"خرج يشتري لبس العيد فرجع بالكفن".. "الفجر" تحاور أسرة قتيل "ركنة العربية" ببولاق الدكرور (فيديو وصور)
"حاول الدفاع عن والده، فقُتل بثلاث طعنات غادرة".. هذا هو ملخص مأساة "محمود"، الذي يبلغ من العمر 16 عاما، ويعيش في صفط اللبن ببولاق الدكرور في محافظة الجيزة، حيث أزهقت روحه على يد حارس عقار، بسبب "ركنة عربية"، ودفاعه عن والده المسن، وذلك عندما حصل من والده على مبلغ من المال وذهب وهو سعيد وفي فرحة كبيرة لشراء "لبس العيد"، وعندما نزل إلى الشارع كان القدر في انتظاره لينهي حياته ومستقبله.
عندما نزل "محمود" وجد مشادة بين والده وبين حارس العقار بسبب "ركنة العربية"، فصعب عليه أن يرى والده المسن يتشاجر وهو غير قادر على الشجار، فتدخل ليدافع عنه، وحدثت مشادة بينه وبين حارس العقار، تطورت إلى مشاجرة فاعتدى البواب على "محمود" بسلاح أبيض، لينهي حياته، بثلاث طعنات سددها إلى الضحية، ولم يتركه إلا عندما سقط قتيلا، ثم أخذ أهله وذويه وهرب بعيدا عن المنطقة، بينما تطارده قوات الأمن ودماء وحق القتيل أيضا.
انتقلت محررة "الفجر" لمنزل الطفل "محمود" البالغ من العمر ١٦ عاما بعد قتله على يد حارس عقار بسبب دفاعه عن والده بعد تعدي المتهم عليه لركنه سيارته أسفل العقار بمنطقة صفط اللبن ببولاق الدكرور.
والدة الطفل: كان السند والأمان
بكلمات حزينة وعيون تنهمر منها الدموع، جلست والدة الطفل المقتول تتذكر هذا الحادث المؤلم الذي حدث قبل أيام عيد الفطر المبارك، ففي البداية قالت الحاجه "فاطمة" والدة الطفل"محمود"، إن نجلها كان الشقيق الأوسط لأشقائه وكان طالب في المرحلة الثانوية (في العام الثاني للثانوي السياحي)، كان مصدر السعادة للمنزل والسند والأمان لنا برغم صغر سنه ولكن كان والده معتمد عليه في كافة شئون المنزل، ولكن كل هذا فجأة اختفى كالرياح، "راحت ضحكتنا".
وتتابع والدة الطفل في حديثها إلى "الفجر"، كعادته مع استقبال أيام العيد (عيد الفطر المبارك) كان يذهب "محمود" مع أصدقائه لشراء ملابس العيد، ولكنه لم يهنأ وتحول العيد لمأتم، قبل حدوث الواقعة بدقائق بسيطة، كان يتحدث معي بفرحة بالعيد، ولكن القدر له رأي آخر.
يوم الواقعة كان نازل يشتري لبس العيد
صمتت قليلًا لتزيل دموعها من على خديها، وتضيف والدة "محمود"، في يوم ال ٢٧ من رمضان يوم الحادث المأساوي، في حدود الساعة (الرابعة قبل الإفطار)، كنت عائدة من عملي وقابلت "محمود" وأبلغني أنه سيذهب مع أصدقائه لشراء ملابس العيد، ولشراء ملابس لذهابه لمصيف في إجازة العيد، أعطيته نقودًا لشراء ما لديه، وكانت آخر كلماته "محتاجه حاجة يا أمي"، وكانت بمثابه وداعه الأخير.
وتستطرد والدة الطفل، أنه في غضون دقائق، وسمعت صوت صراخ في الشارع لا تعجب ماذا يحدث وبنظري للشرفة وجدت لم أكن متوقعاه في هذه الأيام المباركة، وجدت زوجي "رؤوف محمد" ونجلي "محمود" يتشاجروا مع حارس عقار لأحد أبراج الشارع بحي صفط اللبن.
"حارس العقار مسك في رقبة جوزي"
وتصف والدة "محمود"، ما حدث في هذا اليوم المشؤوم، قائلة: "كان بواب أحد العمارات ويدعى (أبو عبدالله) يمسك زوجي من رقبته، لكي يذهب بالتاكسي الخاص، وقاله مش هتركن هنا، المكان دا بتاع حد تاني"، ليبلغه زوجي "أنا ساعة ونازل"، رفض الحارس كلامة، وقبل أن ينزل زوجي من التاكسي، أمسك في شجاره من رقبته، لكي يتحرك بالتاكسي بعيدًا عن هذا المكان.
الحارس أصيب بـ٣ طعنات
وأضافت: "ابني محمود عندما نزل وجد حارس العقار (أبو عبدالله) 52 سنة، مسك في رقبة جوزي، فجري عليه ابني وسأله: مالك يا بابا، فرد عليه: هو عايز يمشيني، فأخرج حارس العقار مطواة وطعنه في البداية طعنة في جنبه، ثم طعنة أخرى تحت القلب، و(لف المطوة في جسمه)، والطعنة الثالثة أصابت ذراع ابني".
"مكنتش فاكره إنه ابني"، تضيف والدة الضحية: "لما نزلت الشارع لقيت لمة كتير، افتكرت إنها مجرد خناقة، ولما لقيت ابني، حاولت أنقذ ابني وأخذته إلى المستشفى، وحاولنا إسعافه هناك، ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة".
كان بيراضي الحارس ويدفع له فلوس
"إحنا ناس في حالنا"، وأضافت والدة الضحية: "إحنا منعرفش حارس العقار، ونعيش في حالنا، ولا نفتعل المشاكل مع أهالي المنطقة، وزوجي يركن السيارة في جراج آخر، وحتى عندما يضطر إلى ركن السيارة في هذا الجراج عند هذا الحارس، فإنه كان يدفع له فلوس ويراضيه، ولا يركن أكثر من نصف ساعة أو ساعة".
كان يريد أن يصبح لاعب كرة
تتنهد السيدة المكلومة، وتستعيد ذكرياتها مع فلذة كبدها، وتقول: "كان يتمنى أن يصبح لاعبا لكرة القدم، مثل أخيه الأكبر، ورغم أنه الطفل الأوسط إلا أننا كنا نعتمد عليه مثل الرجال الكبار، و"يصلح لنا المروحة أو التاكسي أو أي شيء".
وتابعت مستعيدة الذكريات مع ابنها المقتول، قائلة إنه في أحد المرات ذهب ليعمل في أحد الأماكن، فوجد صاحب العمل له سلوك غير جيد، فعاد إلي وقال لي: "أنا مش عايز أكمل في الشغل، وأخد فلوس حرام"، فأجبته وقلت له: "أنا ربيتك صح، وأنت بجد راجل، وفخورة بيك عشان انت عارف الحلال من الحلال من الحرام".
وأشارت إلى أن نجلها كان يحب لعب كرة القدم، ولذلك انضم إلى نادي "السد القاهرة"، ليمارس هوايته، مثل شقيقه الأكبر ويكون "حريف" ولاعب شاطر، مشددة على أنه كان "بيدلعها"، ويسأل دائما عما تحتاجه، وهل تحتاج شيئا ما من الشارع ليشتريه لها.
نفسي تبقى نهايتي زي الشيخ الشعراوي
وكشفت أن نجلها قبل وفاته سمع قصة وفاة الشيخ الشعراوي، وأعجب بنهايته، وقال لها: "الله يا ماما أنا نفسي نهايتي تبقى زي نهايته"، لافتة إلى أنه كان يقرأ القرآن طوال شهر رمضان.
الأم تطالب بالقصاص لدماء ابنها
وحبست الأم دموعها وهي تتذكر ابنها، وطالبت بالقصاص لدمائه من القاتل الذي أنهى حياته، وحرمهم وسنده لهم، باقي عمرهم.
التحقيقات تكشف تفاصيل القضية
وأفادت التحقيقات، بأن حارس العقار قام بطعن الطفل ٣ طعنات إحداهما بقلبه وفي جنبه وفي كتفه، حتى أسقطه قتيلا نتيجة لخلاف مع والد المجني عليه على ركنة سيارته أمام العقار.
وكان قسم شرطة بولاق الدكرور قد تلقى بلاغا بنشوب مشاجرة في منطقة صفط اللبن بين حارس عقار يدعى أبو عبدالله وطفل يدعي "محمود" ١٦ عاما، والذي أصيب بطعنة أسفل القلب، تم نقله إلى مستشفى قصر العيني ليتلقى العلاج.
وقال شهود عيان إن الخلاف كان بسبب ركنة سيارة والد المجني عليه أمام البرج، حيث بلغ الحارس الوالد بعدم ركن السيارة أمام العقار لأنها مخصصة لأصحابها، فاشتد الخلاف حتى أظهر الحارس مطواه من طيات ملابسه وقام بطعن الابن.
وأضاف الشهود العيان أن حارس العقار أخرج سلاح أبيض من جيبه وطعن الطفل بالصدر وفر هاربا، وتم نقله إلى مستشفى قصر العيني.
وانتقلت قوات الأمن إلى موقع الحادث وحرر محضر بالواقعة، وجاري القبض على حارس العقار.