د. بهاء حلمى يكتب: جواز سفر كورونا وحقوق الإنسان

مقالات الرأي

بوابة الفجر



اتفقت دول الاتحاد الأوروبى على قواعد جديدة لإجراءات سفر واستقبال المسافرين من دول العالم المختلفة تحت تأثير التدابير الاحترازية للوقاية من فيروس «كوفيد ١٩».

إذ يشترط وجوب حصول كل مسافر إلى أى من دول الاتحاد الأوروبى على جواز سفر كورونا الإلكترونى الذى أطلق عليه (الجواز الأخضر).

يتضمن هذا الجواز تاريخ ونوع التطعيم، وبعض المعلومات الخاصة كسابقة الإصابة بالفيروس والشفاء منه والمضاعفات والحالة الصحية العامة.. وغيرها من البيانات الشخصية الأخرى لكل مسافر.

وتضمن الاتفاق أيضا بجانب جواز سفر كورونا الموحد حرية اتخاذ الدول الأوروبية ما تراه من إجراءات ضرورية أخرى للوقاية من الفيروس دون الالتزام بمبدأ السياسة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبى، والسماح لكل دولة بوضع الإجراءات الوقائية اللازمة والخاصة بها كما تراها بجانب وثيقة السفر الإلكترونية الموحدة، وذلك لعلاج الخلافات القائمة بينهم، وهذا الأمر يذكرنا بالخلافات الأوروبية العميقة الناشئة بشأن اللاجئين.

لقد أعلنت المفوضية الأوروبية للشئون الداخلية أن جواز السفر الإلكترونى الخاص باللقاحات المضادة لكورونا التى حصل عليها المسافر والمعتمدة لدى دول الاتحاد الأوروبى ستكون وفق اعتماد وكالة الأدوية الأوروبية التى اعتمدت أربعة لقاحات مضادة لفيروس كورونا وهى (فايزر/بابو نتيك-موديرنا-استرازينكا-جونسون اند جونسون)، ولم تعتمد اللقاحين الصينى والروسى حتى الآن رغما من موافقة منظمة الصحة العالمية على تلك اللقاحات، وتعاقد أكثر من سبعين دولة من دول العالم على تلقيح مواطنيها بتلك اللقاحات.

مما يعنى رفض الدول الأوروبية استقبال القادمين إليها من دول العالم المختلفة لعدم حصولهم على اللقاحات الأمريكية أو الأوروبية تحديدا، وإعادتهم إلى الجهات القادمين منها.

يبدو أن عدم قبول أى دولة للقادمين إليها ممن لم يحصل على أى لقاح من أى نوع هو تمييز مقبول إلا أن سماح دول الاتحاد الأوروبى بدخول أشخاص معينين ممن حصلوا على تطعيم أو لقاح بعينه لأراضيها دون غيرهم، يُعد أداة للتمييز العنصرى الواضح والمعلن، وانتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة ومواثيق واتفاقيات وصكوك حقوق الإنسان وعلى رأسها الميثاق الأوروبى.

أضف إلى ذلك أن دول الاتحاد الأوروبى تضع صحة الإنسان وحمايته من الأمراض ضمن قائمة التجارة المشروعة التى تتربح منها شركات غربية بعينها دون اكتراث بأى مبادئ أو قيم إنسانية. كما أنها ترسخ للحد من حرية انتقال الإنسان من مكان لآخر بشكل تمييزى وعنصرى.

ألم يكتف الغرب بممارسة سياسيات حرمان سكان الأرض من الفقراء والمرضى من اللقاحات التى قد تحمى الإنسانية من الهلاك فى الوقت الذى يدعون فيه حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.... أى حقوق إنسان يتحدثون عنها؟

إن العدالة والإنسانية تقضى ضرورة الأخذ بما يصدر عن منظمة الصحة العالمية سواء كانت من ناحية اللقاحات المعتمدة أم من ناحية الإرشادات وتعليمات السفر والانتقال بين البلاد المختلفة.

على الغرب إعادة النظر فى تغيير النهج العنصرى والالتزام بالعمل بما يتوافق مع ميثاق المنظمة الأممية وحقوق الإنسان وعدم التمييز العنصرى بسبب الدين أو العرق أو اللون أو أى سبب آخر كالتطعيم بنوع محدد من اللقاح دون غيره من اللقاحات.

يثار التساؤل هل سيتم منع الدبلوماسيين وبعثات الدول المختلفة والمستثمرين والسياح الأجانب ممن حصلوا على لقاحات صينية أو روسية من دخول أراضى الدول الأوروبية فى الوقت الذى تحتاج فيه الأخيرة إلى تحقيق نمو وانتعاش اقتصادى ورواج سياحى وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية.

إن سياسات التمييز والعنصرية ستسقط.. وسوف تتغير موازين القوى فى العالم لا محالة.