"بنعوض أصدقاءنا بطقم العيد ".. التكبيرات ترسم ملامح صمود أطفال غزة أمام الاحتلال في أول أيام الهدنة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


دنَت الساعة من الثانية صباحًا، كل شىء في المنزل مرتبًا وعلى تأهب، لبدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار غير المشروط في قطاع غزة، صمتٌ رهِيبٌ، يكسر حدته رنين العقارب، ويعلو معها صوت حسام عبد الجليل بالتكبيرات، تهَللت دموعه، وخر ساجدًا على الأرض، حاضنًا أطفاله "هلقيت عيدنا بدا.. من المغرب ولدنا لابسين الأواعي ومزبطين حالهم ينزلون الشارع يحتفلون بانتصارنا على الإسرائيلين.. وإمي لبست القمباز وبإيدها الحلوى.. والكعك.. فهاد عيد وطني جديد"، يقولها صاحب الشاب الفلسطيني، وهو يحاول يلهو مع نجله الأصغر، محاولاً كسر خوفه من غدر الاحتلال، في هذا التوقيت.






تصدح مِئذنة المسجد المجاوِرة لصاحب الـ(30 ربيعًا) بتكبيرات العيد، وتدبَّ الحياة من جديد في معسكر جباليا شمال القطاع "الدم انتصر على السيف..وعايشين فرحة كبيرة الشارع إللي مليانه طرقاته كسر كلها مسيرات تئول إننا شعب بحب الحياة.. الأطفال بيرقصوا وصوت الألعاب النارية غطت السما ورسمت فرحتهم لتبدل خوفهم في الـ 11 يوم من العدوان"- خلف 232 شهيدا بينهم 65 طفلا و39 سيدة و17 مسنا، ومقتل 12 إسرائيليًا وإصابة المئات، بجروح مختلفة وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في أحدث إحصائية لها-.






لا يجِف للشاب الفلسطيني له ريق، كلام مُستساغ عن فرحة عائلته، ليتوقف برهةٍ متحدثًا عن آلام جيرانه الذين فقدوا بيوتهم، والعديد من أبنائهم "زورناهم في الصباح ئولنا نعايدهم ونشوف لو محتاجين اشي أو ناقصهم اشي ونساعدهم ونوقف معاهم.. هدولة دفعو تمن نصرنا اليوم وكل هادي الفرحة من حقهم قبلنا"، أثقله النوم ولكنه قاوم لمواصلة زياراته للأقارب والأصدقاء "كنا محرمين من بعض ولقائنا هاد مختلف.. نحاول ندعم نفسنا ونقوي روحنا بدناش نضل نبكي على حالنا.. كافي هادي الليلة صعبة على إسرائيل"، لاسيما بعد اعتراف أعضاء الكنيست الإسرائيلي بأن هذا القرار أمرًا محرجًا وعار على إسرائيل.






دقائق معدودة مرت على حالة عبد الجليل، حل مكانها الابتسامة بعدما طلب منه نجله الأكبر إهداء طقمًا من ملابسه الجديدة لصديقه الذي فقد جميع أغراضه في اليوم الخامس من العدوان على غزة- والذي دمرت 1800 وحدة سكنية، بالإضافة إلى تدمير مدارس ومصانع ومنشآت اقتصادية، ومحلات تجارية- "هكذا تربت أطفالنا وهاد الاشي بيؤكد إننا انتصرنا والعالم عرف كيف يفكر الشبل الفلسطيني وأبهر العالم بصموده وحبه لأخيه". 






عاد الشاب الفلسطيني مع دقات الساعة العاشرة صباحًا إلى منزله، ليأخذ واجبات الطعام لأصدقائه وجيرانه، بعد إعداد زوجاته له، تنهمك "صهيله"-اسم مستعار- في عملها ولا تزال شاردة الذهن مشتتة الفكر"بدي اطمن على أهلي وأزورهم متل كل عيد..قلبي بيضل عندهم نزحوا في مدارس وكالة الأونروا بس بنطمن بالجوال.. هاد حظ الفلسطينيين فرحتهم ما تكمل جرحنا لسا بينزف.. بس الله كبير ووعدني زوجي بزيارتهم"- وقد نزح عشرات الألاف من الفلسطينيين في قطاع غزة إلى مدارس الأونروا لإيجاد مكان أكثر أمانًا مع استمرار القصف الإسرائيلي على بلدات وأحياء القطاع وتدمير مئات المنازل-. لم تخطو قدم الزوجة الشارع بعد "بديش أشوف دمار الحرب اللي محتاجين 10 سنوات على تعميرها اقل اشي لتبدأ ترجع متل ما كانت.. وبشوف الفرحة بعيون عيلتي وكل فلسطين"، من خلال تصفحها لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.