أخطر تحقيق صحفى من داخل المصحات النفسية.. الزوجات المغتصبات يروين ساعات الذل والألم

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


«صباح» تعالج الاكتئاب منذ عامين بعد فقدان رحمها.. أسرة «مروة» تنقذها من الانتحار ٥ مرات وتضطر إيداعها بمستشفى لمدة ٦ أشهر  

«شيرين» تصاب بمرض معوى بعد اغتصابها من زوجها السلفى مع ضرتها 

حالة من الجدل اجتاحت المجتمع خلال الفترة الماضية، حول قضية «الاغتصاب الزوجى»، خاصة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وسط تداخل فى الأطروحات بين الجمهور الملتف حول القضية سواء مع رأى الدين أو القانون، لكن الجميع كان على قلب رجل واحد من الناحية الإنسانية، وأن تلك القضية تعد «جُرما كبيرا»، كونها تسلب من يتعرض لها حقه فى الاختيار فى ظل الاعتراف التام بأن التعامل بأى شكل من أشكال العنف يعد جريمة غير مأمونة عواقبها.

وخلفت تلك الإثارة فى الطرح تضاربا بين البعض بشأن مشكلة الاغتصاب الزوجى وسط تعاطف كبير مع المرأة التى تتعرض لهذا النوع الانتهاك، ووصل بها التأثير النفسى للجوء إلى مصحات ومستشفيات نفسية للعلاج من آثار الجرم الذى تعرضت له من زوجها، «الفجر» تواصلت مع أطباء نفسيين لرصد حالات لسيدات عانين من الاغتصاب الزوجى، وطريق العلاج اللاتى سلكناه.

وأكد مصطفى درويش معالج نفسى بإحدى المصحات النفسية، أن الأثر النفسى على المرأة يصعب علاجها بسهولة، حيث يتم التعامل مع الحالة فى البداية طبيًا لمعالجة كل الآثار الجسمانية، وبعدها نبدأ العلاج النفسى وأغلب الحالات تعانى من الاكتئاب واضطراب فى الشخصية، وفقدان الثقة بالنفس والانعزال والميل إلى إيذاء النفس وكره الذات وتأنيبها.

 ومن داخل إحدى المصحات النفسية بمنطقة ٦ أكتوبر تجلس «صباح» -اسم مستعار- وسط مجموعة من السيدات لتحكى عن معاناتها مع مرض «الاكتئاب» لمدة عامين ماضيين، وكان السبب الرئيسى فى مرضها عنف زوجها الجنسى معها حتى وصل الأمر تعرضها لنزيف عدة مرات دون شعور منه بأى ذنب، وحاولت التفاهم معه بأن العلاقة تحتاج إلى بعض اللين إلا أن المخدرات التى كان يتعاطاها تفقده إدراك أفعاله، وفى الشهور الأولى من حملها طلبت منها طبيبة النساء أن تمنع العلاقة الحميمية حفاظًا على ثبات الجنين.

 وعندما حاولت «صباح» إقناع زوجها، قام باغتصابها لمدة ثلاثة أيام وتعرضت لنزيف مستمر ورفض ذهابها للطبيب، وبعد علم أهلها، ذهبت للمستشفى ودخلت على الفور لغرفة العمليات وفقدت الجنين ورحمها بسبب النزيف الشديد، وقامت بخلع زوجها، إلا أن الآثار النفسية التى تركها عليها الاغتصاب لم تستطع التخلص منها حتى الآن فى كوابيسها ودموعها كل ليلة، و انعزالها عن العالم وعدم رغبتها فى التعامل مع أى شخص بعد صدمتها، ولجأت للطبيب النفسى الذى وجهها لمصحته الخاصة وتخضع لعلاج الاكتئاب الحاد.

   من جانبه كشف جمال فرويز استشارى الطب النفسى، عن وجود الكثير من الحالات الخاصة بالاغتصاب الزوجى مبينا أنه علميا يسمى «عنف» زوجى، وأشار إلى أن غالبية الحالات يكون أصحابها من السلفيين والمتشددين دينيًا بسبب طبيعة شخصيتهم المتشددة التى ترفض عدم طاعة الزوجة وتقابلها بالعقاب.

وتابع أن تلك العلاقات تعتبر «شاذة» يحتاج أصحابها لتغيير فى الثقافة المجتمعية لأن الأفكار لديهم مبنية على أن الزوجة هى الطرف الأضعف وعليها أن تلبى طلباتهم أيا ما كانت.

وقال فرويز إنه صادف حالة لامرأة تدعى «شيرين» تزوجت من شخص سلفى وكان زوجها يجبرها على إقامة علاقة جنسية جماعية مع زوجته الثانية مشددا على أنها وافقته كونها لم تستطع الرفض خوفًا على حياتها الأسرية، وكان يمارس معهما العنف فى العلاقة الحميمية، ويضربها فى حال اعتراضها على أى شىء.

وأشار إلى أنها فى إحدى المرات أصيبت بمرض معوى بسبب حالتها النفسية، جعلها تنقل للمستشفى وما أن عادت طلبت الطلاق على الفور والعودة لمنزل أهلها، متابعا أنها عانت بعدها من اكتئاب حاد وتم علاجها على عدة جلسات وعادت لممارسة حياتها الطبيعة بمفردها.

«سيبونى أموت وارتاح» كلمات ترددها «مروة» مع كل محاولة انتحار فاشلة فى محاولاتها الخمس تتدخل فيها أسرتها لإنقاذها، بعد أن وصل معها العنف الزوجى أو الاغتصاب الزوجى إلى حد التفكير فى الانتحار، وكان يصاحبها عنف بدنى وتنمر من جانب الزوج، ولجأت أسرتها للطبيب النفسى بعد محاولتها الانتحار، بسبب إحساسها بالدونية، خاصة أنها كان لديها مركز اجتماعى مرموق ولكن لا يقدرها زوجها.

وقرر الطبيب المعالج إيداعها بمصحة نفسية للعلاج لعدة أيام، لافتا إلى أنها كانت مضغوطة بشكل كبير وعندما فكرت فى الانتحار وتحدثت مع بعض المقربين لإنقاذها من أزمتها تعللوا بأنه زوجها ويحق له أن يفعل ما يشاء وهو ما زاد الضغوط عليها، وأمر الطبيب بعلاج الزوجين معًا بالمصحة كشرط لاستكمال حياتهما الزوجية، وتلقيا العلاج لمدة ٣ أشهر بالمصحة وتخلصت من الميول الانتحارية.