نمو الناتح المحلي البريطاني بنسبة 3.7 % عن مستويات ما قبل الوباء

الاقتصاد

بوابة الفجر

سجل الاقتصاد البريطاني تسارعا في (أبريل) مع تخفيف الحكومة تدابير الإغلاق المرتبطة بالجائحة، حسبما أظهرت بيانات أمس، فيما رحب ريشي سوناك وزير المال بحذر، بمعدل النمو البالغ 2.3 في المائة في وقت يتفشى فيه المتحور دلتا.

وهذا أسرع نمو شهري للناتج المحلي الإجمالي منذ (يوليو) العام الماضي "في وقت يستمر فيه تخفيف القيود الحكومية التي تطول النشاط الاقتصادي"، بحسب بيان للمكتب الوطني للإحصاء.

وكان اقتصاد بريطانيا تراجع 1.5 في المائة بشكل عام في الفصل الأول، علما بأنه عاد إلى الانتعاش بقوة في آذار (مارس) فيما بلغ الناتج المحلي الإجمالي 2.1 في المائة.

وبحسب "الفرنسية"، لا يزال الناتج الإجمالي لشهر (أبريل) أقل 3.7 في المائة عن مستويات ما قبل الوباء في(فبراير) العام الماضي.

واعتبر توماس بيون خبير الاقتصاد لدى مجموعة كابيتال إيكونوميكس أنه "بشكل عام، زاد الانتعاش الاقتصادي سرعته في (أبريل)، والناتج المحلي الإجمالي على طريق العودة إلى مستويات (فبراير) قبل نهاية العام"، وأضاف "بل يمكن أن يعود الاقتصاد إلى مستويات ما قبل الأزمة قبل ذلك الموعد".

وجاء النمو في (أبريل) بدفع من قطاع الخدمات الذي ارتفع 3.4 في المائة في وقت عاد فيه المستهلكون إلى زيارة المتاجر غير الضرورية والمطاعم والحانات، وعاد مزيد من التلاميذ إلى قاعات الدراسة، بحسب مكتب الإحصاء.

لكن قطاع الإنتاج سجل تراجعا بنسبة 1.3 في المائة خلال الشهر نفسه، في أول انخفاض له منذ كانون الثاني (يناير).

وتراجع قطاع البناء 2.0 في المائة بعد أرقام قوية في (مارس).

منذ أيار (مايو) تواصل الحكومة تخفيف القيود ويسمح للناس الآن بتناول الطعام داخل المطاعم والحانات، بعدما كان يسمح لهم بالجلوس في المساحات الخارجية فقط.

وقال سوناك "الأرقام مؤشر واعد على أن اقتصادنا يبدأ في الانتعاش".

وتأتي تصريحاته الحذرة وسط تصاعد القلق حول إذا ما كان ظهور المتحور دلتا لفيروس كورونا، يهدد موعد 21 (يونيو) المؤقت، الذي وضعته الحكومة لرفع مزيد من القيود.

المتحور دلتا الذي ظهر أولا في الهند، بات السلالة المهيمنة الآن في المملكة المتحدة، بحسب أرقام سلطات الصحة العامة لإنجلترا.

وقالت الحكومة البريطانية أمس "إن المتحور أكثر عدوى بنسبة 60 في المائة بين العائلات، مقارنة بالمتحور الذي أجبر السلطات على فرض الإغلاق في (يناير)".

وأظهرت بيانات مستقلة أمس الأول أن الصادرات البريطانية انخفضت بنسبة 0.6 في المائة في (أبريل) بعد شهرين من النمو، فيما أدى تراجع الصادرات إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الصادرات إلى دول داخل التكتل، بحسب مكتب الإحصاء.

وفيما ارتفعت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 2.3 في المائة على أساس شهري، بقيت أقل بـ9.0 في المائة عن معدل مستويات 2019، قبل خروج بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي في مطلع هذا العام، بحسب كبير خبراء الاقتصاد لدى مركز بانثيون ماكروإيكونوميكس.

وقال "إنه أداء مخيب بالنظر إلى طفرة تدفق التجارة العالمية. لقد فقد المصدرون البريطانيون حصتهم في السوق".
أما السلع المصدرة إلى المملكة المتحدة فارتفعت بنسبة 3.9 في المائة في (أبريل).

وجاءت أرقام التجارة في وقت ردت فيه بريطانيا على تصريحات حازمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ترتيبات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أيرلندا الشمالية.

وكان ماكرون صرح أمس الأول أن لندن ليست "جدية" في مراجعة الاتفاقات التي وقعت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قبل أسابيع من خروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي.

لكن دومينيك راب وزير الخارجية البريطاني قال "إن على بروكسل أن تكون أكثر مرونة في تعاطيها مع أيرلندا الشمالية التي توجد فيها الحدود البرية الوحيدة للمملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي".

وتنص الترتيبات التي أطلق عليها "بروتوكول أيرلندا الشمالية" على إجراء عمليات تفتيش لبعض السلع المتجهة إلى المقاطعة البريطانية والقادمة من البر الرئيسي بريطانيا، وإنجلترا واسكتلندا وويلز.

وقال وزير الخارجية البريطاني "إن وحدة المملكة المتحدة غير قابلة للتفاوض".

وأضاف خلال مقابلة لشبكة "سكاي نيوز"، "نحن لا نفاوض أو نساوم على وحدة وسلامة أراضي المملكة المتحدة، سواء كانت إقليمية أو دستورية أو تعلقت بالوحدة والسلامة الاقتصادية للمملكة المتحدة"، مؤكدا أن "هذا ليس مطروحا على الطاولة، غير قابل للتفاوض".

وتطالب لندن الاتحاد الأوروبي بمرونة أكبر في تطبيق إجراءات جمركية جديدة في أيرلندا الشمالية، تشكل مصدر توتر في المقاطعة البريطانية.

وتم التفاوض على هذه الإجراءات في إطار اتفاق "بريكست" الذي وقعته حكومة بوريس جونسون في 2019 لكنه تسبب في توتر كبير في المقاطعة البريطانية وفي اضطراب التجارة مع جزيرة بريطانيا وأثار غضب الوحدويين الموالين للتاج البريطاني.

وقال دومينيك راب "أعتقد أن الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي"، وأضاف "نتفهم ما قاله الفرنسيون وهذا يجب أن يدفع العقول في المفوضية في بروكسل إلى تبني نهج أكثر براجماتية ومرونة".

وهذه المسألة طرحت في أول لقاء أمس الأول بين الرئيس الأمريكي جو بايدن المتمسك بجذوره الأيرلندية، وبوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني. وينوي قادة دول الاتحاد الأوروبي إثارة القضية اليوم خلال اجتماع مع جونسون على هامش قمة مجموعة السبع في إنجلترا.

وفي مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، أكد رئيس الوزراء المحافظ أن جو بايدن لم يشر إلى استياء من جانب واشنطن من محاولات لندن مراجعة "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، نافيا بذلك معلومات عن خلاف خلال المحادثات التي استمرت 90 دقيقة.

وقال جونسون "إنه من لندن إلى الاتحاد الأوروبي وواشنطن، للجميع مصلحة كبيرة في ضمان الحفاظ على التوازن الأساسي لاتفاقية الجمعة العظيمة، التي أنهت في 1998 ثلاثة عقود من نزاع دموي بين الوحدويين الموالين لبريطانيا والجمهوريين المؤيدين لإعادة توحيد الجزيرة الأيرلندية".

وأضاف بوريس جونسون مبديا تفاؤله بشأن حل القضية، "أعتقد أننا نستطيع تحقيق ذلك".