حوار| السفير أحمد القويسني: بيان العلا نقطة عودة العلاقات المصرية القطرية.. والدوحة تستطيع لعب دور في ملف سد النهضة
عن نقطة البداية لعودة العلاقات المصرية القطرية، واستقبال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لوزير الخارجية المصري السفير سامح شكري، وأشياء آخر، حاور موقع الفجر الإلكتروني السفير أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي قال إن قطر أكدت أنها ستراجع سياساتها تجاه دول الإقليم، ومنها اتصالاتها بمنظمات وميليشيات الإرهاب في المنطقة وسلوكها مع عدد من القوى الإقليمية غير العربية في الشرق الأوسط الكبير، مؤكدًا أنها لديها الإمكانيات التي تؤهلها من لعب دورًا في ملف سد النهضة، وإن حدث فمشكورة.
وإلى نص الحوار..
- بداية، هل كان بيان العلا نقطة البداية لعودة العلاقات المصرية القطرية؟
مصر تعهدت ووافقت وقبلت ما جاء في بيان قمة العلا الخليجية التي انعقدت بالسعودية في 5 يناير 2021، بشأن عودة العلاقات بين مجموعة من الدول الخليجية ومصر وبين دولة قطر، ومصر تحترم تعهداتها دائمًا، والدول المقاطعة مع قطر وضعت شروطًا لعودة العلاقات معها، وكانت قد وافقت مصر على إعادة العلاقات مع قطر إلى طبيعتها في إطار عدد من التعهدات والالتزامات قبلتها الدوحة.
والعلاقات بين الدول تقوم على المصالح التي تربط بينها، وكانت قطر قد اتخذت لنفسها نهجًا سياسيًا معينًا، وقد تسبب ذلك في إضرار إقليمية جيوستراتيجية على عدد من دول الخليج ومصر، وعادت العلاقات عندما تعهدت قطر بتغيير ذلك النهج والتزمت بمجموعة من الشروط ونمط معين من السلوك والابتعاد عن الشئون الداخلية لدول أطراف قمة العلا والابتعاد أيضا عن دعم الإرهاب واستضافة المعارضين لدول الحكم في تلك الدول، مثل بقايا مجموعة الإخوان المسلمين.
وقطر أكدت أنها ستراجع سياساتها تجاه دول الإقليم، ومنها اتصالاتها بمنظمات وميليشيات الإرهاب في المنطقة وسلوكها مع عدد من القوى الإقليمية غير العربية في الشرق الأوسط الكبير.
- كيف رأيتم استقبال أمير قطر لوزير الخارجية المصري؟
في العادة وفي مثل هذه الظروف من القطيعة بين الدول والعودة للعلاقات، يحدث أن يكون هناك العديد من الرموز الدبلوماسية التي تكون مرئية في الاستقبالات وعلى شاشات التليفزيون، وكانت مصر اتخذت مسارًا لعودة العلاقات مع قطر بشرط التزامها بتعهداتها، وقد زار وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مصر حاملًا رسالة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني صباح إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي تضمنت دعوة لزيارة بلاده، وتلا ذلك زيارة السفير سامح شكري وزير الخارجية إلى الدوحة حاملًا رسالة من الرئيس السيسي إلى أمير قطر.
وذهب السفير شكري إلى قطر لغرض آخر وهو المشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالدوحة، وتم دعوة أمير قطر أيضا لزيارة القاهرة.
- ولكن ماذا بشأن مطالب الرباعي العربي؟
العلاقات بين الدول تتطور، والعلاقات السياسية والدبلوماسية ديناميكية، وسلوك الدول وممارساتها وسياستها الخارجية تقوم على أساس مصالح، وقطر دولة صغيرة تتمتع بإمكانيات اقتصادية عالية، وتنتج البترول والغاز ومضت في عمليات التنمية بسرعة كبيرة، وبالتالي لصغر حجمها وعظم إمكانياتها جعلها ذلك تصيغ سياسات أحيانًا نشطة على المستوى الدولي، من خلال الوساطات والتسويات وعقد تصالحات أو استدعاء قوى خارجية على أراضيها من خلال قواعد عسكرية، مثلما فعلت مع الولايات المتحدة ثم مع تركيا.
وهذا السلوك القطري تراه دول الإقليم مثل مصر والسعودية، سلوكًا قد يكون مستفزًا في بعض الأحيان، لأن استدعاء قاعدة عسكرية تركية في قطر يعني استجلاب لقوة أجنبية إلى داخل الوجود العربي، خاصة إذا كانت تلك القوة تحتل أجزاء من سوريا والعراق وتقطع المياه على الدولتين وتمارس علاقات كبيرة جدًا وعميقة مع عدو إسرائيلي ينكل بالشعب الفلسطيني، أو له تحركات تضر بالإقليم العربي، كأن تتدخل تركيا في ليبيا وتسرب الآلاف من المقاتلين الأجانب، أو نقل تركيا للمقاتلين إلى الداخل الليبي لإحداث تغييرات فيه.
- كيف تؤثر العلاقات القطرية التركية على علاقات الدوحة مع دول المنطقة؟
مصر والسعودية والعديد من دول الإقليم يروا أن العلاقات القطرية التركية تضر بمصالح الإقليم ككل وتؤثر على التوازنات، وبالتالي تصير هناك قطيعة عندما تدعم قطر ميليشيات إرهابية في بعض دول الإقليم، مثل سوريا والعراق وغيرها، أو تستفز قطر دول خليجية أخرى من خلال استضافة بعض المناوئين لها، وهذا السلوك تعتبره الدول العربية الأخرى سلوكًا استفزازيًا لا يليق بدول عربية.
- هل يمكن لقطر أن تلعب دورا كوسيط في ملف سد النهضة؟
أغلب دول الخليج لها استثمارات كبيرة للغاية في إثيوبيا، بحكم غنى هذه الدول، ومن هذه الدول قطر، وبالتالي تستطيع الدوحة من خلال هذه البوابة أن يكون لها دورًا في النزاع بشأن سد النهضة، وإن قامت قطر بهذا الدور فسيكون لها الشكر والتقدير بكل تأكيد، ولا يستطيع أحد حسم إذا ما كانت قطر ستقوم بذلك الدور أو لا، والذي يستطيع أن يحدد ذلك هو الحكومة القطرية، من خلال إعلان ذلك، وإذا صادف ولقي ذلك نجاحًا فسيكون دورًا مشكورًا.
- بماذا ستؤثر عودة العلاقات بين البلدين على مصالحهما في المنطقة؟
والدولة المصرية ملتزمة بما جاء في بيان قمة العلا، وإعادة العلاقات مع قطر لوضعها الطبيعي، حيث إن كلا البلدين لهما مصالح متبادلة، ويكفي أن نقول إن الدولتين من أكبر منتجي الغاز في الإقليم العربي، وبالتأكيد يتقاربون في أسواق تسوق الغاز، وهناك مشروع مقترح قطري للغاز، يقوم على فكرة مرور أنبوب إلى أوروبا، وممكن أن يمر من خلال مصر، وهذه أفكار لمستقبل فيه تعاون كبير بين الدولتين.
وعلى مستوى إفريقيا، فيمكن أن يكون التعاون المصري القطري فيها نموذجًا أمثل يضم عدد من الدول العربية مع القاهرة، وهناك آفاق كبيرة للتعاون بين البلدين، وتستطيع قطر تحسين سياساتها تجاه مصر، من خلال التخلص من بقايا الإخوان المسلمين التنظيم الإرهابي وفق القانون المصري، ومن خلال عدم توفير منصات إعلامية لانتقاد ومهاجمة مصر، وعدم تمويل المنظمات الإرهابية وعملياتها، وكل ذلك شروط لمصر لعودة العلاقات مع قطر، ومصر ملتزمة بعودة العلاقات وفق بيان قمة العلا، وأرى أن هناك رغبة متبادلة لتحقيق ذلك، وسيؤدي ذلك إلى وجود سياسة جديدة لقطر مع أشقائها العرب، بجانب العلاقات التي تقوم على المصالح المتبادلة.