د. محمود فوزي يكتب: مشروعات التخرج ومهرجان التميز البرًاق

مقالات الرأي

بوابة الفجر




عندما توجه لك الدعوة لحضور مهرجان عرض وتحكيم مشروعات التخرج بكليات ومعاهد الإعلام، فأنت حقًا من المحظوظين؛ لأنك علي موعد مرتقب مع الإبهار الممزوج بتوليفة نادرة من جودة الإنتاج الإعلامي وبراعة الحملات التوعوية ذات المنهج العلمي المحكم الذي يرسم ملامحه أساتذة وخبراء مبدعون يجمعون بين أدبيات المبادئ النظرية وآليات التنفيذ الفعال للتطبيقات العملية.

لقي ألقي الانفتاح الواسع في تأسيس كليات الإعلام بظلاله علي  تحسين مخرجات العمل التي يشارك طلاب مشروعات التخرج بالفرقة الرابعة في دراستها وتخطيطها وتنفيذها ووضع آليات تقييمها؛ وفقا لأطر موضوعية واقعية؛ ترتكز علي مهارات النقد والتحليل والتفسير والاستنباط.

هذه المهارات هي عنوان التميز البراق الذي صار مبدأً عامًا مهيمنًا علي إستراتيجية التدريس الأكاديمي بكليات ومعاهد الإعلام التي قطعت أشواطًا ضخمة نحو التأهيل المهني الكامل للطالب في مختلف التخصصات: الإذاعة والتليفزيون، والصحافة، والعلاقات العامة والإعلان، والإعلام الرقمي، ودراسات الرأي العام؛ ذلك شريطة امتلاك الكلية رأس مال إداري تتكامل رؤيته الثاقبة مع رأس المال المادي من تجهيزات وموارد وبني تحتية؛ يتصدي لإدراتها وتطويعها موارد بشرية فعالة؛ تمتلك الكفاءة الممزوجة بقيم التعاون، والإنجاز، والعمل الجماعي.
لم أكن منصفًا إن تناولت ظاهرة مشروعات التخرج بمعزل عن  ثقافة التميز المؤسسي والعقلية القيادية التي تؤمن بأهمية الابتكار وجودة العمل المتسق مع احتياجات وأهداف المجتمع ، ويأتي ذلك عن طريق رفع معايير تقييم الأداء وتحسين القيمة النوعية؛ لبناء الثقة بين الطلاب ومشرفي المشروعات الملتزمين بمسئوليات عملهم والوفاء بوعودهم، وحرصهم المتلاحق علي تنمية قدراتهم وخبراتهم، وتحسين مهاراتهم العملية، فضلًأ عن تغليب الأهداف المشتركة للمشروع علي الاهتمامات الشخصية، والسعي الدائم نحو تجاوز مشكلات العمل التي قد تنشأ بين الطلاب، واتخاذ القرارات المشتركة؛ حتى وإن اختلفت الآراء.

عند هذا الحد قد لا يكون الأمر ملفتًا إلي حد كبير، لأن الجاذب للانتباه حقا هو ذلك الإنتاج الإعلامي الباهر العارض لقضايا إنسانية وظواهر اجتماعية؛ من واقع معايشة حياتية؛ قام بها الطلاب بصحبة مشرفيهم؛ كي يقدموا لنا أفلامًا روائية ووثائقية تجمع بين عمق التحليل وسلاسة المعني المراد توصيله؛ حينئذ يبدو الإسقاط مفهومًا، والرمزية خيالًا مصورًا.

من أين أتي الطلاب في هذا العمر المبكر بهذا المزيج الإبداعي النادر القادر علي محاكاة الواقع بل وطرح حلول واقعية لقضايا عصرية في سياقات درامية مثيرة؟ من أين أتي الطلاب بهذا القدر من الفهم والإدراك الدقيق لمنهجيات البحث العلمي كي يستنبطوا توصيات مبتكرة لحملاتهم التوعوية المتسقة مع مبادئ التخطيط الإستراتيجي مع هيئات المجتمع؟ من أين أتي طلاب قسم الصحافة المطبوعة والإلكترونية بأفكارهم الخلاقًة في صحفهم ومنصاتهم الرقمية الداعية لبناء فكري إعلامي؛ يلتزم بأخلاقيات المهنة، ويطور قوالبها الإعلامية، بل ويسخرها في رصدوتحليل ومعالجة مشكلات النظام الاجتماعي؟