لميس الحديدي.. جائزة الشجاعة الاستثنائية

العدد الأسبوعي

لميس الحديدي
لميس الحديدي


ربما تكون صديقتى لميس الحديدى هى المذيعة العربية الوحيدة التى تخشى أن تخطئ فى تشكيل كلمة باللغة العربية، رغم إجادتها للغتين العربية والإنجليزية بطلاقة، ولكن خشيتها من خطأ بسيط فى العربى تعود إلى احترامها وحبها العميق لوالدها الدكتور على الحديدى أحد أهم أستاذة اللغة العربية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، لا تخشى لميس أن تغضب أو تمس سيرة والدها فى اللغة فقط، ولكن فى كل مجالات الحياة، فلمن لايعرف لميس فهى فتاة ثم امرأة مصرية تعتز بأسرتها وعائلتها أو أصولها الريفية. تعرف الأصول والعيب وضرورة الحفاظ على اسمها وسيرتها عطرة لا تشوبها شائبة. ولم تغير لا الشهرة ولا السفر للخارج هذه الثوابت.

ولميس أخذت المهنة من تحت السلاح كما يقول المثل الشعبى. بدأت كصحفي متدرب فى صباح الخير وهى لا تزال طالبة بالجامعة الأمريكية ثم العالم اليوم وأصبحت صحفية اقتصادية بارعة. ثم عملت كمراسلة للعديد من المحطات التليفزيونية العربية والأجنبية. تعلمت كل تفاصيل شغلانة الإعلام. بعد كل ذلك بدأت ببرامجها الأول (اتكلم) فى التليفزيون المصرى، ثم توك شو (من قلب مصر) فى التليفزيون المصرى أيضا. ولكنها أثبتت من الحلقة الأولى أنها لن تعيش فى جلباب الحكومة. فكانت أول حلقة نقاشية حول التوريث فى مصر بحضور معارضين، واستمرت تقدم القضايا والأخبار أو بالأحرى الانفرادات ساخنة جدا. استطاعت لميس أن تنال الاعتراف بكفاءتها، خاصة ساعة الأخبار الأولى فى برامجها. أو القضايا الاقتصادية التى تبرع فيها.

وفى تحد جديد طورت لميس نوعا من البرامج الحوارية فى رمضان تجمع ما بين السياسى والفنان والكاتب والمهندس والعالم، فكانت المذيعة الأعلى سعرا فى رمضان.

ولو لم تكن لميس الحديدى صحفية وإعلامية قوية تملك كل أدوات المهنة لابتلعها النسيان بعد ثورة 25 يناير، حيث اتهمها الكثيرون أنها حزب وطنى واستضافت جمال مبارك أكثر من مرة، بل شاركت فى حملة الرئيس مبارك الانتخابية الأخيرة.

ولكن لميس استطاعت أن تعود إلى الشاشة وتصبح أقوى مذيعة فى مواجهة الإخوان، لم يتوقع الكثيرون أن تقوم امرأة بدور وطنى ضد جماعة إرهابية. راهنت لميس على الوطن فيما راهن البعض على مصلحته وأمسك العصا من الوسط.

كان برنامجها (هنا العاصمة) على شاشة فضائية الوطن منصة يومية لكشف فساد وألاعيب الإخوان. ومؤامراتهم لبيع مصر مرة لقطر وأخرى لتركيا. ولأنها كانت من الإعلاميين الأكثر تأثيرا فقد استهدفها الإخوان فى السر والعلن. كانت لميس على قوائم المستهدفين بالقتل، وفى السر اضطرت لميس للانتقال من منزلها يومين أو ثلاثة مع ابنها الوحيد مرات على أثر اكتشاف محاولات لقتلها أو خطفها أو خطف ابنها.

فى كل مرة كانت لميس تعود أقوى وأكثر تصميما على كشف أكاذيب الإخوان وجرائمهم، ولكنها لم تكشف عما تتعرض له أبدا. بالنسبة لها كان كل ما يحدث ثمنًا بسيطًا لأن نحافظ على حياتنا وبلدها التى نعرفها ولا نريد تشويهها أو تدميرها باسم الخلافة الإسلامية. وقد نالت لميس جائزة عربية مهمة لم تحصل عليها أى مذيعة مصرية. نالت لميس جائزة (مى شدياق) للشجاعة الاستثنائية. وهى جائزة تمنح للإعلاميين والناشطين الذين يواجهون خطرا داهما بسبب عملهم.

وفى تغريبة مهنية عملت لميس عاما على شاشة قناة الحدث العربية، فاستطاعت أن تدخل شاشة الحدث إلى بيوت مصرية كثيرة لم يكونوا يعلمون بوجود القناة الخبرية المتميزة جدا.

بالطبع تفخر لميس بحواراتها مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أو بالأحرى اختياره لها لهذه الحوارات، ولكننى أثق أن مهنية لميس ووطنيتها وشجاعتها مثلث الفخر فى مسيرتها المهنية.