نهاد أبوالقمصان.. محامية الست المصرية

العدد الأسبوعي

نهاد أبوالقمصان
نهاد أبوالقمصان


بدون أدنى مبالغة لم تتغير ملامح الحقوقية ونصيرة النساء نهاد أبوالقمصان منذ أول مرة رأيتها فيها، شابتان تسعيان لتحقيق الحلم.. أنا طالبة بإعلام القاهرة ومتدربة فى مجلة صباح الخير، وهى طالبة بحقوق القاهرة متحمسة لقضايا المرأة.

لا أقصد بالملامح الشكل الخارجى فقط، ولكن ملامح الشخصية.. كنا كشباب فى الثمانينيات من القرن الماضى تتأرجح أحلامنا وطموحاتنا، ومن ثم نتحير أمام المسارات المتعددة لتحقيق الحلم، ولكن نهاد كانت تنظر لمستقبلها بيقين تحسد عليه.. المستقبل هو حقوق المرأة.. كل حقوق النساء.. لم يغرها حرية الفكر أو الدفاع عن الغلابة وهم ملايين أو مكافحة الفساد، أو الدفاع عن استقلال القضاء..أو أو أو، كانت نهاد كمن ولدت تحمل حلم الدفاع عن المرأة المصرية، فسرى الحلم فى شريانها وتحت الجلد وفى العقل والقلب معا.

سنوات وسنوات طويلة وشاقة ونهاد تعافر فى كل الاتجاهات لتحقيق حلمها.. لم تصل للشهرة فى يوم وليلة أو حتى سنة أو عشر.

كرست حياتها لكل قضايا المرأة ونجحت فى ترسيخ مكانة مركزها الحقوقى للمرأة (المركز المصرى لحقوق المرأة) فحصدت الجوائز العالمية من أكثر من جهة على رأسها الأمم المتحدة، أما فى مصر فإن الحقوقيين لا يجدون الترحيب فما بالك بالتكريم. حتى عضوية المجلس القومى للمرأة لم تحصل عليها سوى مرة واحدة بعد ثورة 25 يناير.

فقبل الثورة كان العمل النسائى تحت مظلة السيدة سوزان مبارك، وكان المنافقون وهم كثر يسعون لإفساد أى عمل خارج تلك المظلة الرئاسية.

ولكن نهاد استطاعت أن تخترق كل العقبات والحواجز لتصل إلى فتيات ونساء لا تعرف عنهن لا الحكومة ولا المجتمع شيئا، رغم أنهن مصريات وولدن ويعيشن على أرض مصرية.

ذهبت نهاد إلى مناطق لا تعترف بتسجيل النساء، فعندما تولد الفتاة لا يتم استخراج شهادة ميلاد لها، والزواج فى هذه المناطق النائية عرفى، وعندما تموت تدفن دون شهادة وفاة. هؤلاء الفتيات والنساء كن محرومات من كل الحقوق.. بطاقة التموين وكافة أشكال الدعم.. البطاقة الشخصية.. التعليم.. اللجوء للمحاكم. بفضل جهودها أصبح لهؤلاء المصريات حقوقا مثل كل المواطنين.

أما حقوق المصريات فى قوانين الأحوال الشخصية فتلك قصة أخرى، قصة تكاد تكون قضية عمر نهاد.

هناك بالطبع الكثيرات من الحقوقيات وغيرهن لهن اهتمام بقضية الأحوال الشخصية، ولكن ما يميز نهاد هو العلم والخبرة، نهاد لا تتوقف عن المتابعة لكل ما يدور فى العالم عن حقوق المرأة والأم والزوجة.. نهاد ليست رد فعل لقانون أو إجراء، ولكنها موسوعة حية متحركة. ما أن يصدر إجراء أو تصريح أو مشروع قانون يخص المرأة حتى تجد نهاد جاهزة وبكل الوسائل.. ضيفة فى البرامج وكاتبة فى الصحف أو على صفحتها الخاصة الثرية جدا على الفيسبوك. فى كل الوسائل نجد نهاد جاهزة بالمقارنات بين وضعنا المزرى ووضع النساء فى الوطن العربى والعالم الإسلامى وكل دوله على هذه الأرض، مستعدة لمناقشة الفقه والشريعة بفهم سليم، وتبلور للنساء والرجال كل ذلك العلم بأسلوب سلسل ولطيف.

ولأن إيمانها بقضايا المرأة حقيقى وراسخ وعميق، فقد ساندت وزيرات ومسئولات وصحفيات بعلمها وخبرتها دون أن تسعى لوضع اسمها أو اسم مركزها. فالمهم هى المرأة وحقوقها.. شكرا نهاد لأنك نموذج نفتخر به، وآسفة لأننى أكتب عنك دون نصفك ورفيق عمرك حافظ أبوسعدة.