الدكتور خالد صلاح يكتب: من ذاكرة التاريخ
يظل التاريخ على مر العصور مليئا بالأحداث التي تُعد بجانب أسبابها وأحداثها مصدر للعِبر والعظات في نتائجها وخاصة إذا كانت هذه الأحداث تتكرر بنفس اللون والملامح والأسباب والنتائج ولكن الفاعل والزمان مختلف والمكان واحد والذي يتمثل في منطقة الشرق الأوسط من المحيط إلى الخليج وخاصة الناطقين بالعربية شعرًا ونثرًا.
وهذه الأحداث اشتملت على لحظات فرح ولحظات حزن مشوبة بالتعلم والتفكر؛ ابتداء من غزوة بدر في عام 624 من الميلاد والتي كان مبعثها استرداد الأموال التي أخذتها قريش عند الهجرة الثانية وتحولت من العير إلى النفير وانتصر المسلمون في نهاية المعركة وكانت مبعثًا وسببًا في غزوة أحد والتي تلتها بعام واحد وشهدت انقلاب في عرف وعادات قريش من حيث التضحية بالنفيس والثمين والمتمثلان في امتلاك العبيد والتضحية باعتقائهم من أجل الثأر كما فعل جبير من مطعم مع العبد وحشي نظير قتل حمزة بن عبدالمطلب وخروج النساء من وراء جيش قريش لحثهم والتأكيد على عدم تهاونهم لأخذ الثأر من المسلمين؛ فكانت غزوة أحد مبعثها الثأر ونتائجها انتصار أهمية طاعة أوامر القادة ومخالفتهم فيها الهزيمة والخسارة.
وتوالت المعارك التي كانت لنا عظة وعبرة من الفتوحات الإسلامية والقضاء على امبراطوريتي الفرس والروم وفتح الاندلس والتي كانت هذه الفتوحات مبعثًا للحقد والكراهية فكان من نتائجها استشهاد الخلفاء الثلاثة عمر وعثمان وعلي ثم ظلت الحقد والكراهية على المسلمين فكانت فترة الفتنة ثم التعدي على أراضينا كما حدث في الحملات الصليبية؛ فكانت معركة حطين وفارسكور وعين جالوت وأخيرا حرب أكتوبر، وجميعها كانت رغبة في استرداد ما سُلب من من حقوق وأرض ووكلها كانت هدف واحد من العدو في الرغبة في سلبنا حقوقنا واراضينا وانتهت بانتصارنا بإرادتنا وصمودنا واسترجاعنا لحقوقنا.
وما زالت الأحداث تتوالى على عصرنا المعاصر ولكن هذه المرة نجد من يريد سلب حقوقنا مع اختلاف ألوانه وجنسياته ومعتقداته ووسائله ولكن الغاية واحدة وهي امتلاك ما بأيدينا وعقولنا وكل ما نملك معنويًا وماديًا.
سواء كان في مثلث الشام وتكالب الأمم والجنسيات المختلفة عليه كما تتكالب الاكلة على قصعتها سواء من داخل العراق أو من خارجه وتحرشات الأتراك بالحدود العراقية إلى توغلات ايران واذرعها الحشدية والحوثية في اليمن، ولا ننسى المأجورين من القتلة والمرتزقة الداعشية.
ولا يتركنا الحديث دون التحدث عن القضية الازلية والماضية والحاضرة والصراع العربي الإسرائيلي وانتهاكات حقوق الانسان من وقت إلى آخر والأحداث الأخيرة في الشيخ جرّاح وما عاناه اخوتنا في فلسطين من انتهاكات حقوقية وإنسانية حتى كان وقف اطلاق النار بمساعي دولية وخاصة المساعي المصرية.
وما زال المشهد يتكرر من الذين يتربصون بنا ولا يريدون بنا الخير ولا أن نهنأ بحياتنا واستقرارنا ولا نتمتع بحقوقنا الطبيعية من الماء والهواء؛ فنراهم يفسدون علينا هوائنا ويريدون أن يحرمونا من مائنا كما تقوم به الآن أثيوبيا واقامتها لسد النهضة بداعي التنمية الاقتصادية وما هو الا بدافع سلب مصر حقها المائي والضغط عليها اقتصاديا وسياسيًا وفي جميع نواحي ومجالات قوتنا.
الأمر الذي يحتاج أن نستمد من تاريخنا ما يغنينا عن ملاقاة الصعاب والتحديات في الوقت الحاضر والمتمثل في توحيد الصف والترفع عن كل ما يعكر الصفو بين قادة المنطقة أصحاب اللون واللهجة الواحدة، والاصطفاف وراء قادتنا وأن نترك الشائعات التي لا تغني ولا تسمن ولا تروي من عطش، وان نتحرى الدقة في كل ما يقال وخاصة في موضوع سد النهضة؛ فلا قادتنا عثمانلية ولا مماليك ولا قوات أجنبية ؛ وإنما هم أبناؤنا وابائنا واخوتنا وحريصين على حقوقنا كما نحن حريصين عليها وأكثر.