منال لاشين تكتب: أزواج لكن خونة (1).. المرحوم الغبى
بعد ثلاث سنوات اكتشف أولاده أنه يملك ٢٥ مليون جنيه فى حساب سرى
اشترى شقة ليتلقى عليها خطابات البنوك بحساباته
زوجته كانت تصرف على البيت وأولاده اتعلموا بالقروض والسلف
كان صديقى مخلصا بل مغرما بزوجته يتشاركان كل شىء إلا حسابًا بنكيًا لا تعرف الزوجة معلومات عنه ولا حجم المال الموجود فيه، فقط كانت تعرف أنه يحتفظ ببعض المال لنفقاته الخاصة.علل صديقى وجود الحساب شبه السرى بأن كل رجل لديه التزامات خاصة. رفعت حاجبى عاليا وسط سحب دخان الشيشة التى أدخنها رغم أنف كورونا. قال: على فكرة المصروفات دى لا ليها علاقة بالستات أو الخيانة، ولكن أحيانا أحب أن أجامل صديقى أو أرد لآخر جميلًا، ولا أريد أن تعرف زوجتى علاقاتى مع أصدقائى.
صديق آخر ليه حسابات مشتركة مع زوجته وأم أولاده، ولكن له حساب سرى لا تعرف زوجته بوجوده ولا أظنها تشك فيه، فالرجل بالنسبة لها نعمة تحسدها عليها كل صديقاتها.
مرة أخرى اسأله، ولزمته إيه الحساب السرى، فيرفع هو حاجبيه هذه المرء.. صارخا فىَّ: مفيش رجل عاقل أو حتى مجنون يحكى لزوجته كل تصرفاته المالية.. افرضى مثلا حبيت أشارك فى زواج ابن أختى أو بنت أخوى أو أحجج أمى. لا طبعا لازم يكون لى مبلغ خاص بى لا يخضع لمحاكم التفتيش.
بالطبع هناك الرجل الخاين الذى يخفى بعضًا من أمواله لزوم مزاجه أو شطحاته الغرامية.
فى المطلق الرجال المتزوجون يخفون عن زوجاتهم أسرارهم المالية، وكل شاب يتزوج يجد من ينصحه من الأسرة أو الأصدقاء المتزوجين النصيحة الخالدة المنتقلة من جيل إلى آخر (أوعى تعرف مراتك كل فلوسك وكل اللى عندك) .
ولكن هناك الرجل الغبى..، والمرحوم اللى هاحكى لكم حكايته فعلا كان أغبى رجل فى العالم.
عاش فقيرا يستنزف أموال زوجته، ولا ينفق لا على أسرته ولا على نفسه أى أموال للرفاهية.. كان يقدم لأسرته الضرورى والضرورى فقط. أما الرفاهيات وهى تقريبا كل شىء غير الأكل فهو لا يعترف بها. تحملت زوجته مصروفات المدارس والجامعات الأجنبية لثلاثة من الأولاد.. بنتين وولد. كانت تلجأ للقروض التى تسددها على سنوات من دخلها الكبير فى البنك الذى تعمل به، أو تستلف من والديها على أمل السداد.. حين يأس والدها من بخل زوجها.. قرر أن يمنحها ميراثها وهو حى لتنفق به على أولادها.
المرحوم عاش حياته دون أن يشترى ملابس لا لزوجته أو أولاده أو لنفسه.. وكانت زوجته حفاظا على مركزهم الاجتماعى تشترى له الملابس والأحذية، وكانت تحجز فى المصايف وكان المرحوم يذهب معهم ليومين ثم يعود..لا يتذكر أولاده أنه قضى معهم مصيفًا أو إجازة كاملة، والسبب أنه يتخانق مع زوجته على إسرافها المبالغ فيه فى المصيف، ثم يغادرهم إلى القاهرة مكتفيا بالمكوث فى شقة الزمالك، وهذه الشقة هى المساهمة الوحيدة له فى حياة أسرته. قصته المثيرة جدا عرفتها من ابنه الذى أطلق على والده لقب (المرحوم الغبى).
يكمل ابنه: حياتنا عموما كانت منقسمة إلى حياتين..أمى وأنا وأخواتى فى جبهة والمرحوم كان فى جبهة لوحده. لا يخرج للفسح أو النادى أو الزيارات العائلية معنا لأنه معترض على مبدأ الصرف. حتى أعياد ميلادنا كانت أمى تشترى لنا هدية باسمه وتظل تستلطفه سرا حتى يحضر عيد الميلاد، وحين كبرنا عرفنا ما هو أسوأ.. المرحوم كان يبتز أمى لحضور هذه المناسبات فيطلب منها فلوس لأنه (مزنوق).
ولذلك أصبحنا نرفض أن يحضر أى مناسبة لنا حتى لا تدفع أمى المسكينة ثمن حضوره فى حياتنا. انتهت تقريبا علاقتنا بالمرحوم..كل ما كان يشغل بالى وبال أخواتى.. أين ينفق أبى أمواله؟.. لن نصدق بالطبع أكذوبة أنه فقير لأنه كان تقريبا لا ينفق على البيت أو علينا، ومع ذلك نجحت أمى فى الحفاظ على شعرة معاوية بيننا وبينه لدرجة أننا حزنا عليه عندما مات.
بعد سنوات من موته وكنت استعد للسفر للخارج لمساعدة أمى فى زواج أخواتى البنات. قابلت صديقًا لأبى وعرف أننى مسافر، فنصحنى أن أبقى مع أمى وأخواتى لأننى راجل البيت وإحنا أسرة غنية ولسنا فى حاجة للسفر والشحتتة، ضحكت وقلته له: يا عمى حضرتك مش غريب ماما صرفت معظم ما لديها على تعليمنا، وماما كبرت ولازم تستريح. صاح الرجل: معقولة.. المرحوم لم يخبركم قبل وفاته.. سألته يخبرنا بإيه.. رد: أبوك عنده حساب فى البنوك وبالملايين .. ده عنده فى البنك اللى كنت باشتغل فيه حوالى ١٠ ملايين جنيه. فوجئت فأكد لى أنه انتقل من الفرع، ولكن سيذهب معى إلى الفرع وحالا. ذهبنا إلى الفرع بسيارته وهو يقول لى: ياما نصحت المرحوم إنه يصرف وينزه نفسه وأسرته، ولكنه كان دايما خايف على القرش.. كنت أهز رأسى أدبا ولكن رأسى كان سينفجر١٠ ملايين جنيه، وصلنا الفرع وذهبنا مباشرة لمكتب المدير. عرفنى صديق المرحوم بالمدير وذكره بأبى، فقال الرجل: الله يرحمه كان من أحسن العملاء، فتح جهاز كمبيوتر أمامه، وقال إنه سيبحث بالاسم على ما نشرب القهوة.. طال البحث، فاعتذر الرجل وقال أخيرا: أهه رقم الحساب والمبلغ أكثر من الـ١٠ ملايين عشان الفائدة.. كتب لى رقم الحساب، وشرح لى الإجراءات المطلوبة لنتسلم المبلغ، وقال لى انتوا ساكنين فى المهندسين.. قلت: لا فى الزمالك، فقال: عنوان المراسلات اللى كتبه المرحوم فى المهندسين وأعطانى العنوان.
قام صديق المرحوم وهمس بكلمات فى أذن زميله المدير، فقال المدير بعد لحظة تفكير مفيش مانع. التفت صديق المرحوم وشرح لى: محمد بيه كتر خيره هيشوف لو والدك له حسابات أخرى فى فروع أو بنوك أخرى.. دى خدمة كبيرة ابتسم المدير، وهو يقول لصديق المرحوم: هاتصل بك بكرة بالكثير وأبلغك. خرجت من البنك وصديق أبى يسحبى من يديى. كنت مشغولًا فى شقة المهندسين. هل أبى كان متزوجاً من أخرى. هل له أبناء أحبهم أكثر منا وأنفق عليهم بالملايين؟ هل أبى كان بتاع ستات ولديه جرسونيرة. أشفق علًّى صديق أبى وقال لى: تعالى أنا هاروح معاك شقة المهندسين. انتبهت وشكرته: مفيش داعى أعطل حضرتك أكثر من كده..ضحك وقال: أنا أصلا فاضى النهاردة، وصلنا للعنوان فى دقائق.. كانت عمارة كبيرة فى شارع الأزهار. سألنا البواب فصاح: أخيرا هو منير بيه اتوفى، لا حول ولا قوة إلا بالله. البنك عمال يبعت له جوابات والضرائب. بس هو اختفى من كام سنة. أخرج صديق أبى فلوس كثيرة من جيبه وطلب منى البطاقة، وأطلع عليها البواب، فتقدمنا إلى الشقة المغلقة لنفتحها.كانت الشقة فارغة من العفش إلا غرفة واحدة بها كنبة ومكتب فقط. شرح البواب: المرحوم كان بييجى قليلًا ويقعد ساعة ويمشى على طول.
قال صديق والدى بعد أن عدنا للسيارة: الظاهر المرحوم كان واخد الشقة مخصوص عشان يتلقى عليها المراسلات البنكية والضرائب، مفروض انتو تشوفوا كل الورق اللى فى الشقة.
أعادنى الرجل مشكوراً إلى مكان سيارتى ووعدنى أن يتصل بى ليخبرنى بما سيكشفه مدير الفرع.. قلت ساهما: لسه فى اكتشافات تانية.
فى الطريق كنت أفكر فيما سأقوله لأسرتى.. كيف أخبر أمى وأخواتى بأن أبى استغفلنا طول عمره، واخترت الطريق السهل.. الصدمة قلت لهم باختصار أن أبى لديه ١٠ ملايين فى البنك وشقة فى المهندسين، ودخلت بسرعة إلى غرفتى.. أريد أن أبكى ولكن الدموع تعاندنى.
فى اليوم الثانى اتصل بى صديق والدى وطلبنى لأذهب إليه فى مكان عمله، حين وصلت قال لى: أبشر يا ابنى الحمد لله المال الحلال عمره ما يضيع.. اكتشفنا أن والدك له حسابات فى بنوك أخرى والمجموع حوالى ٢٥ مليون جنيه.
لم انطق. حاول الرجل أن يهون لى: يا ابنى المرحوم كان مريضًا. صدقنى البخل دا مرض نفسى وله علاج المرحوم كان مريضًا.. شعرت أننى سأختنق وقمت وأنا أقول له: المرحوم كان غبيًا.. أغبى إنسان فى الدنيا.
قلت له: على فكرة المال الحلال أحيانا بيضيع على الورثة لأن مش المرحوم بس اللى غبى.. الأغبياء كثير قوى.