د. بهاء حلمى يكتب: خبر وإشاعة

مقالات الرأي

بوابة الفجر



مما لا شك فيه أن إمكانية استخدام أو استعمال أى خبر أو معلومة لبث وترويج الشائعات حولها بغرض تأليب الرأى العام وإثارة قلق وحفيظة وسخط عموم الناس ضد الدولة ومؤسساتها الوطنية المختلفة. أمر متاح لكل جهة مناهضة للدولة ولا تحب الخير لشعبها.

معروف على مدار التاريخ أن الشائعات إحدى وسائل الحروب النفسية التى تستهدف الجيوش فى المعارك كما تستهدف الدولة والمجتمع، ويرتبط زيادة حجم انتشار الشائعات بمقدار الوعى، وسرعة استجابة الجهات المختصة أو المستهدفة بالتعامل والرد على الشائعات وتفنيدها أولًا بأول. مع عرض المعلومات والأخبار الصحيحة والمباشرة، فكلما تأخر العلاج زاد حجم تأثير الشائعات.

لقد سبق وتناولنا الشائعات فى مقالين الأول بعنوان التحصين والدفاع ضد خطر الاشاعات فى فبراير ٢٠١٨، والثانى بعنوان مواجهة الإعلام المضاد واجب وطنى بتاريخ ٨ ابريل ٢٠١٩، ونعاود اليوم لاستكمال هذا الموضوع المهم من زاوية جديدة وهى صياغة عناوين الأخبار التى تحمل أكثر من معنى.

لا يخفى على أحد استهداف الماكينة الإعلامية للجماعة الإرهابية مصر قيادة وحكومة وشعبا سواء على مواقع التواصل أو بين أوساط الأميين بالاشاعات والأكاذيب ومحاولات التقليل من الإنجازات غير المسبوقة التى تتحق على أرض مصر فى كافة المجالات والعمل على تضخيم السلبيات.

مع بث الاشارات لأنصارهم ومؤيديهم فكريا للتعليق وتداول ما يبثونه من أكاذيب من منطلق روح الفشل والإحباط التى أصابت التنظيم وكشف العالم لأفكارهم وتاريخهم فى صناعة الإرهاب والتطرف العنيف.

كما تعتمد أبواقهم الإعلامية المضللة على استغلال الأخبار التى تنشرها وسائل الإعلام المختلفة يوميا لتصيد الثغرات لتأويلها وصناعة الشائعات حولها.

فكثير من عناوين الأخبار التى تنشرها أو تتداولها بعض وسائل الإعلام خاصة الصحافة الالكترونية تأثرا بعوامل السبق فى سرعة تداول الأخبار لتصل إرجاء المعمورة فى لحظات أولوية عن تدقيقها.

الأمر الذى يجعل عناوين هذه الأخبار بيئة خصبة لنسج وصناعة الشائعات حولها بسبب غموضها أو حملها أكثر من معنى وعلى الأخص الأخبار المتعلقة بارتفاع أسعار أو زيادة قيمة خدمات وكل ما يمس ومعيشة المواطن لتتناولها الاشاعات بسهولة ويسر.

لقد تناول مروجو الشائعات عنوان خبر منشور على موقع الكترونى مفاده (تعرف على الرسوم المتوقعة للسحب والاستعلام عن الرصيد عبر الـATM من أول يوليو)، حيث استطاعوا إيهام المتعاملين مع البنوك بأنه من المتوقع زيادة رسوم عمليات السحب الأمر الذى تناوله الكثير بالاستنكار وعدم الرضا.

ويرجع ذلك إلى عدم وضوح صياغة الخبر وتحملها أكثر من معنى رغما من حسن النية، هناك فرق بين الرسوم المتوقعة على السحب بكروت A TM من أول يوليو، وبين قرب انتهاء مهلة البنك المركزى لتحصيل الرسوم التى سبق إقرارها.

ولا نخفى مؤشرات استهداف القطاع المصرفى المصرى بالشائعات بعد أقوال محمد رمضان.

ونشرت صورة أخرى عبارة عن (تجمع كبير وتكدس بشرى تحت عنوان «الحصول على وثيقة لوظيفة جديدة وفق إعلان هيئة الطاقة النووية»)- دون كتابة تعليق – هذا أسلوب آخر.

الحقيقة الصورة دون تعليق ولكنها تشير إلى العديد من السلبيات سواء فى التزاحم وعدم الالتزام بالاجراءات الاحترازية لكوفيد ١٩، أم من حيث كثافة المحتاجين للعمل، أم من حيث توزيع كراسات ووثائق تعارف ورقية للراغبين فى التقدم للوظائف رغم الحديث عن الميكنة والتحول الرقمى وغيرها من التحليلات.

يتبين مما سبق أن فن صياغة عناوين الأخبار وانتقاء الصور وتركها دون تعليق ليتولى المواطن الصحفى تحديد أسلوب فهمه وإدراكه لها، يواكبه فن آخر فى انتقاء هذه العناوين والصور لنسج وصناعة الأشاعات حولها بغرض إثارة النفوس ضد الدولة ومؤسساتها. فمزيد من الحرص والحذر يا أهل الصياغة.

أما من حيث تداول مضمون خبر رسوم الـ A TM فمن المتوقع خروج البنك المركزى ليعلن عن خطواته القادمة ومقدار الرسوم المقررة على سحب النقدية من ذات البنك أو عن طريق ماكينة بنك آخر ؟ وهل سيتم مد المهلة أم لا؟ وفى حال تطبيق القرار فى أول يوليو نأمل إعادة العرض على المجلس القومى للمدفوعات برئاسة السيد الرئيس /عبد الفتاح السيسى لإعفاء كروت صرف أصحاب المعاشات من أى رسوم سحب على مستحقاتهم الشهرية أيا كانت مراعاة لظروفهم.