فسحتك في العيد.. فندق "الخديوي عباس بأسوان" جاهز لاستقبال رواده (صور)
قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، إن الفندق الذي انشأه الخديوي عباس حلمي الثاني، ويحمل اسم كتراكت بأسوان والمشهور عالميًا والمسجل أثر بالقرار الوزاري رقم 262 لسنة1999م، جاهز لاستقبال رواده في عيد الفطر المبارك.
وتابع ريحان في تصريحات خاصة إلى الفجر، أن الفندق من أجمل فنادق أسوان يحتضن ضفة النيل الشرقية بمدينة أسوان التاريخية ويقبع علي كتل من الصخر الجرانيتي الضخم ويواجهه غربًا منطقة أثرية وجزيرة إلفنتين.
وقد أنشأه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1889 ليكون نزلًا ومقرًا لاستضافة الرؤساء والزعماء والملوك العرب والأجانب كي يشهدوا وضع حجر أساس خزان أسوان.
وأضاف بأن فكرة إنشاء الفندق بدأت في أواخر القرن الـ19 مع امتداد السكك الحديدية إلى جنوب مصر حيث زادت أعداد السياح لزيارة مدينة أسوان والتمتع بآثارها وجوها الشتوي المشمس.
وبُنى الفندق على الطراز الفيكتوري، حيث كان الطابع الإنجليزي غالبًا على الطراز المعماري لهذه الفترة التي احتل فيها الإنجليز مصر، ويستوحى فندق كتراكت اسمه من التقاء النهر بالحاجز الجرانيتي، حيث ينشئ أول شلال على النيل وهو يجمع ما بين الطابع الفيكتوري والأصالة والطابع الإسلامى
وأوضح أن الخديوي عباس حلمي حضر حفل افتتاح المطعم الرئيسي في 10 ديسمبر عام 1902 كما حضر ديوك كونوت الابن الثالث للملكة فيكتوريا واللورد وليدي كرومر والسير ونستون تشرشل، وعدد كبير من رجال الدولة والوزراء، وكان أغاخان الثالث الزعيم الهندي، أشهر نزلاء الفندق كل عام للعلاج من مرض الروماتيزم، وكانت أولى زياراته للفندق عام 1937 حيث قضى شهر العسل في الجناح الجنوبي في الدور الثاني، وكان قد طلب أن يدفن في أسوان، وفي عام 1957 تم بناء قبره بجانب الفندق، وقد استغرق بناءه نحو عامين ويستطيع الضيوف أن يروه من شرفة الفندق.
ومن هذا المنطلق كانت الدراسة الأثرية للآثارى حسن محمد جبر مدير البحث العلمي لمناطق آثار مصر العليا بوزارة السياحة والآثار باحث دكتوراه للمعالم المعمارية والزخرفية للفندق والذى يؤكد أن الفندق كان يسع وقت إنشاؤه 60 نزيل ثم زاعت بعد ذلك شهرة الفندق عالميًا وازدادت حجراته حتي أصبح به 131 حجرة وجناح
وأضاف الآثارى حسن محمد جبر أن الفندق بنى بالطوب الأحمر والحجر الرملي والحجر الجرانيتي الذى استخدم فى الأساسات ويظهر ذلك بوضوح في البدروم أمّا الحجر الرملي فقد استخدم في ساحات واسعة من المبني خاصة في الدور الأرضي والأول العلوي، واستخدم الطوب الأحمر في الدور الثاني العلوي في بعض المناطق المتفرقة مثل العقود والأعتاب بالنوافذ والأبواب وكذلك في الأسقف بطريقة رص الطوب وضفرة بين الكمرات الحديدية التي تحمل البناء أمّا المونة المستخدمة في البناء فكانت خليط من الجير المطفي والرمل والأسمنت الأبيض بنسب متفاوتة وحديثًا تم استخدام الأسمنت.
ونوه الآثارى حسن محمد جبر إلى أن الفندق محاط بسور من الخارج مدخله بالجهة الشرقية يؤدي الي ممر مستطيل علي جانبية أشجار تاريخية نادرة ويفضي هذا الممر الي مبني الفندق الأثري، وللفندق واجهتين رئيسيتين هما الواجهة الشرقية التي تطل علي الشارع الرئيسي (شارع الفنادق) وتتقدمها مشايات طويلة ونافورات وأشجار زينة وزهور، والواجهة الرئيسية الأخري هي الواجهة الغربية التي تطل بدورها علي النيل مباشرة ويتدقدمها التراس الرئيسي للفندق وكذلك الأشجار النادرة التاريخية والحدائق وحمام السباحة الخاص بالفندق، والفندق مكون من ثلاثة طوابق يتم الوصول إليها عن طريق سلالم داخلية من الخشب بعضها يرجع إلى تاريخ إنشاء الفندق ويزين واجهات الفندق من الخارج نوافذ طولية مزخرفة بأفاريز جصية وشرفات وظلات خشبية محمولة علي توابيل ودعامات خشبية رشيقة.
وأوضح الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن العناصر المعمارية بالفندق تنوعت ما بين عقود أندلسية ذات تأثيرات مغربية إضافة الي الدعامات الضخمة التي ترتكز عليها هذه العقود ويوجد قبتين تغطيان سقف المطعم الشرقي مزخرفتين بزخارف نباتية وهندسية ومقرنصات وأطباق نجمية واشكال معينات، ويضم الفندق تحف خشبية ونحاسية وفضية.
وترتكز قبة المطعم الرئيسية وهى القبة الخشبية الضخمة علي عشرة عقود متفاوتة الشكل والحجم مابين العقد المدبب والمخموس والنصف دائري وقد ارتفع البناء فوق هذه العقود وزخرف بإفاريز خشبية من المقرنصات والدلايات الخشبية يليها تجاليد خشبية يتوسطها مساحة مربعة قد زخرفت بالمعينات والمربعات والأشكال الهندسية ويلي الأضلاع المثمنة الشكل الدائري بارتفاع ق 30 سم.
وقد زخرفت بالأفاريز الخشبية والمقرنصات ويعلو الشكل الدائري 16 نافذة معقودة بداخلها زخارف من الخشب والزجاج الملون يليها طاقية القبة التي تزين هذا الارتفاع الشاهق ويتدل من أعلي وسط القبة وكذلك من منطقة الانتقال عدة مشكاوات عبارة عن نجوم متداخلة مطعمة بالفصوص ذات الألوان المتناغمة وقد تدلت من القبة الشاهقة الضخمة بشكل انسيابي جميل.
ولفت الدكتور ريحان إلى ملحقات الفندق والتى تشمل التراس وهى جلسة رائعة تشرف على النيل من أعمدة خشبية على الطراز الأوروبى، والجناح الرئاسى وكان يطلق عليه الجناح الملكي وبعد التطوير الأخير سمي بالرئاسي ويضم وحدات إضاءة متنوعة مابين نجف وأباجورات ذات قيمة تاريخية علاوة على السلم الملكي وسمي بذلك لأنه من تاريخ إنشاء الفندق وهو عبارة عن عدد من القلبات الخشبية وما يزال بحالتة الإنشائية الجيدة.
كما يضم مقتنيات أثرية منها كونسولات خشبية وأباليك وصواني نحاسية وأباريق ذات أحجام ضخمة وأواني فضية وخناجر وسيوف ومكاتب وكراسي خيزران إضافة إلى حجر الأساس الذي نقش عليه تاريخ إنشاء الفندق.
وأشار الدكتور ريحان إلى أعمال تطوير وتجديد للفندق بدأت عام 2008 واستمرت لمدة 3 سنوات، لإعادة الفندق كواجهة لمدينة أسوان، حيث تمت عملية تطوير وتجديد شاملة من أجل إعادة الفندق إلى مكانته التي كان عليها من قبل، وتعتبر أكبر وأهم عملية تطوير وتجديد حدثت للفندق العريق على مدار تاريخه، لإنقاذه من الانهيار وظهوره بإطلالة جديدة تليق بفندق أسطوري وصمم الديكور على يد مصممة الديكور العالمية وفنانة المعمار الفرنسية "سيبيل دى مارجيري".
وشهد الفندق تصوير فيلم جريمة على نهر النيل المقتبس من رواية غموض تأليف أجاثا كريستي وقد كتبتها في نفس الفندق علاوة على مسلسل جراند أوتيل الذى عرض عام 2016 وتم إنتاجه في مصر وتصويره في الفندق.