"ذكرياتنا لم تحجب".. ماسة السردي طفلة تمحي جرائم المحتل في شوارع غزة بالعزف على العود

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تعهَّدت ماسة السردي، مسَك عودها طيلة فترة الحرب التي شهدها قطاع غزة واستمرت لأحد عشر يومًا، مجابهة أصوات الغارات بعزَفها، تلبية لِرغبة والدها، كلما أراع الخوف قلبها، حتى دخلت الهدنة حيز التنفيذ، واِنبثق صباح الحادي والعشرين من شهر مايو الجاري، فهرولت للتفقُّد مدينتها، التي أربكتها، استدارت حول ركام البنايات المدمرة "قعدت أعزف نشيد موطني حتى أنسى الخوف والوجع.. وكل ما اتلفت حواليا وبشوف الدمار قلبي بنكسر وبصير بدي أبكي.. لكن صوت إخوتي والأطفال الراكضين وراي كان يحمسني كتير فقررت النزول كل يوم"، لتبعث للعالم رسائل مملوءة بالبهجة والسلام وتعرية جرائم المُحتل بحق المدنيين.






وظَبت ابنة الـ (14 ربيعًا)، على الخروج مع أهلها وأصدقائها، لنظافة شوارع غزة، على أنغام السلام الوطني الفلسطيني، وألحان الملحّن المصري سيد درويش، ضمدَ عزفها جراح النسوة- اللائي فقدن بيوتهن- تُبهجها ابتسامتهن، التي تؤكد أن ذكرياتهن الجميلة لم تحجب، ولن ينكل بهن المُحتل، تبصَّر لشقيقتها الأكبر، متذكرة حديث والدها، بعد ندمها على خروجها أول يوم الهدنة "رح ترجع غزة احلى من قبل.. ولازم نتعود هاد مش أول حرب نعيشها.. هو بطمني بس كان خايف علينا وكان حزين على الوطن.. وبس أعزف يفرح شوي". 








صقلت الحروب المنصرمة شخصية الطفلة الفلسطينية، حتى كانت مُوكلة من والدها بمهمة إحصاء أعداد الشهداء، لرفع الوعي لديها، ومقاومة الظلم بسلاحها من مكانها. شحذ ذهنها "القصف بكل مكان تركنا غرفنا وقعدنا كلنا في مكان واحد عشان لو صار قصف نموت كلنا.. أول ٥ أيام من الحرب ما كنا بنام أنا كنت اضلني صاحية وقاعدة جنب ماما وماسكة فيها.. ولما تيجي الطيارة كنت اسكر داني وماما تحط ايديها على داني عشان صوت القصف وبعدين من التعب صرت اغفى.. بس مش كتير عشان صوت القصف كان يصحيني عطول وبعدين صاروا يقصفوا عشوائي.. هنا قلنا اكيد رح نستشهد وما في مكان نهرب عليه لانه غزة كلها تحت القصف".







ما برِح تفاصيل حرب غزة عام 2014، والتي استمرت 50 يوما، محفورة في ذهن السردي " كنت رح أموت اجت قطة جيرانا عنا وخفت عليها من كلبي رحت ارجعها وصار القصف جنبي وبعدين بطلت احكي من الصدمة فكرت اني متت.. وكان عيد برضو وكنت لابسة أواعي العيد.. صوت القصف مرعب وكمان كان لما يقصفوا قريب من بيتنا كان يطير علينا شظايا"، وهو ما أثر على الحالة النفسية للطفلة في الحرب الأخيرة- التي أسفرت عن مقتل 254 شخصاً بينهم 65 طفلاً وإصابة أكثر من 1900 بينهم عشرات الأطفال، وأدى إلى تدمير 1500 وحدة سكنية بشكل كامل- تعاسر الليل عليها حتى اليوم "هله أي صوت بسمعه بفكره صاروخ حتى لو صوت سيارة.. بضل اصحى من النوم مفزوعة بفكر عود القصف".







تطمح الطفلة الفلسطينية، التي تأثرت كثيرًا بالفن المصري، لاسيما بسيدة الغناء العربي، كوكب الشرق أم كلثوم، والتي توجت صورتها عودها، بفرصة خارج حدود غزة "هله صعب لانه احنا محاصرين"، مُكتفية برسم الإبتسامة على أبناء وطنها في الوقت الراهن "عندي إيمان رح أوصل لهدفي"، خاصة مع دعم والدها، الذي يدعمها طوال الوقت، وقام بتسجيلها في معهد الموسيقى "علمني اسمع عبد الوهاب والأغاني المصرية القديمة من وقت ما كنت بمصر وانا صغيرة". برغم تمسكها بهوايتها، إلا انها تأمل أن تكون طبيبة بيطرية لتعلقها بالحيوانات "ما بتقدر تشتكي وجعها.. متل حالنا كفلسطينيين نضل نخرج من وجعنا في صمت".