ربيع جودة يكتب: صبي الدراجة

مقالات الرأي

ربيع جودة
ربيع جودة


في طفولتي .. كنت أشتهي دراجة .. ولم يُهدَي اليَّ صباح .. ولم ترحل عني شمس .. الا وانا أترقب أن تكون لي واحدة كباقي الصبية .. وكنت كي تتنفس طاقتي أنا وفقراء البلدة .. نصنع من جريد النخل .. وبكرات الخيط .. دراجة بدائية .. لا تسمح لنا بالركوب فوقها .. ولكن ندفعها الي الأمام .. ونصدر أصواتاً بأفواهنا .. تشبه أصوات السيارات تتزايد مع السرعة .. وأصواتاً آخري .. حين نتوقف فجأة ..  نشق بها الأرض عدوا .. ولكن سرعان ما  تذهب عني متعتها .. حين يسبقني وبكل سهولة .. صبي فوق دراجته .. ومضت أيام وسنوات .. حتي أحضر لي أخي الكبير .. ومن دون موعد .. دراجة .. لكني وقتها كنت قد فقدت الشغف .. لم أجد لهفتي .. التي طالما آلمتني وأنا محروم .. ولما اشتد عودي ودخلت الجامعة .. وجدت لهفة أخري .. لفتاة كنقاء الفجر  .. ولم تختلف معاناتي كثيرا عن تلك التي عشتها في قصتي مع الدراجة  .. حتي  أتي أيضاً من يطفئ لهفتي .. ويسبقني إليها كصبي الدراجة .. وعلي أعتاب الثلاثين .. ظفرت بقلب حسناء أخري .. تشبه الجنة .. ورغم سعادتي.. لكني دائما ما كنت  أبحث معها عن تلك اللهفه وقت حرماني ..  ثم توالت التجارب مرة بعد مرة .. وفي كل مرحلة تأتيني الأمنية بعد فقدان الشهية إليها  حتي أدركت أني علي خطأ   ..وأن فرحتي بالدراجة البدائية كان أكبر .. لأني أنا من صنع السعادة وقتها .. ولم تتبدد سعادتي بشبابي في الجامعة ..  إلا بعدما امتدت عيني لفتاة لا أملكها في يدي .. وان انتظاري للترقية في عملي .. يحجب رضا في نفسي بعمل يكفي الكثير من حاجتي .. وربما حين تأتي الترقية .. لا أجد الشغف إليها .. لاني ربما أكون وقتها كاتباً كبيراً له في محراب العلم كلمات وكلمات