كيف يتم تدريس العلوم الشرعية فى الجمعيات الأهلية؟

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



المناهج من كتب ابن تيمية.. و«فك الخط» والنقاب شرطان للالتحاق بها

رغم نص الدستور المصرى فى مادته السابعة على أن الأزهر الشريف هو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، إلا أن هناك من يرى غير ذلك، ويحاول أن يجعل للأزهر شريكا يقدم العلوم الدينية للعامة دون رقيب من خلال معاهد دينية لا يعلم أحد عنها شيئا.

هذه المعاهد التى تتبع بشكل مباشر وزارة التضامن تدعو مناهجها للتطرف والتشدد، والأدهى من ذلك أن من يقوم على التدريس أشخاص غير مؤهلين دينيا أو فقهيا، وأغلبهم لم يدرس من الأساس فى الأزهر، الفجر حققت من داخل هذه المعاهد للكشف عن تفاصيل المناهج التى تدرس وكيفية شرحها، والقائمين على تدريسها.

البداية فى معهد «عمار» تدرس الفتيات مواد الفقه والشريعة وأصول الدين، حيث تحصل الفتاة بعد أربع سنوات من الدراسة على شهادة «إيجاز» فى علوم الدين تستطيع من خلالها التدريس فى نفس معهد أو معاهد أخرى، فبعضهن يصبحن «واعظات» بأحد المساجد، أو يمكنهن التدريس بالمدارس الخاصة التابعة للمعهد.

تشرف على المعهد السيدة أم عمار أو الملقبة بـ «أم المهاجرة» بين سيدات وفتيات المعهد، اسمها الحقيقى جيهان الشحات، حاصلة على ليسانس آداب قسم لغة عربية، ويقال أنها تعلمت الفقه والشريعة على يد كبار الشيوخ.

كانت بدايتها فى مسجد التوحيد بمنطقة المعتمدية التابعة لمركز كرداسة، لتعليم الأحاديث الدينية فى الفقه والشريعة، بعدها بدأت فى تأسيس معهد «عمار» بالمعتمدية التابع لجمعية أهل الكتاب والسنة «مشهرة برقم ٩٨٥»، تم توالت الفروع فى بولاق الدكرور وفيصل والمهندسين ومدينة ٦ أكتوبر، وتعمل الآن على بناء أكبر مجمع معاهد «لأهل السنة بمصر» فى عزبة ماهر بطريق القناطر.

لا يشترط المعهد على الفتيات المقبولات للدراسة إجادة القراءة والكتابة، بل المدهش أنه يفضل الفتيات غير الحاصلات على مؤهل دراسى، والقائمون على التدريس بالمعهد سيدات وفتيات حاصلات على شهادات فى الفقه والشريعة والتفسير من نفس المعهد.

وفى محاولة لكشف ما يدرس بالمعهد من مواد دراسية، وحقيقة شهادة الإيجاز التى تحصل عليها الفتيات، قالت زهراء عبد الصبور -تعمل مدرسة بالمعهد منذ عامين بعد أن تخرجت منه- إنها لم تحصل على مؤهل دراسى قبل الالتحاق بالمعهد، حيث تركت المدرسة وهى بالمرحلة الإعدادية، فكان معهد «عمار» الفرصة الوحيدة لاستكمال دراستها بعد أن تجاوزت الثلاثين من عمرها.

علمت «زهراء» بشأن المعهد من خلال إحدى حلقات «أم عمار» بمسجد الإخلاص ببولاق الدكرور، والتحقت به وبعد دراسة أربع سنوات، تعمل الآن مدرسة التربية الدينية بالمدرسة السنية الخاصة بالداعية السلفى محمد حسين يعقوب.

كشفت «زهراء» عن أن جميع معلمات المعهد لسن من خريجات الأزهر، لكن لديهن من العلم فى الدين رغم حصول بعضهن على مؤهلات متوسطة ومنهن أيضا بدون مؤهلات، لكن حصلن على شهادة فى الفقه والشريعة من المعهد، وأصبحهن معلمات فى علم الدين بالمساجد والمدارس والمعاهد الدينية.

وأضافت :»أن تعليم الدين ليس حكرا على الأزهر، فهناك علماء دين لديهم من العلم ليس فى شيوخ الأزهر، كما أن المعهد يقدم شهادات إيجاز فى الفقه والشريعة وأصول الدين وحفظ القرآن والتفسير والتدبر وكل فرع يدرس فيه علم من علوم، لا يتطلب سوى صورة من البطاقة الشخصية فقط».

ومن خلال جولة داخل أحد مقرات المعهد بالحى السابع بمدينة ٦ أكتوبر، والمعروف بمعهد السوريين، التقينا إحدى السيدات التى كشفت عن وجود مشايخ سوريين يدرسون للأطفال السوريين والمصريين، مضيفة أن المعهد بدأ منذ عام بعد أن أغلق الأمن جميع المعاهد الدينية للسوريين فى مدينة ٦ أكتوبر لأنها غير مرخصة، مؤكدة أن جميع الفتيات والأطفال يدرسون بالمعهد وأن عدد الفتيات المصريات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.

يتكون المبنى من طابقين الدور العلوى مكان خاص بالمعهد، أما الأرضى فهو حضانة للأطفال وفى نفس الوقت تحفيظ القرآن والدروس الدينية للأطفال، بالداخل كانت تجلس فتاة فى العقد الثالث من عمرها، تدعى سمر بدر-معلمة بالمعهد- أوضحت أن المعهد يدرس الفقه والشريعة لكبار الشيوخ منهم الشيخ عبد الكريم زيدان وعبد القادر الأرناؤوط.

وأضافت أنه :»بعد الدراسة بالمعهد ٨ فصول سوف تشعرين بفرق كبير بمجرد أن تحصلى على شهادة إيجاز فى الفصل الأول، وبعد انتهاء الدراسة ستصبحين معلمة بأحد المعاهد الدينية التابعة لنا سواء هنا أو فى سوريا أو السعودية أو الكويت».

1- معهد سيدات المعتمدية لتعليم الدين

أما معهد معلمى القرآن الكريم للنساء بالمعتمدية فهو لا يخضع لأى جهة رقابية بالدولة، وبالبحث عن هويته، تبين أنه تم تأسيسه على يد مجموعة من السيدات المنتقبات المقيمات بالمعتمدية، على رأسهن السيدة نرجس بدر الدين، بعد أن كن يتجمعن بأحد المساجد القريبة من مقر المعهد حالياً، حيث فوجئت السيدات اللاتي كن يذهبن لتلقى الدروس الدينية بالمسجد بأن الدروس انتقلت لمكان آخر ليصبح مع الوقت مقرا للمعهد.

المدهش فى الأمر أنه بالرغم من أن المعهد يقع داخل ممر صغير بجوار مسجد تابع لوزارة الأوقاف، إلا أنه لا أحد يتساءل عن الجهة التى يخضع لها المعهد والذى يتردد عليه مجموعة من السيدات والأطفال من سكان المنطقة، ومدة الدراسة به من عامين لأربعة أعوام، لدراسة التفسير وتدبر القرآن والفقه، وفى محاولة للتعرف على شروط الالتحاق بالمعهد، قالت لنا مديرة المعهد نرجس بدر الدين، إن الشرط الأهم الالتزام بارتداء النقاب كشرط أساسى للالتحاق به.

كما كشفت «سهام» معلمة بالمعهد، أنه :»من شروط الالتحاق بالمعهد إجراء مقابلة مع لجنة مكونة من ثلاثة مشايخ، لتتعرف على معلوماتك فى الدين»، مضيفة أن: «الواعظة لابد أن تكون قدوة للسيدات والفتيات لذلك كل السيدات هنا منتقبات».

2- معهد الهدى للقرآن الكريم وعلوم الشريعة 

يقع المعهد بمنطقة الهرم وتعمل على إدارته السيدة هدى جوهر، وفى محاولة لكشف طبيعة المواد التى تدرس بالمعهد قالت زينب عويس-معلمة بالمعهد- :»نجحنا فى تعليم العديد من السيدات والفتيات اللاتى لا يجدن القراءة والكتابة، كما أن المعهد يضم عددا كبيرا من المعلمات المتقنات لعلوم الدين»، مضيفة :» يتم تعليم القراءة والكتابة عن طريق حفظ القرآن الكريم، وبعد إجادة القراءة والكتابة نبدأ مرحلة تعليم المناهج الدراسية فى علوم تفسير القرآن والفقه».

وأوضحت زينب أن مدة الدراسة بالمعهد ما بين عامين لثلاثة أعوام، بعدها تحصل السيدة على شهادة فى «الدعوة»، كاشفة عن أن المعهد لا يشترط أن تكون المعلمة خريجة الأزهر.

3- جمعية أهل الكتاب والسنة 

بالوصول إلى الشيخ على الطهطاوى، رئيس جمعية أهل الكتاب والسنة، والذى يمنح ترخيص أغلب هذه المعاهد، ويقوم بتوقيع شهادات الإيجاز لطالبات المعاهد، تبين أنه أستاذ الأحاديث بجامعة الأزهر، وله عدد من المؤلفات أبرزها «دليل المسلمين شرح رياض الصالح».

فى البداية رفض الحديث معى حتى علم أننى من طرف «أم عمار» صاحبة معهد «عمار»، وأن لدى معهدا جديدا وأرغب فى التعاون معه، وبعد أن علم بمكان المعهد واسمه، رد متسائلا: «هل أخبرتك أم عمار بمطالبنًا؟»، فأجبته :»لا ممكن أعرف مطالب حضرتك إيه؟»، ليرد الشيخ:» إنتى وقعتى فى إيد أمينة، مطلوب ٢٠ ألف جنيه و٥٠٠ جنيه اشتراك شهرى، فنحن نقدم لكل المتعاقدين معنا ضمانات الأمان، حيث نضمن لك عدم تردد أحد على المعهد من أى جهة حكومية طالمًا التعاقد مع جمعية أهل الكتاب والسنة، فنحن أهل ثقة للجميع»، مؤكدًا أن الجمعية مرخصة من الأوقاف والأزهر ووزارة التضامن، كجمعية لتعليم الدين.

وأضاف أن الجمعية تمنح رخصة للمعاهد الدينية طالمًا الهدف دينى فقط بعيدا عن أى أهداف سياسية أو حزبية أو بعيدا عن الطرق الصوفية الذى وصفهم بـ «أهل البدع والخرافات وأصحاب العمائم المزيفة».

4- رسالة إلى وزارة التضامن 

ما سبق يؤكد أن هذه المعاهد بؤر لنشر التطرف، فالنقاب شرطهم للالتحاق، وابن تيمية مرجعهم فى التدريس، ويعتقدون أن الالتحاق بالأزهر ليس ضرورة لتقديم العلوم الشرعية، ومن ثم تتحول هذه المعاهد إلى قنابل موقوتة تنفجر فى أى وقت بالفكر المتشدد الذى طالما عانت منه مصر خلال الفترة الماضية.

بالتأكيد أن وزيرة التضامن نيفين القباج تعمل بكل طاقتها من أجل البلد، ونحن هنا حاولنا أن نسلط الضوء على بعض البؤر التى تساهم فى نشر الفكر المُتشدد دون أدنى رقابة، أملا فى أن تتدخل الوزيرة لوقف هذه المهزلة للحفاظ على الأجيال المقبلة.