير، وظلت تعانى هذا الأمر حتى انفصلت عنه.

لم يختلف الأمر بالنسبة لسحر-٣٣ عاما، والتى ما زالت تُعالج من الاكتئاب بعد تعرضها للاغتصاب الزوجى بشكل متكرر، قائلة: «تزوجت عن حب لمدة ٣ سنوات، وعندما سافر لعمله بالخارج وسافرت معه بدأ يتغير ويطلب منى أمورًا غير شرعية فى العلاقة الزوجية، وأشياء محرمة، وعندما اعترض كان يعتدى عليَ، مما سبب لى صدمة نفسية ومن وقتها قررت الانفصال لانعدام الثقة والأمان، والتجربة دى خلتنى أكره جسمى».

كما تسبب الاغتصاب الزوجى لمنى البالغة من العمر ٢٣ سنة، فى نزيف بالرحم، بجانب ألم نفسى نتيجة تعرضها للضرب والإهانة، حتى أصيبت بصدمة نفسية، ووصلت حالتها إلى التفكير فى الانتحار أكثر من مرة، حتى انفصلت وما زالت تتلقى علاجًا نفسيًا بعد الانفصال عنه بعامين.

وأصيبت دنيا ٣٠ سنة، بالإيدز بسبب تعرضها للاغتصاب الزوجى لمدة ٣ سنوات ، حتى توفيت، وكانت تمر بحالات نفسية صعبة ولم تستطع الطلاق لعدم وجود أهلها أو أحد يعولها، وبحسب إحدى المقربات منها، تعرضت دنيا للإجهاض بسبب تصرفات زوجها الذى كان لا يفكر سوى فى رغباته، بالإضافة إلى ضربها وإهانتها وتعذيبها، حتى تعرضت للاجهاض المبكر، بجانب طلباته المحرمة دائما.

كما روت «شيرين- ٣٠ سنة» قصتها مع الاغتصاب الزوجى قائلة: «فضلت متجوزة ٣ سنين، و٧ سنين بلف فى المحاكم عشان آخد ابنى اللى أجبرنى جوزى أنى أسيبه»، مؤكدة أن زوجها كان يمارس معها كل أشكال السادية والعنف والضرب ويعتدى عليها بطريقة تجعلها تشعر بالذل والمهانة، إلى أن قام بكسر ضلعها وطردها من المنزل وأخذ منها ابنها، مضيفة: «طلبت الطلاق ورفعت عليه قضية حضانة ونفقة، فحاول هو وأخته يخطفونى، وفضل يحاول يبتزنى بكل الطرق لدرجة أن أهله رفعوا عليا سكاكين جوا قاعة المحكمة، وأنا دلوقتى عايشة على أمل أنى أشوف ابنى».

جريمة بلا عقاب

فتحت ظاهرة «الاغتصاب الزوجى» الباب أمام مطالبات المنظمات الحقوقية المهتمة بحقوق المرأة بوضع قانون لتجريمه، وقالت نهاد أبو القمصان رئيس مركز حقوق المرأة إن الزواج علاقة مبنية على الود والاحترام والشراكة، ولابد من شعور الزوجين بأن لديهما رغبة فى إسعاد كل طرف للآخر، وفى حالة عدم رغبة طرف فى إقامة علاقة زوجية لابد أن يقدر الطرف الآخر ذلك.

وأضافت: «هناك أزواج يرون الاغتصاب الزوجى أنه حلال، كما أن الزوجة تخاف أن تعترض أو حتى تكشف عن الجريمة، والزوج يعلم جيدا عدم وجود نص قانونى يجرم هذا الفعل»، متابعة: «الاغتصاب الزوجى غير مجرم فى مصر ولكنه مجرم فى دول أخرى كثيرة لأنه يعد جريمة عنف أخلاقية وإنسانية فى حق الزوجة».

كما أوضحت الدكتورة هدى بدران، رئيس الاتحاد النوعى لنساء مصر، أن: «المرأة من حقها أن ترفض العلاقة مع زوجها فى أى وقت لأنها مبنية على الرضا، لكن الفتاوى وتفسير الشرع بطرق غير صحيحة ومتشددة هى التى تقود إلى مواقف مثل هذه وبالطبع فهى كارثة حقيقية لابد من طرحها ومناقشتها وإيجاد حل لها، فأغلب المشكلات الزوجية ناتجة عن الخلل فى الفتاوى الصادرة من شيوخ التطرف وبالتالى تطور الأمر إلى حوادث وجرائم داخل الأسرة المصرية».

وطالبت المحامية مها أبو بكر، المتخصصة فى شئون محاكم الأسرة، بوضع تعريف ونص قانونى يعترف ويعاقب عن فعل الاغتصاب الزوجى، مؤكدة أن التشريع المصرى لا يتضمن وصفا لهذه الجريمة، ولايمكن إثباته بسهولة، موضحة أن الجريمة ترتبط بوجود عنف وبالتالى يمكن إثباتها عن طريق الطب الشرعى.

الدين يحرم الاغتصاب الزوجى

ورغم أن البعض يبرر هذا الفعل المشين استنادا إلى فتاوى مشايخ التطرف، إلا أن الدين الإسلامى والمسيحى يجرمان هذا الفعل، حيث قال دكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الاغتصاب الزوجى أمر مرفوض وحرمه الشرع ولا يجوز إجبار الزوجة على العلاقة الزوجية لأن ذلك إهانة للمرأة، مضيفا أن الإسلام كرم المرأة وبالتالى كل ما يردده بعض المشايخ حول الحق الشرعى للزوج فى إكراه الزوجة على العلاقة الزوجية لا يمت للشرع بصلة.

وبشأن ما يردده البعض من الحديث الشريف الذى ينص على أن من تمتنع عن زوجها تلعنها الملائكة حتى تصبح، أكد «كريمة» أنه: «أمر بعيد كل البعد عن الدين والمنطق، فالملائكة لم تخلق حتى تلعن من تمنع عن زوجها فى الفراش، فهو حديث مغلوط ومدسوس ويراد به النيل من المرأة واستعبادها بالباطل»، لافتاً أنه إذا كانت المرأة الممتنعة عن زوجها تلعنها الملائكة فهل الملائكة تلعن الزوج الممتنع عن زوجته أيضا.

وتابع: «المرأة مخلوق كرمه الله فلا يليق بنا أن نهينه ونستعبده تحت مظلة الشرع والدين وبطريقة مغلوطة، وإكراه الزوجة على العلاقة مع الزوج فعل شهوانى وحيوانى بعيد كل البعد عن الإسلام الذى استوصى بالنساء خيرا».

كما أوضح مصدر بدار الإفتاء أن الزواج أساسه المودة والرحمة وبالتالى فإن الإكراه والإجبار يبعد عن المعانى الإنسانية للزواج التى وضعها الإسلام وحث عليها، مشيراً إلى أن الدين حدد فى شكل كامل أساس التعامل مع الزوجة فى سورة النساء وغيرها من الآيات القرآنية التى حثت على حسن معاملة المرأة والزوجة، فكيف يأتى أشخاص يبررون التعامل معها بشكل عنيف حتى لو كان الدافع هو الحصول على حقه الشرعى الذى يجب أن يكون بالتراضى بين الطرفين وليس بالإكراه.

فيما يقول القمص موسى إبراهيم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن الكنيسة لا تقبل فكرة أن تقام العلاقة الزوجية على غير رضا الزوجة، وأن الأساس فيها الحب والرضى والتآلف، مضيفا: «إذا جاءتنى زوجة تشكو من هذا السلوك الغريب أنصحها بأن تتحدث مع زوجها وتخبره بأن هذا غير مقبول وعليه أن يتفهم مشاعرها وإن لم يتغير فعليها أن تخبر أسرتها وأسرته بهدف أن يتحدث أحد إليه وإذا لم يفلح هذا فى تغييره تشكوه إلى الكنيسة ممثلة فى أب اعترافه «الكاهن المسئول عنه» فالعلاقة الزوجية بهذا الأسلوب مرفوضة تماماً وليس من حق الزوج ونعتبره تعديًا عليها فى درجة الجريمة».

وأضاف: «بالطبع توجد حالات للاغتصاب الزوجى وقد واجهت بعضها وهى موجودة فى كل المستويات الاجتماعية والتعليمية وليست مرهونة بمستوى معين، على العكس فهى موجودة فى كل الأوساط ومنتشرة ولكن لا يمكننا أن نعتبرها ظاهرة ومازالت محدودة ونأمل أن تنتهى تماما والكنيسة لا تسمح على الإطلاق بأن يتعامل الزوج مع شريكته بهذه الطريقة الأنانية المهينة».

وتابع: «الكنيسة تعتبر العلاقة على غير رضا الزوجة بأنها اغتصاب وانتهاك مرفوض وهذه الطريقة فى التعامل بين الزوجين تعنى أن هناك خللا كبيرا بينهما وأنهما بحاجة إلى توعية وتثقيف بشأن كيفية إدارة علاقتهما الأسرية بشكل كامل وكيفية التعامل مع مشاكلهما الزوجية وفض أى اشتباك بينهما دون أن يترك أثرا أو فجوة تؤثر على مشاعرهما تجاه بعضهما فيما بعد».