ماراثون الحكومة ورجال الأعمال على "فلوس البنوك" فى عصر الكورونا

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


مولت نصف احتياجات الحكومة فى 2020

2.2 تريليون جنيه تستثمرها البنوك فى الأذون والسندات.. و1.1 تريليون تذهب للقطاع الخاص

صندوق النقد: التجارة فى ديون الحكومة تزاحم تمويلات القطاع الخاص

توقع أحدث تقرير لصندوق النقد الدولى، زيادة نسبة التمويلات الممنوحة من البنوك فى مصر للحكومة والقطاع العام (أذون وسندات الخزانة العامة) خلال السنوات المقبلة، وذلك مع ضعف توقعات الاستفادة من الأسواق الدولية.


وأشار التقرير الذى جاء تحت عنوان: «أربعة أسئلة عن مخاطر الدين والتمويل فى ظل فيروس كورونا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» إلى أن ذلك قد يتسبب فى مزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص، فى وقت تزداد فيه الحاجة الماسة لتمويل هذا القطاع، لتحفيز التعافى الاقتصادى.

وقال التقرير: إن الجائحة كانت سببا فى زيادة الاحتياجات التمويلية للدول، نتيجة للإجراءات التى اتخذتها لتحفيز الاقتصاد والتخفيف من آثار الفيروس، مما أدى إلى تفاقم مخاطر الديون، وحدوث طفرة فى حجمها، حيث نتج عن «كورونا» انهيار للنشاط الاقتصادى، وبالتالى خسائر فى الإيرادات العامة، وازدادت نسب العجز الأولى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمتوسط 7.5% من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2020، مع زيادة قدرها 7% فى نسب الدين إلى الناتج المحلى.

وأوضح التقرير أن التمويل المقدم من البنوك المحلية، كان له دور حيوى خلال المرحلة الأولى من الأزمة، مع اضطراب سوق السندات الدولية، حيث استعانت ثلث دول منطقة الشرق الأوسط بنسبة 25.5% فقط من الإصدارات الدولية.

ولفت إلى أن حكومات مصر والأردن وباكستان وتونس، قاموا بتغطية أكثر من 50% من إجمالى احتياجاتها التمويلية العامة فى 2020 من خلال التمويل من البنوك المحلية.

وتوقع التقرير ارتفاع إجمالى التمويلات التى تحتاجها الدول فى الشرق الأوسط إلى أكثر من تريليون دولار فى العام المالى 2021/2022، مقارنة مع 780 مليار دولار فى عام 2018/2019.

وتشير تقديرات تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمى الصادر عن الصندوق مؤخراً، إلى احتمال زيادة احتياجات الموازنات بنسبة 3% من إجمالى الناتج المحلى، فى ظل تشديد الأوضاع المالية العالمية، وتأخر عملية تصحيح أوضاع المالية العامة للدول بسبب طول فترة التعافى.

ورجح تقرير الصندوق زيادة نسبة التمويلات المقدمة من البنوك للديون الحكومية فى مصر وعمان وباكستان وتونس بنسبة تتراوح بين 10 إلى 23% مع نهاية عام 2022، فى حالة قيام البنوك المحلية بتمويل تلك الاحتياجات الزائدة، إلى جانب التمويل اللازم خلال الفترة 2021/2022.

ونتيجة لذلك، سترتفع نسبة استفادة الحكومة والقطاع العام من تمويلات البنوك فى مصر وباكستان، إلى النسبة الحالية فى لبنان البالغة 60% من أصول البنوك.

وبلغت قيمة استثمارات البنوك المصرية فى الأوراق المالية وأذون الخزانة 2.24 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2020، مقابل 1.6 تريليون جنيه فى ديسمبر 2019، بنسبة ارتفاع اقتربت من 30%، وفقا لأحدث بيانات البنك المركزى.

بينما ارتفعت قروض شركات القطاع الخاص بنسبة 19%، لتسجل 1.12 تريليون جنيه فى ديسمبر 2020، مقابل 892 مليار جنيه فى ديسمبر 2019.

وتعتبر البنوك الحكومية «الأهلى وبنك مصر وبنك القاهرة» هى أكبر البنوك المستثمرة فى أدوات الدين الحكومية، حيث تطرح وزارة المالية أسبوعيا أدوات دين تستخدمها فى مواجهة ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، مقابل فائدة محددة.

وتوجه البنوك جزءاً كبيراً من استثماراتها إلى أذون وسندات الخزانة، لأن معدل المخاطرة فيها صفر، مع التمتع بمعدل فائدة عالٍ، مقارنة بباقى الأنشطة الاستثمارية، وتشكل حوالى 50% من إيراداتها.

وفى عام 2019، أقرت الحكومة معالجة ضريبية جديدة أدت إلى فصل إيرادات عوائد الأذون وسندات الخزانة فى وعاء مستقل عن باقى إيرادات البنوك، ما ترتب عليه تحصيل مستحقات لخزانة الدولة عن تلك الاستثمارات، وكانت وزارة المالية تستهدف منها حصيلة تقدر بـ 10 مليارات جنيه سنوياً.

وحسب وحدة إدارة الديون بوزارة المالية، ارتفعت نسبة صافى إصدارات السندات المحلية إلى 110% بنهاية فبراير الماضى، متجاوزة الهدف البالغ 80% الذى أرادت الدولة وصوله بحلول شهر يونيو.

وفسر تقرير الصندوق هذه الزيادة بصعوبة فرص الحصول على التمويل الخارجى (القروض الأجنبية)، ما دفع الحكومات والشركات المملوكة للدولة للجوء للبنوك المحلية، بحيث بلغت أكثر من 45% فى الجزائر ومصر وباكستان من أصول البنوك، وذلك مقابل نسبة 12% فى الأسواق المتقدمة.

وأضاف الصندوق أن السيولة الزائدة لدى البنوك، وعدم النجاح فى جذب مزيد من المستثمرين بما فيه الكفاية، وعدم وجود قطاع خاص نشط، أدى إلى تشجيع البنوك على حيازة السندات الحكومية حتى يحين أجل استحقاقها، مما أعاق سيولة أسواق الدين المحلية وعطل تطورها. وطرح التقرير عدة سياسات تساعد الدول على الحد من مخاطر زيادة الديون والتمويلات المفرطة من البنوك للحكومة، أولها وضع استراتيجيات موثوقة ومعلنة بوضوح لإدارة أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط، والتخفيف من حدة مخاطر تطويل مدة آجل استحقاق الدين وإعادة دفع فوائده وأقساطه، مشيراً إلى أن تلك الاستراتيجيات تتطلب دقة فى التنسيق بين المسئولين عن القطاعات النقدية (البنك المركزي) والمالية (وزارة المالية) لصياغة رؤية مشتركة حول طاقة استيعاب الأسواق المالية المحلية. ثانى هذه السياسات هى تطوير البورصات المحلية، وتوسيع قاعدة المستثمرين بالتدريج، وزيادة الفرص المتاحة للبنوك لتنويع أصولها، وإحراز مزيد من التقدم فى مجال الشمول المالى.

وأخيراً أن تقوم الحكومات بإدخال تعديلات على القواعد والقوانين التنظيمية المصرفية والبنكية، لتقليل التحيز الحالى فى محافظ البنوك نحو السندات الحكومية.